مباحثها، وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي بألفاظ مختلفة وأسانيد متغايرة.
٣٥ - باب الأَسْوَاقِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَتَبَايَعَ بِهَا النَّاسُ فِي الإِسْلَامِ
(باب) جواز التبايع في (الأسواق التي كانت في الجاهلية) قبل الإسلام (فتبايع بها الناس في الإسلام) لأن أفعال الجاهلية ومواضع المعاصي لا يمتنع أن يفعل فيها الطاعات قاله ابن بطال.
٢٠٩٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "كَانَتْ عُكَاظٌ وَمَجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الإِسْلَامُ تَأَثَّمُوا مِنَ التِّجَارَةِ فِيهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ، قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَذَا".
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني، وسقط لابن عساكر ابن عبد الله قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن عمرو) ولأبي ذر: زيادة ابن دينار (عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كانت عكاظ) بضم المهملة وتخفيف الكاف وبعد الألف ظاء معجمة (ومجنة) بكسر الميم وفتحها وفتح الجيم وتشديد النون غير منصرفين ولغير أبي ذر بالصرف فيهما (وذو المجاز) بفتح الميم والجيم وبعد الألف زاي (أسواقًا في الجاهلية، فلما كان الإسلام تأثموا من التجارة فيها) أي تحرجوا من الإثم وكفوا والجار والمجرور متعلق بالإثم وهو حال أي حاصلاً من التجارة أو بيان أي الإثم الذي هو التجارة. والمعنى احترزوا عن الإثم من جهة التجارة، (فأنزل الله) عز وجل ({ليس عليكم جناح}) [البقرة: ١٩٨] (في مواسم الحج) زاد ابن عساكر: {أن تبتغوا فضلاً من ربكم} (قرأ ابن عباس كذا) أي بزيادة في مواسم الحج. قال الحافظ العماد ابن كثير: وهكذا فسره مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة ومنصور بن المعتمر وقتادة وإبراهيم النخعي والربيع بن أنس وغيرهم.
وهذا الحديث قد سبق في كتاب الحج.
٣٦ - باب شِرَاءِ الإِبِلِ الْهِيم أَوِ الأَجْرَب الْهَائِمُ: الْمُخَالِفُ لِلْقَصْدِ فِي كُلِّ شَىْءٍ
(باب شراء الإبل الهيم) بكسر الهاء وسكون التحتية جمع أهيم وهيماء قال ذو الرمة:
فأصبحت كالهيماء لا الماء مبرد ... صداها ولا يقضي عليها هيامها
وهي الإبل التي بها الهيام وهو داء يشبه الاستسقاء تشرب منه فلا تروى.
وقال في القاموس: والهيم بالكسر الإبل العطاش، والهيام العشاق الموسوسون وكسحاب ما لا يتمالك من الرمل فهو ينهال أبدًا أو هو من الرمل ما كان ترابًا دقاقًا يابسًا ويضم، ورجل هائم وهيوم متحير وهيمان عطشان، والهيام بالضم كالجنون من العشق والهيماء المفازة بلا ماء وداء يصيب الإبل من ماء تشربه مستنقعًا فهي الجمع ككتاب. (أو الأجرب) بالجر عطفًا على سابقه أي وشراء الأجرب من الإبل.
واستشكل التعبير بالأجرب لأن المعتبر إما معنى الجمع فلا يوصف بالأجرب وإما المفرد فلا يوصف بالهيم. وأجيب: بأنه اسم جنس يحتمل الأمرين.
واستشكل أيضًا بأن تأنيثه لازم والصحيح أن يقال الجرباء أو الجرب بلفظ الجمع. وأجيب: بأنه على تقدير تسليم لزوم التأنيث فهو عطف على نفسها لا على صفتها وهو الهيم قاله الكرماني والبرماوي وللنسفي والأجرب من غير همزة.
قال المؤلّف مفسرًا لقوله "الهيم" (الهائم المخالف للقصد في كل شيء) كأنه يريد أن بها داء الجنون، واعترضه ابن المنير كابن التين بأن الهيم ليس جمعًا لهائم، وأجاب في المصابيح بأنه لِمَ لا يجوز أن يكون كبازل وبزل ثم قلبت ضمة هيم لتصح الياء كما فعل بجمع أبيض.
٢٠٩٩ - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ بنُ عبدِ اللهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: قَالَ عَمْرٌو: "كَانَ هَا هُنَا رَجُلٌ اسْمُهُ نَوَّاسٌ، وَكَانَتْ عِنْدَهُ إِبِلٌ هِيمٌ، فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- فَاشْتَرَى تِلْكَ الإِبِلَ مِنْ شَرِيكٍ لَهُ، فَجَاءَ إِلَيْهِ شَرِيكُهُ فَقَالَ: بِعْنَا تِلْكَ الإِبِلَ. فَقَالَ: مِمَّنْ بِعْتَهَا؟ فَقَالَ: مِنْ شَيْخٍ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: وَيْحَكَ، ذَاكَ وَاللَّهِ ابْنُ عُمَرَ. فَجَاءَهُ فَقَالَ: إِنَّ شَرِيكِي بَاعَكَ إِبِلاً هِيمًا وَلَمْ يَعْرِفْكَ. قَالَ: فَاسْتَقْهَا. قَالَ فَلَمَّا ذَهَبَ يَسْتَاقُهَا فَقَالَ: دَعْهَا، رَضِينَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَا عَدْوَى". سَمِعَ سُفْيَانُ عَمْرًا. [الحديث ٢٠٩٩ - أطرافه في: ٢٨٥٨، ٥٠٩٣، ٥٠٩٤، ٥٧٥٣، ٥٧٧٢].
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني وسقط لغير أبوي ذر والوقت ابن عبد الله قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: قال عمرو) هو ابن دينار: (كان هاهنا رجل اسمه نوّاس) بفتح النون وتشديد الواو وبعد الألف سين مهملة، وللقابسي كما في الفتح نواس بكسر النون والتخفيف، وللكشميهني نوّاسي كالرواية الأولى لكنه بزيادة ياء النسب المشددة، (وكانت عنده إبل هيم فذهب ابن عمر -رضي الله عنهما- فاشترى تلك الإبل) الهيم (من شريك له) لم يسم (فجاء إليه) أي إلى نواس (شريكه فقال: بعنا تلك الإبل) الهيم (فقال) نواس (ممّن بعتها؟ قال) ولأبي ذر فقال (من شيخ) صفته (كذا وكذا. فقال) نوّاس: (ويحك) كلمة توبيخ تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها (ذاك والله ابن عمر فجاءه) أي فجاء نواس ابن عمر (فقال: إن شريكي باعك إبلاً هيمًا ولم يعرفك) بفتح التحتية وسكون المهملة، وللحموي والمستملي: ولم يعرّفك بضم التحتية وفتح المهملة وتشديد الراء من التعريف أي لم يعلمك أنها هيم. (قال) أي ابن عمر لنوّاس