(باب فضائل أصحاب النبي ﷺ) وسقط الباب لأبي ذر فما بعده رفع (ومن صحب النبي ﷺ) في زمن نبوته ولو ساعة (أو رآه) في حال حياته ولو لحظة مع زوال المانع من الرؤية كالعمى حال كونه في وقت الصحبة أو الرؤية (من المسلمين) العقلاء ولو أنثى أو عبدًا أو غير بالغ أو جنيًا أو ملكًا على القول ببعثته إلى الملائكة (فهو من أصحابه). خبر المبتدأ الذي هو مَنْ الموصول وصحب صلته ودخول الفاء في فهو لتضمن الابتداء معنى الشرط، وأو في قوله: أو رآه للتقسيم والضمير المنصوب للنبي ﷺ أو للصاحب والاكتفاء بمجرد الرؤية من غير مجالسة ولا مماشاة ولا مكالمة مذهب الجمهور من المحدثين والأصوليين لشرف منزلته ﷺ فإنه كما صرح به غير واحد إذا رآه مسلم أو رأى مسلمًا لحظة طبع قلبه على الاستقامة إذ انه بإسلامه متهيئ للقبول، فإذا قابل ذلك النور المحمدي أشرق عليه فظهر أثره في قلبه وعلى جوارحه. والصحبة لغة تتناول ساعة فأكثر وأهل الحديث كما قال النووي: قد نقلوا الاستعمال في الشرع والعرف على وفق اللغة، وإليه ذهب الآمدي، واختاره ابن الحاجب فلو حلف لا يصحبه حنث بلحظة، وعدّ في الإصابة من حضر معه ﵊ حجة الوداع من أهل مكة والمدينة والطائف وما بينهما من الأعراب وكانوا أربعين ألفًا لحصول رؤيتهم له ﷺ وإن لم يرهم هو بل ومن كان مؤمنًا به زمن الإسراء إن ثبت ﵊ كشف له في ليلته عن جميع من في الأرض فرآه وإن لم يلقه لحصول الرؤية من جانبه ﷺ وهذا كغيره يرد على ما قاله صاحب المصابيح ليس الضمير المستتر في قول البخاري أو رآه يعود على النبي ﷺ لأنه يلزم عليه أن يكون من وقع عليه
بصر النبي ﷺ صحابيًّا وإن لم يكن هو قد وقع بصره على النبي ﷺ ولا قائل به انتهى.
وأما ابن أم مكتوم وغيره ممن كان من الصحابة أعمى فيدخل في قوله: ومن صحب وكذا في قولهم أو رآه النبي ﷺ على ما لا يخفى، وقول الحافظ الزين العراقي في شرح ألفيته أن في دخول الأعمى الذي جاء إليه ﷺ ولم يصحبه ولم يجالسه في قول البخاري في صحيحه من صحب النبي ﷺ ورآه نظر ظاهره أن في نسخته التي وقف عليها ورآه بواو العطف من غير ألف فيكون التعريف مركبًا من الصحبة والرؤية معًا فلا يدخل الأعمى كما قال.
لكن في جميع ما وقفت عليه من الأصول المعتمدة أو التي للتقسيم وهو الظاهر لا سيما وقد صرح غير واحد بأن البخاري تبع في هذا التعريف شيخه ابن المديني والمنقول عنه أو بالألف، وأما الصغير الذي لا يميز كعبد الله بن الحرث بن نوفل، وعبد الله بن أبي طلحة الأنصاري ممن حنكه ﷺ أو دعا له، ومحمد بن أبي بكر الصديق المولود قبل وفاته ﷺ بثلاثة أشهر وأيام فهو وإن لم تصح نسبة الرؤية إليه صحابي من حيث إن النبي ﷺ رآه كما مشى عليه غير واحد ممن صنف في الصحابة.
وأحاديث هؤلاء من قبيل مراسيل كبار التابعين ثم إن التقييد بالإسلام يخرج من رآه في حال الكفر فليس بصاحب على المشهور ولو أسلم كرسول قيصر وإن أخرج له الإمام أحمد في مسنده، وقد زاد الحافظ ابن حجر كشيخه الزين العراقي في التعريف ومات على الإسلام ليخرج من أرتدّ بعد أن رآه مؤمنًا ومات على الردّة كابن خطل فلا يسمى صحابيًّا بخلاف من مات بعد ردّته مسلمًا في حياته ﷺ أو بعده سواء لقيه ثانيًا أم لا.
وتعقب بأنه يسمى قبل الردّة صحابيًّا ويكفي ذلك في صحة التعريف إذ لا يشترط فيه الاحتراز عن المنافي العارض ولذا لم يحترزوا في تعريف المؤمن عن الردة العارضة لبعض أفراده، فمن زاد في التعريف أراد تعريف من يسمى صحابيًّا بعد انقراض