يبدو منه في حالة الغيظ ما لا يليق بجناب فاطمة فحسم مادة الكلام إلى أن تسكن فورة الغضب من كل منهما (فاضطجع إلى الجدار إلى المسجد) كذا في رواية النسفيّ كما قاله في الفتح، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي إلى الجدار في المسجد بلفظ في بدل إلى في الثاني، وللكشميهني في جدار المسجد (فجاء النبي ﷺ يتبعه) بسكون الفوقية مخففًا كذا في فرع اليونينية كهي قال في الفتح قوله يتبعه بتشديد المثناة من الإتباع، وقال العيني: ويروى من الثلاثي، ولأبي ذر عن الكشميهني: يبتغيه بموحدة ساكنة فمثناة فوقية فغين معجمة من الابتغاء أي يطلبه (فقال):
(هوذا) أي عليّ (مضطجع في الجدار فجاءه النبي ﷺ و) الحال أنه قد (امتلأ ظهره ترابًا فجعل النبي ﷺ يمسح التراب عن ظهره ويقول: اجلس يا أبا تراب) فاشتق له النبي ﷺ من حالته هذه الكنية. قال الخليل: يقال لمن كان قائمًا اقعد ولمن كان نائمًا أجلس، وتعقبه ابن دحية بحديث الموطأ حيث قال للقائم اجلس، وفيه كرم خلق النبي ﷺ لأنه توجه نحو علي ليترضاه ومسح التراب عن ظهره ليبسطه وداعبه بالكنية المذكورة ولم يعاتبه على مغاضبته لابنته مع رفيع
منزلتها عنده ففيه استحباب الرفق بالأصهار وترك معاتبتهم إبقاء لمودتهم، وفيه أيضًا أن أهل الفضل قد يقع بينهم وبين أزواجهم ما جبل الله عليه البشر من الغضب وليس ذلك بعيب وفيه جواز تكنية الشخص بأكثر من كنية فإن عليًّا كانت نيته أبا الحسن.
١١٤ - باب أَبْغَضِ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ
(باب أبغض الأسماء إلى الله) ﷿.
٦٢٠٥ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَخْنَى الأَسْمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلَاكِ».
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة) ﵁ أنه (قال: قال رسول الله ﷺ) ولأبي ذر النبي (ﷺ: أخنى) بهمزة مفتوحة فخاء معجمة ساكنة فنون مفتوحة بعدها ألف مقصورة أي أفحش من الخنى وهو الفحش، ولأبي ذر عن المستملي: أخنع بالعين المهملة بدل الألف أي أذل وأوضع (الأسماء) وفي مسلم عن أبي هريرة من وجه بلفظ أبغض، وفي لفظ أبغض، وفي لفظ أخبث الأسماء (يوم القيامة عند الله رجل تسمى ملك الأملاك) بكسر اللام والأملاك جمع ملك بالكسر وبالفتح جمع مليك، ولأبي ذر بملك الأملاك بزيادة موحدة أي سمى نفسه بذلك أو سمي بذلك فرضي به، واستمر عليه وذلك لأن هذا من صفات الحق ﷻ وذلك لا يليق بمخلوق والعباد إنما يوصفون بالذل والخضوع والعبودية.
قال في المصابيح، فإن قلت: كيف جاز جعل رجل خبرًا عن أخنى الأسماء؟ وأجاب: بأنه على حذف مضاف أي اسم رجل تسمى ملك الأملاك اهـ.
وزاد في شرح المشكاة أن يراد بالاسم المسمى مجازًا أي أخنى الرجال رجل كقوله تعالى: ﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾ [الأعلى: ١] وفيه من المبالغة أنه إذا قدس اسمه عما لا يليق به فكان ذاته بالتقديس أولى وهنا إذا كان الاسم محكومًا عليه بالهوان والصغار فكيف بالمسمى، وإذا كان حكم المسمى ذلك فكيف بالمسمي.
والحديث من أفراده.
٦٢٠٦ - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رِوَايَةً قَالَ: «أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ، وَقَالَ سُفْيَانُ: غَيْرَ مَرَّةٍ أَخْنَعُ الأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الأَمْلَاكِ». قَالَ سُفْيَانُ: يَقُولُ غَيْرُهُ تَفْسِيرُهُ شَاهَانْ شَاهْ.
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة) ﵁ (رواية) نصب على التمييز أي من حيث الرواية عن النبي ﷺ أنه (قال):
(أخنع اسم) بالعين أي أشدّ ذلاًّ (عند الله) وفي الرواية السابقة يوم القيامة والتقييد بيوم القيامة مع أن حكمه في الدنيا كذلك للإشعار بترتب ما هو مسبب عنه من إنزال الهوان وحلول العقاب. (وقال سفيان) بن عيينة بالسند السابق: (غير مرة أخنع الأسماء) بالعين (عند الله رجل تسمى بملك الأملاك) بكسر اللام وزاد ابن أبي شيبة في روايته عند مسلم لا مالك إلا الله وهو استئناف لبيان تعليل تحريم التسمية بهذا الاسم فنفى جنس الملاك بالكلية لأن المالك الحقيقي ليس إلا هو ومالكية الغير