بعدها فاء حاذق فطن (فيرحل) بالراء والحاء
المهملة (من عندهما سحرًا) وقال الكرماني وفي بعضها فيدخل بالدال المهملة والخاء المعجمة أي مكة متوجهًا إليها من عندهما بحرًا (فيصبح مع قريش بمكة كبائت) معهم بمكة (فلا يسمع) منهم (أمرًا يكادان) بضم التحتية أي يمكران (به إلا وعاه) حفظه وضبطه (حتى يأتيهما بخبر ذلك) الذي سمع منهم من الكيد الذي يريدون فعله (حين يختلط الظلام ويرعى عليهما) صلّى الله وسلم عليهما (عامر بن فهيرة) بضم الفاء وفتح الهاء وسكون التحتية بعدها راء (مولى أبي بكر) -رضي الله عنهما- وكان عامر أحد السابقين لىإ الإسلام ممن عذب في الله (منحة من غنم) بكسر الميم وسكون النون بعدها حاء مهملة شاة يعطيها الرجل غيره ليحلبها ثمّ يردها إليه (فيريحها) بالحاء المهملة فيردها إلى المراح (عليهما) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فيريحه بتذكير الضمير أي يريح الذي يرعاه على رسول الله وأبي بكر -رضي الله عنه- (حين تذهب ساعدة من العشاء فيبيتان في رسلها) بكسر الراء وسكون السين المهملة أي لبن المنحة (حتى ينعق) بتحتية مفتوحة فنون ساكنة فعين مهملة فقاف أي يصيح (بها) بالمنحة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي رسلهما وبهما بالتثنية فيهما (عامر بن فهيرة بغلس) في ظلمة آخر الليل (يفعل ذلك كل ليلة من تلك الليالي الثلاث).
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله متقنعًا وسبق بهذا الإسناد مختصرًا في باب استئجار المشركين عند الضرورة من كتاب الإجارة ومطوّلاً جدًّا في باب هجرة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لكن عن يحيى بن بكير عن الليث عن عقيل.
١٧ - باب الْمِغْفَرِ
(باب المغفر) بكسر الميم وسكون الغين المعجمة وفتح الفاء بعدها راء. قال في القاموس: زرد من الدروع يلبس تحت القلنسوة أو حلق يتقنع بها المتسلح.
٥٨٠٨ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ.
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: (حدّثنا مالك) إمام الأئمة الأصبحي -رحمه الله تعالى- (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دخل عام الفتح) ولأبي ذر عن الكشميهني دخل مكة عام الفتح (وعلى رأسه) الشريف (المغفر) الواو في وعلى للحال وفي حديث جابر أنه دخل وعلى رأسه عمامة سوداء وجمع بينهما باحتمال أن أحدهما كان فوق الآخر أو دخل أوّلاً وعليه المغفر ثم نزعه ولبس العمامة السوداء في بقية دخوله والله أعلم.
وهذا الحديث سبق في الحج والجهاد.
١٨ - باب الْبُرُودِ وَالْحِبَرَةِ وَالشَّمْلَةِ
وَقَالَ خَبَّابٌ: شَكَوْنَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ.
(باب البرود) بضم الموحدة جمع برد بضم فسكون قال في القاموس البرد بالضم ثوب مخطط الجمع أبراد وأبرد وبرود وأكسية يلتحف بها الواحدة بهاء (والحبرة) بكسر الحاء المهملة وفتح الموحدة بعدها راء كعنبة ضرب من برود اليمن الجمع حبر وحبرات وبائعها حبريّ لا حبار قاله الشيرازي (والشملة) بفتح الشين المعجمة وسكون الميم كساء دون القطيفة يشتمل به (وقال خباب) بخاء معجمة مفتوحة فموحدتين الأولى مشددة بينهما ألف ابن الأرتّ -رضي الله عنه- فيما مر موصولاً مطوّلاً في باب ما لقي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه بمكة (شكونا إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من المشركين وأذاهم (وهو متوسد بردة له) الحديث.
٥٨٠٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِىٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِىٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِى مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِنْدَكَ؟ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ ضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ.
وبه قال (حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) هو ابن أنس الإمام (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن) عمه (أنس بن مالك) -رضي الله عنه- أنه (قال: كنت أمشي مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عليه برد نجراني) بنون مفتوحة فجيم ساكنة فراء مفتوحة وبعد الألف نون فياء نسبة لبلدة باليمن (غليظ الحاشية) وفي رواية الأوزاعي رداء (فأدركه أعرابي) لم يسم (فجبذه) بتقديم الموحدة على المعجمة (بردائه) قال في التنقيح صوابه ببرده لقوله أوّله عليه برد نجراني غليظ الحاشية وهذا لا يسمى رداء، وتعقبه في المصابيح فقال: ما أدري ما الذي يمنع من أنه كان عليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- برد ارتدى به فأطلق عليه الرداء بهذا الاعتبار اهـ.
وقد سبق أن في رواية