بمكة من يدفع الله به عن أهله وماله ولم يكن لي أحد فأحببت أن أتخذ عندهم يدًا) كلمة أن مصدرية في محل نصب مفعول أحببت (فصدقه النبي ﷺ. قال): ولأبي ذر فقال (عمر) بن الخطاب ﵁ يا رسول الله (دعني أضرب عنقه) بجزم أضرب (فإنه قد نافق) قال ذلك لأنه والى كفار قريش وباطنهم وإنما فعل ذلك حاطب متأوّلاً في غير ضرر وقد علم الله منه صدق نيته فنجّاه من ذلك. (فقال) ﵊: (ما) ولأبوي الوقت وذر وما (يدريك لعل الله اطّلع على أهل بدر) فقال: (اعملوا ما شئتم). أي: فقد غفرت ذنوبكم السالفة وتأهلتم أن يغفر لكم ذنوب مستأنفة إن وقعت منكم ومعنى الترجّي كما قاله النووي راجع إلى عمر ﵁ لأن وقوع هذا الأمر محقق عند
النبي ﷺ. (فهذا) أي قوله: اعملوا ما شئتم (الذي جرّأه). أي جسر عليًّا ﵁ على الدماء.
وهذا الحديث قد مرّ في باب الجاسوس من غير هذه الطريق بدون قول أبي عبد الرحمن السلمي لابن عطية.
١٩٦ - باب اسْتِقْبَالِ الْغُزَاةِ
(باب استقبال الغزاة) أي عند رجوعهم من غزوهم.
٣٠٨٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَحُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لاِبْنِ جَعْفَرٍ ﵃: أَتَذْكُرُ إِذْ تَلَقَّيْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَنَا وَأَنْتَ وَابْنُ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَحَمَلَنَا وَتَرَكَكَ".
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن أبي الأسود) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ابن الأسود وهو عبد الله بن محمد بن حميد ابن أخت عبد الرحمن بن مهدي الحافظ وحميد جدّ عبد الله يكنى أبا الأسود فنسب تارة إلى جده وأخرى إلى جد أبيه قال: (حدّثنا يزيد بن زريع) بضم الزاي وفتح الراء مصغرًا (وحميد بن الأسود) بضم الحاء مصغرًا أبو الأسود البصري صاحب الكرابيس وهو جدّ عبد الله بن أبي الأسود كلاهما (عن حبيب بن الشهيد) بفتح الشين المعجمة وكسر الهاء الأزدي الأموي البصري (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي بمليكة واسمه زهير الأحول المكي أنه قال: (قال ابن الزبير) عبد الله (لابن جعفر) عبد الله (﵃: أتذكر إذا) أي حين (تلقينا رسول الله ﷺ أنا وأنت وابن عباس؟ قال: نعم). أذكر ذلك (فحملنا) بفتح اللام ﵊ أنا وابن عباس (وتركك) وعند مسلم وأحمد أن عبد الله بن جعفر قال ذلك لابن الزبير. قال ابن الملقن: والظاهر أنه انقلب على الراوي كما نبّه عليه ابن الجوزي في جمع المسانيد.
٣٠٨٣ - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: "قَالَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ ﵁: ذَهَبْنَا نَتَلَقَّى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَعَ الصِّبْيَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ".
[الحديث ٣٠٨٣ - طرفاه في: ٤٤٢٦، ٤٤٢٧].
وبه قال: (حدّثنا مالك بن إسماعيل) بن زياد أبو غسان النهدي الكوفي قال: (حدّثنا ابن عيينة) سفيان (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: قال السائب بن يزيد) بالسين المهملة ويزيد من الزيادة الكندي (﵁ ذهبنا نتلقى) بتشديد القاف المفتوحة (رسول الله ﷺ مع الصبيان إلى ثنية الوداع) أي لما قدم من تبوك كما عند الترمذي.
وحديث الباب أخرجه أيضًا في المغازي وأبو داود والترمذي في الجهاد.
١٩٧ - باب مَا يَقُولُ إِذَا رَجَعَ مِنَ الْغَزْوِ
(باب ما يقول) الغازي (إذا رجع من الغزو).
٣٠٨٤ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﵁: "أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا قَفَلَ كَبَّرَ ثَلَاثًا قَالَ: آيِبُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، حَامِدُونَ، لِرَبِّنَا سَاجِدُونَ. صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ".
وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: (حدّثنا جويرية) بضم الجيم مصغرًا ابن أسماء الضبعي البصري (عن نافع) مولى ابن عمر (عن عبد الله) بن عمر (﵁) وعن أبيه (أن النبي ﷺ كان إذا قفل) بالقاف والفاء واللام المفتوحات أي رجع من غزوة (كبّر ثلاثًا قال):
(آيبون) بمدّ الهمزة أي نحن راجعون إلى الله (إن شاء الله) نحن (تائبون) إليه تعالى نحن (عابدون) نحن (حامدون لربنا) نحن (ساجدون) والجار والمجرور يتعلق بحامدون أو بساجدون أو بهما أو بالصفات الأربعة المتقدمة أو بالخمسة على طريق التنازع، وقول ابن بطال: إن المشيئة لا تتعلق بقوله أيبون لوقوع الإياب وإنما تتعلق بباقي الكلام الذي بعد والنبي ﷺ قد تقرر عنده أنه لا يزال تائبًا عابدًا ساجدًا! لكن هذا هو أدب الأنبياء ﵈ يظهرون الافتقار إلى الله تعالى مبالغة في شكره وإن علموا حقيقة مقامهم الشريف عنده، وأنهم آمنون مما يخافه غيرهم. تعقبه ابن المنير فقال: الظاهر أن المشيئة إنما علق عليها الإياب خاصة. وقوله قد وقع فلا تعلق وهم لأن الإياب المقصود إنما هو الرجوع الموصل إلى نفس