وإتقانه يدل على حكمته وبقاؤه يدل على قدرته (ثم قام) ﷺ (فتوضأ واستن) استاك (ثم صلّى إحدى عشرة ركعة) وفي آخر سورة آل عمران فصلّى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم أوتر بواحدة، والحاصل أنها ثلاث عشرة (ثم أذن بلال بالصلاة فصلى ركعتين ثم خرج فصلّى للناس أصبح).
والحديث سبق بآل عمران.
٢٨ - باب قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصافات: ١٧١]
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (﴿ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين﴾) الكلمة قوله: إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون وسماها كلمة وهي كلمات لأنها لما انتظمت في معنى واحد كانت في حكم كلمة مفردة، والمراد بها القضاء المتقدم منه قبل أن يخلق خلقه في أم الكتاب الذي جرى به القلم بعلو المرسلين على عدوّهم في مقادم الحجاج وملاحم القتال في الدنيا وعلوهم عليهم في الآخرة، وعن الحسن ما غلب نبي في حرب. والحاصل إن قاعدة أمرهم وأساسه والغالب منه الظفر والنصرة وإن وقع في تضعيف ذلك شوب من الابتلاء والمحنة والعبرة للغالب.
٧٤٥٣ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ إِنَّ رَحْمَتِى سَبَقَتْ غَضَبِى».
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال):
(لما قضى الله) ﷿ (الخلق) أي لما أتمه (كتب) أثبت في كتاب (عنده فوق عرشه إن رحمتي سبقت غضبي).
قال في الكواكب فإن قلت: صفاته تعالى قديمة فكيف يتصوّر السبق بينهما؟ قلت: هما من صفات الفعل لا من صفات الذات فجاز سبق أحد الفعلين الآخر، وذلك لأن إيصال الخير من مقتضيات صفته بخلاف غيره فإنه بسبب معصية العبد. وقال في فتح الباري: أشار أي البخاري إلى ترجيح القول بأن الرحمة من صفات الذات لكون الكلمة من صفات الذات، فمهما استشكل في إطلاق السبق في صفة الرحمة جاء مثله في صفة الكلمة، ومهما أجيب به عن قوله سبقت كلمتنا حصل به الجواب عن قوله: سبقت رحمتي قال: وقد غفل عن مراده من قال دل وصف الرحمة بالسبق على أنها من صفات الفعل.
والحديث أخرجه النسائي في النعوت.
٧٤٥٤ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ ﵁ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: «إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيُؤْذَنُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَيَكْتُبُ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَشَقِىٌّ أَمْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى لَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا».
وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي أياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان قال: (سمعت زيد بن وهب) الجهني هاجر ففاتته رؤيته ﷺ قال: (سمعت عبد الله بن مسعود ﵁ حدّثنا) ولأبي ذر عن الكشميهني قال وله عن الحموي والمستملي يقول حدّثنا (رسول الله ﷺ وهو الصادق) في نفسه (المصدوق) فيما وعده به ربه.
(إن خلق أحدكم) قال أبو البقاء لا يجوز في أن إلا الفتح لأن ما قبله حدّثنا قال البدر الدماميني: بل يجوز الأمر إن الفتح والكسر أما الفتح فلما قال وأما الكسر فإن بنينا على مذهب الكوفيين في جواز الحكاية بما فيه معنى القول دون حروفه فواضح وإن بنينا على مذهب البصريين وهو المنع نقدّر قولاً محذوفًا يكون ما بعده محكيًّا به فتكسر همزة إن حينئذٍ بالإجماع والتقدير حدّثنا فقال إن خلق أحدكم (يجمع) بضم أوّله وفتح ثالثه أي ما يخلق منه وهو النطفة تقر وتخزن (في بطن أمه أربعين يومًا وأربعين ليلة) ليتخمر فيها حتى يتهيّأ للخلق (ثم يكون علقة) دمًا غليظًا جامدًا (مثله) مثل ذلك الزمان وهو أربعون يومًا وأربعون ليلة (ثم يكون مضغة) قطعة لحم قدر ما يمضغ (مثله ثم يبعث إليه الملك) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ثم يبعث الله الملك الموكل بالرحم في الطور الرابع حين يتكامل بنيانه وتتشكل أعضاؤه (فيؤذن بأربع كلمات) يكتبها (فيكتب) من القضايا المقدرة في الأزل (رزقه) كل ما يسوقه إليه مما ينتفع به كالعلم والرزق حلالاً وحرامًا قليلاً وكثيرًا (وأجله) طويلاً أو قصيرًا (وعمله) أصالح أم لا (وشقي أم سعيد) حسبما اقتضته حكمته وسبقت كلمته وكان من حق الظاهر أن يقال سعادته وشقاوته فعدل عنه إما حكاية لصورة ما يكتبه لأنه يكتب شقي أو سعيد، أو التقدير أنه