مروان بن الحكم) لعائشة (إن كان بك شر) أي إن كان عندك أن سبب خروج فاطمة بنت قيس ما وقع بينها وبين أقارب زوجها من الشر (فحسبك) فيكفيك في جواز انتقال عمرة (ما بين هذين) عمرة زوجها يحيى بن سعيد (من الشر). ومفهومه جواز النقلة من المسكن الذي طلقت فيه بشرط وجود عارض يقتضي جواز خروجها منه، كأن يكون المنزل مستعارًا ورجع المعير ولم يرض بإجارته بأجرة المثل، أو امتنع المكري من تجديد الإجارة بذلك، أو كان ملكًا لها ولم تختر الاستمرار فيه بإجارة بل اختارت الانتقال منه إذ لا يلزمها بذله بإعارة ولا إجارة كما لو كان المسكن خسيًسا وطلبت النقلة منه إلى اللائق بها، فإن كان نفيسًا فللزوج نقلها إلى غيره لائق بها ويتحرى المنزل الأقرب إلى المنقول عنه بحسب الإمكان. وقال المرداوي من الحنابلة: تعتد بائن حيث شاءت من البلد في مكان مأمون ولا تسافر ولا تبيت إلا في منزلها، وإن أراد إسكانها في منزله أو غيره مما يحصل لها تحصينًا لفراشه ولا محذور فيه لزمها ذلك ولو لم تلزمه نفقة.
وبه قال:(حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (محمد بن بشار) بندار قال: (حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (عن عائشة) -رضي الله عنها- (أنها قالت: ما لفاطمة) بنت قيس أي ما شأنها (ألا) بالتخفيف (تتقي الله يعني في قوله) ولأبي ذر في قولها (لا سكنى ولا نفقة) للمطلقة البائن على زوجها والحال أنها تعرف قصتها يقينًا من أنها إنما أمرت بالانتقال لعذر وعلة كانت بها فأخبرت بما أباح لها الشارع من الانتقال ولم تخبر بالعلة.
وبه قال:(حدّثنا عمرو بن عباس) بفتح العين وعباس بالموحدة آخره سين مهملة البصري قال: (حدّثنا ابن مهدي) عبد الرحمن قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق أنه (قال: قال عروة بن الزبير لعائشة) -رضي الله عنها-: (ألم ترين) بالنون ولأبي ذر ألم تري (إلى فلانة) عمرة (بنت الحكم) نسبها لجدها وإلاّ فاسم أبيها عبد الرحمن كما مرّ (طلّقها زوجها) يحيى بن سعيد بن العاص الطلاق (البتة فخرجت) من المنزل الذي طلقها فيه إلى غيره (فقالت) عائشة: (بئسما صنعت) ولأبي ذر عن الكشميهني بئسما صنع أي زوجها من تمكينه لها من ذلك أو بئسما صنع أبوها في موافقتها لذلك (قال) عروة لعائشة: (ألم تسمعي في قول فاطمة) بنت قيس حيث أذن لها بالانتقال من المنزل الذي طلقت فيه (قالت) عائشة (أما) بالتخفيف (أنه ليس لها خير في ذكر هذا الحديث) إذ هو موهم للتعميم وقد كان خاصًّا بها لعذر كان بها ولما فيه من الغضاضة (وزاد ابن أبي الزناد) بالنون بعد الزاي عبد الرحمن واسم أبي الزناد عبد الله فيما وصله أبو داود (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير أنه قال: (عابت عائشة) على فاطمة بنت قيس (أشد العيب وقالت: إن فاطمة كانت في مكان وحش) بفتح الواو وسكون الحاء المهملة بعدها شين معجمة أي خال ليس به أنيس (فخيف على ناحيتها فلذلك أرخص لها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في الانتقال وعند النسائي من طريق ميمون بن مهران قال: قدمت المدينة فقلت لسعيد بن المسيب إن فاطمة بنت قيس خرجت عن بيتها فقال: إنها كانت لَسِنة، ولأبي ذر من طريق سليمان بن يسار: إنما كان ذلك من سوء الخلق.
(باب) حكم المرأة (المطلقة إذا خشي عليها) بضم الخاء وكسر الشين المعجمتين (في مسكن زوجها) في مدة عدتها منه (أن يقتحم) بضم التحتية وسكون القاف وفتح الفوقية والحاء المهملة أي يهجم (عليها) بغير إذن إما مطلقها أو غيره من سارق ونحوه (أو تبذو) بالذال المعجمة من البذاء وهو القول الفاحش (على أهلها) ولأبي ذر عن الكشميهني على أهله أي أهل