للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فتحقق الجزائية لصحة كون الإرضاء سببًا لكونه عامدًا إلى أسد من أسد الله معطيًا سلب مقتوله غير القاتل فقالوا: الظاهر أن الحديث لاها الله ذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله فصحفها بعض الرواة ثم نقلت الرواية المصحفة كذلك. وأجاب أبو جعفر الغرناطي بأن إذا جواب شرط مقدر يدل عليه قوله صدق فأرضه فكأن أبا بكر قال: إذا صدق في أنه صاحب السلب إذًا لا يعمد إلى السلب فيعطيك حقه فالجزاء على هذا صحيح لأن صدقه سبب أن لا يفعل ذلك، وقال الدار الحديثي: لا يجب أن يلازم ذا ها القسم كما لا يجب أن يلازم غيرها من حروفه وتحقيق الجزائية بإذًا لا يعمد صحيح إذ معناه إذا صدق أسد غيرك لا يعمد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى إبطال حقه وإعطاء سلبه إياك. وقال الطيبي: هو كقولك لمن قال لك افعل كذا فقلت له والله إذًا لا أفعل فالتقدير إذًا لا يعمد إلى أسد إلخ قال: ويحتمل أن تكون إذا زائدة كما قال أبو البقاء اهـ.

نعم في رواية غير أبي ذر وابن عساكر إذا يعمد بإسقاط لا وحينئذٍ فلا إشكال كما لا يخفى، ويأتي الحديث إن شاء الله تعالى في المغازي.

(فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: صدق) أي أبو بكر (فأعطاه) أي أعطى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبا قتادة الدرع وكان الأصل أن يقول أعطاني لكنه عدل إلى الغيبة التفاتًا وتجريدًا وإنما أعطاه لعلمه أنه القاتل بطريق من الطرق فلا يقال أعطاه بقرار من في يده السلب لأن المال منسوب لجميع الجيش فلا اعتبار بقراره

قال أبو قتادة (فبعت الدرع) بكسر الدال وسكون الراء فاشتراه منه حاطب بن أبي بلتعة بسبع أواق (فابتعت) أي اشتريت (به مخرفًا) بفتح الميم وكسر الراء وبفتحها لأبي ذر مع إسقاط لفظ به أي بستانًا لأنه يخترف منه الثمر أي يجتنى (في بني سلمة) بكسر اللام قوم أبي قتادة وهم بطن من الأنصار (فإنه لأول مال تأثلته) بمثناة فوقية فهمزة مفتوحة فمثلثة مشددة فلام ساكنة ففوقية أي تكلفت جمعه (في الإسلام) واستدلّ به على أن السلب لا يخمس فيعطى للقاتل أولاً من الغنيمة ثم المؤن اللازمة كأجرة الحمال والحارس ثم يقسم الباقي خمسة أسهم متساوية.

١٩ - باب مَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْخُمُسِ وَنَحْوِهِ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

(باب ما كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعطي المؤلّفة قلوبهم) وهم من أسلم ونيته ضعيفة أو كان يتوقع بإعطائه إسلام نظرائه (وغيرهم) ممن تظهر له المصلحة في إعطائه (من الخمس ونحوه) الخراج والفيء والجزية (رواه) أي ما ذكر (عبد الله بن زيد) الأنصاري المازني في حديثه الطويل المروي موصولاً في المغازي (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).

٣١٤٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى. قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ الْعَطَاءَ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الْفَىْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى تُوُفِّيَ".

وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي قال: (حدّثنا الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير) بن العوّام (أن حكيم بن حزام) بحاء مهملة فزاي معجمة وكان من المؤلّفة (-رضي الله عنه-) أنه (قال: سألت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأعطاني ثم سألته فأعطاني) مرتين (ثم قال لي):

(يا حكيم إن هذا المال خضر) بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: خضرة بالتأنيث باعتبار الأنواع أو تقديره كالفاكهة الخضرة (حلو) بالتذكير فشبه المال في الرغبة فيه بها فإن الأخضر مرغوب فيه من حيث النظر والحلو من حيث الذوق فإذا اجتمعا

زادا في الرغبة (فمن أخذه) ممن يدفعه (بسخاوة نفس) منشرحًا بدفعه فالسخاوة راجعة إلى المعطي أو ترجع إلى الآخذ أي من أخذه بغير حرص وطمع (بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس) بأن تعرض له (لم يبارك له فيه. وكان كالذي) به الجوع الكاذب (يأكل ولا يشبع) ويسمى بجوع الكلب كلما ازداد أكلاً ازداد جوعًا (واليد العليا) بضم العين مقصورًا المنفقة أو المتعففة (خير من اليد السفلى) الآخذة.

(قال حكيم: فقلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزًأ أحدًا) بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح الزاي آخره همزة أي لا أنقص مال أحد بالأخذ منه (بعدك) أي بعد سؤالك أو غيرك

<<  <  ج: ص:  >  >>