للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبي قال):

(من قام ليلة القدر) حال كون قيامه (إيمانًا) تصديقًا (واحتسابًا) طلبًا للأجر (غفر له ما تقدم من ذنبه). وعند أحمد في مسنده برجال ثقات لكن فيه انقطاع من حديث عبادة بن الصامت مرفوعًا: "ليلة القدر في العشر البواقي من قامهنّ ابتغاء حسبتهن فإن الله يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" الحديث. (ومن صام رمضان) حال كون صيامه (إيمانًا) مصدّقًا بوجوبه (واحتسابًا) قال الخطابي: أي عزيمة وهو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه طيبة به نفسه غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه (غفر له ما تقدم من ذنبه) زاد الإمام أحمد من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة (وما تأخر) وقد رواه جماعة منهم مسلم وليس فيه: وما تأخر، لكن رواه النسائي في السنن الكبرى من طريق قتيبة بن سعيد بلفظ: قام شهر رمضان وفيه وما تأخر ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. وقد تابع قتيبة جماعة وقوله من ذنبه اسم جنس مضاف فيعم جميع الذنوب إلا أنه مخصوص عند الجمهور بالصغائر.

٧ - باب أَجْوَدُ مَا كَانَ النَّبِيُّ يَكُونُ فِي رَمَضَانَ

هذا (باب) بالتنوين (أجود ما كان النبي يكون في رمضان).

قال ابن الحاجب في أمالي المسائل المتفرقة: الرفع في أجود هو الوجه لأنك إن جعلت في كان ضميرًا يعود إلى النبي لم يكن أجود بمجرده خبرًا لأنه مضاف إلى ما يكون فهو كون ولا يستقيم الخبر بالكون عما ليس بكون. ألا ترى إنك لا تقول زيد أجود ما يكون فيجب أن يكون إما مبتدأ خبره قوله في رمضان من باب قولهم أخطب ما يكون الأمير قائمًا وأكثر شربي السويق في يوم الجمعة فيكون الخبر الجملة بكمالها كقولك كان زيد أحسن ما يكون في يوم الجمعة، وإما بدلاً من الضمير في كان فيكون من بدل الاشتمال كما تقول كان زيد علمه حسنًا، وإن جعلته ضمير الشأن تعين رفع أجود على الابتداء والخبر وإن لم تجعل في كان ضميرًا تعين الرفع على أنه اسمها والخبر محذوف وقامت الحال مقامه على ما تقرر في باب أخطب ما يكون الأمير قائمًا وإن شئت جعلت في رمضان هو الخبر كقولهم: ضربي في الدار لأن المعنى الكون الذي هو أجود الأكوان حاصل في هذا الوقت فلا يتعين أن يكون من باب أخطب ما يكون الأمير قائمًا اهـ.

١٩٠٢ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ".

وبالسند قال (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري المدني نزيل بغداد قال: (أخبرنا ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) بضم عين الأول مصغرًا والثالث مع سكون الفوقية ابن مسعود الهذلي المدني (أن ابن عباس قال):

(كان النبي أجود الناس)، أسخاهم (بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان) لأنه شهر يتضاعف فيه ثواب الصدقة وما مصدرية أي أجود أكوانه يكون في رمضان (حين يلقاه جبريل) وهو أفضل الملائكة وأكرمهم (وكان جبريل يلقاه كل ليلة) ولابن عساكر: في كل ليلة (في رمضان) منذ أنزل عليه أو من فترة الوحي إلى آخر رمضان الذي توفي بعده رسول الله (حتى ينسلخ. يعرض عليه النبي القرآن) بعضه أو معظمه (فإذا لقيه) (جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة) يحتمل أن يكون زيادة الجود بمجرد لقاء جبريل ومجالسته، ويحتمل أن يكون بمدارسته إياه القرآن وهو يحث على مكارم

الأخلاق، وقد كان القرآن له خلقًا بحيث يرضى لرضاه ويسخط لسخطه ويسارع إلى ما حث عليه ويمتنع مما زجر عنه، فلهذا كان يتضاعف جوده وإفضاله في هذا الشهر لقرب عهده بمخالطة جبريل وكثرة مدارسته له هذا الكتاب الكريم ولا شك أن المخالطة تؤثر وتورث أخلاقًا من المخالط، لكن إضافة آثار ذلك إلى القرآن كما قال ابن المنير آكد من إضافتها إلى جبريل بل جبريل إنما تميز

<<  <  ج: ص:  >  >>