بهمزة وصل وظاء مضمومة أي انتظرني (حتى أفيض على رأسي) أي أغتسل لأن إفاضة الماء على الرأس غالبًا إنما تكون في الغسل (ثم أخرج) بالنصب عطفًا على أفيض (فنزل) ابن عمر عن مركوبه وانتظر (حتى خرج الحجاج) قال سالم: (فسار بيني وبين أبي)، عبد الله بن عمر (فقلت) للحجاج (إن كنت تريد السنّة) النبوية (فاقصر الخطبة) كذا في اليونينية بوصل الهمزة وضم الصاد (وعجل الوقوف). وكذا في رواية عبد الله بن يوسف عن مالك، ووافقه القعنبي في الموطأ وأشهب عند النسائي، وخالفهم يحيى وابن القاسم وابن وهب ومطرّف عن مالك فقالوا: وعجل الصلاة وقد غلط أبو عمر بن عبد البرّ الرواية الأولى لأن أكثر الرواة عن مالك على خلافها ووجهت بأن تعجيل الوقوف يستلزم تعجيل الصلاة، (فجعل) الحجاج (ينظر إلى
عبد الله) بن عمر كأنه يستدعي معرفة ما عنده فيما قاله ابنه سالم هل هو كذا أم لا؟ (فلما رأى ذلك عبد الله قال: صدق).
وفي هذا الحديث فوائد جمة تظهر عند التأمل لا نطيل بها. وموضع الترجمة منه قوله: هذه الساعة لأنه أشار به إلى وقت زوال الشمس عند الهاجرة وهو وقت الرواح إلى الموقف لحديث ابن عمر عند أبي داود قال: غدا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين صلّى الصبح في صبيحة يوم عرفة حتى أتى عرفة فنزل نمرة وهو منزل الإمام الذي ينزل به بعرفة حتى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مهجرًا فجمع بين الظهر والعصر ثم خطب الناس ثم راح فوقف.
وحديث الباب قد أخرجه النسائي في الحج.
٨٨ - باب الْوُقُوفِ عَلَى الدَّابَّةِ بِعَرَفَةَ
(باب الوقوف على الدابة بعرفة).
١٦٦١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ "عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّ نَاسًا اخْتَلَفُوا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ صَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ بِصَائِمٍ. فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهْوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ فَشَرِبَهُ".
وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك) الإمام (عن أبي النضر) بسكون الضاد المعجمة سالم بن أبي أمية (عن عمير مولى عبد الله بن العباس) حقيقة أو مجازًا (عن أم الفضل) لبابة (بنت الحرث) -رضي الله عنها- (أن ناسًا اختلفوا عندها يوم عرفة في صوم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال بعضهم: هو صائم) كعادته (وقال بعضهم: ليس بصائم) لكونه مسافرًا (فأرسلت) أم الفضل (إليه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (بقدح لبن وهو واقف على بعيره) بعرفات (فشربه).
وفي حديث جابر الطويل المروي في مسلم: ثم ركب إلى الموقف فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس، وهذا يدل لمذهب الجمهور أن الأفضل الركوب اقتداء به -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولما فيه من العون على الاجتهاد في الدعاء والتضرع الذي هو المطلوب في ذلك الموضع حينئذٍ، وخصه آخرون بمن يحتاج الناس إليه للتعليم وفيه: أن الوقوف على ظهر الدابة مباح إذا لم يجحف بها ولا يعارضه النهي الوارد: لا تتخذوا ظهورها منابر لأنه محمول على الأغلب الأكثر.
٨٩ - باب الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الإِمَامِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا
(باب الجمع بين الصلاتين) الظهر والعصر في وقت الأولى (بعرفة) للمسافرين سفر القصر، وقال المالكية: للنسك فيجوز لكل أحد المكي وغيره، وقالي أبو حنيفة: يختص الجمع بمن صلّى مع الإمام حتى لو صلّى الظهر وحده أو بجماعة بدون الإمام لا يجوز وخالفه صاحباه فقالا والمنفرد أيضًا كالأئمة الثلاثة.
(وكان ابن عمر -رضي الله عنهما-) مما وصله إبراهيم الحربي في المناسك (إذا فاتته الصلاة مع الإمام) يوم عرفة (جمع بينهما) أي بين الظهر والعصر في منزله.
١٦٦٢ - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ "أَخْبَرَنِي سَالِمٌ أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ -عَامَ نَزَلَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ -رضي الله عنهما-- سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ -رضي الله عنه-: كَيْفَ تَصْنَعُ فِي الْمَوْقِفِ يَوْمَ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ سَالِمٌ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَهَجِّرْ بِالصَّلَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: صَدَقَ، إِنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي السُّنَّةِ. فَقُلْتُ لِسَالِمٍ: أَفَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَقَالَ سَالِمٌ: وَهَلْ تَتَّبِعُونَ فِي ذَلِكَ إِلَاّ سُنَّتَهُ؟ ".
(وقال الليث) بن سعد الإمام مما وصله الإسماعيلي (حدثني) بالإفراد (عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (قال: أخبرني) بالإفراد (سالم) هو ابن عبد الله بن عمر (أن الحجاج بن يوسف) الثقفي (عام نزل بابن الزبير) عبد الله (-رضي الله عنهما-) بمكة لمحاربته سنة ثلاث وسبعين (سأل عبد الله) بن عمر (-رضي الله عنه-) وعن أبيه (كيف تصنع في الموقف يوم عرفة؟ فقال) له (سالم) ولد ابن عمر: (أن كنت تريد السنّة) النبوية (فهجر بالصلاة) بتشديد الجيم المكسورة أي صلها وقت الهجير شدة الحر (يوم عرفة، فقال: عبد الله بن عمر) أبوه (صدق) سالم (إنهم كانوا يجمعون بين الظهر والعصر في السنة). بضم السين. قال الطيبي حال من فاعل يجمعون أي