للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حقًا لم يستوجب منكره عذابًا فكان تعليق العذاب بكونه حقًا مع اعتقاده أنه ليس بحق كتعليقه بالمحال في قولك إن كان الباطل حقًا فأمطر علينا حجارة وهذا من عنادهم وتمرّدهم.

روي أن معاوية قال لرجل من سبأ: ما أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة؟ فقال: أجهل من قومي قومك حين قالوا: إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ولم يقولوا فاهدنا له.

وروي أن النضر بن الحارث لعنه الله لما قال: إن هذا إلا أساطير الأولين، قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ويلك إنه كلام الله" فقال هو وأبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك، وإسناده إلى الجمع إسناد ما فعله رئيس القوم إليهم، وثبت باب قوله لأبي ذر وسقط له من قوله علينا حجارة الخ. وقال بعد قوله: {فأمطر} الآية.

(قال ابن عيينة) سفيان في تفسيره رواية سعيد بن عبد الرحمن المخزومي: (ما سمى الله تعالى مطرًا في القرآن إلاّ عذابًا) أو ردّ عليه قوله تعالى: {إن كان بكم أذى من مطر} فإن المراد به المطر قطعًا ونسبة الأذى إليه بالبلل والوحل الحاصل منه لا يخرجه عن كونه مطرًا (وتسمية العرب الغيث وهو قوله تعالى: {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا}) [الشورى: ٢٨] وثبت قوله: وهو الذي في الفرع وسقط من أصله.

٤٦٤٨ - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ - هُوَ ابْنُ كُرْدِيدٍ صَاحِبُ الزِّيَادِيِّ - سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ أَبُو جَهْلٍ: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} فَنَزَلَتْ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَمَا لَهُمْ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الآيَةَ. [الحديث ٤٦٤٨ - أطرافه في: ٤٦٤٩].

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (أحمد) غير منسوب وقد جزم الحاكمان أبو أحمد وأبو عبد الله أنه ابن النضر بن عبد الوهاب النيسابوري قال: (حدّثنا عبيد الله بن معاذ) بضم العين وفتح الموحدة مصغرًا قال: (حدّثنا أبي) معاذ بن معاذ بن حسان العنبري التميمي البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عبد الحميد) بن دينار تابعي صغير زاد غير أبي ذر هو ابن كرديد بكاف مضمومة فراء ساكنة فدالين الأولى مكسورة بينهما تحتية ساكنة (صاحب الزيادي) بكسر الزاي وتخفيف التحتية أنه (سمع أنس بن مالك -رضي الله عنه-) يقول (قال أبو جهل): لعنه الله ({اللهم إن كان هذا هو الحق}) نصب خبرًا عن الكون وهو فصل وقرئ بالرفع على أن هو مبتدأ غير فصل والحق خبره ({من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم}) قال أبو عبيدة: كل شيء أمطرت فهو من العذاب وما كان من الرحمة فهو مطرف (فنزلت: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون وما لهم أن لا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام} [الأنفال: ٣٣، ٣٤] الآية). وسقط لأبي ذر {وما كان الله معذبهم}) إلى {يصدّون} ويقول إلى عن المسجد الحرام، وقد أورد ابن المنير في تفسيره هنا سؤالًا كما نقله عنه في المصابيح فقال قد حكى الله عنهم هذا الكلام في هذه الآية أي قوله: اللهم إن كان هذا هو الحق الآية. وهو من جنس نظم القرآن فقد وجد فيه بعض التكلم ببعض القرآن فكيف يتم نفي المعراضة بالكلية وقد وجد بعضها ومنها حكاية الله عنهم في الإسراء وقالوا: لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعًا. وأجاب: بأن الإتيان بمثل هذا القدر من الكلام لا يكفي في حصول المعارضة لأن هذا المقدار قليل لا يظهر فيه وجوه الفصاحة والبلاغة. قال العلامة البدر الدماميني: وهذا الجواب إنما يتمشى على القول بأن التحدي إنما وقع بالسورة الطويلة التي يظهر منها قوة الكلام.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في ذكر المنافقين والكفار.

٤ - باب قَوْلِهِ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: ٣٣]

(باب قوله) تعالى: ({وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم}) اللام لتأكيد النفي والدلالة على أن تعذيبهم عذاب استئصال، والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين أظهرهم غير مستقيم في الحكمة خارج عن عادته تعالى في قضائه. قال ابن عباس فيما رواه عنه علي بن أبي طلحة: ما كان الله ليعذب قومًا وأنبياؤهم بين أظهرهم حتى يخرجهم ({وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}) في موضع الحال ومعناه نفي الاستغفار عنهم أي ولو كانوا ممن يؤمن ويستغفر من الكفر لما عذبهم ولكنهم لا يؤمنون ولا يستغفرون، أو ما كان الله معذبهم وفيهم من يستغفر وهم المسلمون بين أظهرهم ممن تخلف من المستضعفين أو من أولادهم من يستغفر أو يريد إسلام بعضهم أو استغفار الكفار إذ

<<  <  ج: ص:  >  >>