هو ابن أنس إمام دار الهجرة (عن نافع عن عبد الله بن عمر ﵄) أنه (قال: أرادت عائشة أُم المؤمنين ﵂) وسقط لأبي ذر أُم المؤمنين (أن تشتري جارية) هي بريرة (لتعتقها) بضم التاء والنصب وفى نسخة رقم عليها في الفرع وأصله علامة السقوط تعتقها بضم أوّله مع إسقاط اللام والرفع (فقال) ولأبي ذر: قال (أهلها) نبيعكها (على أن ولاءها لنا قال رسول الله ﷺ) لعائشة:
(لا يمنعك) ولأبي ذرة لا يمنعنك بنون التوكيد الثقيلة (ذلك) الشرط الذي شرطوه من شرائها وعتقها (فإنما الولاء لمن أعتق) وليس في حديثي الباب إلا ذكر شرط الولاء وجمع في الترجمة بين حكمين وكأنه فسر الأول بالثاني وإن ضابط الجواز ما كان في كتاب الله أي في حكمه من كتاب أو
سُنّة أو إجماع، وقد اشترط لصحة الكتابة شروط أن يكاتب السيد المختار المتأهل للتبرع جميع العبد فلا يصحّ كتابة بعضه لأنه حينئذٍ لا يستقل بالتردّد لاكتساب النجوم إلا أن يكون باقيه حرًّا أو يكاتبه مالكاه معًا ولو بوكالة إن اتفقت النجوم جنسًا وأجلاً وعددًا فتصح لأنها حينئذٍ تفيد الاستقلال وليس له في الثانية أن يدفع لأحد المالكين شيئًا لم يدفع مثله للآخر في حال دفعه إليه، فإن أذن أحدهما في دفع شيء للآخر ليختص به لم يصح القبض وتصح كتابة بعضه أيضًا في صور: منها إذا أوصى بكتابة عبد فلم يخرج من الثلث إلا بعضه ولم تجز الورثة وأن يقول مع لفظ الكتابة إذا أدّيت النجوم إليّ فأنت حر أو ينويه فلا يكفي لفظ الكتابة بلا تعليق ولا نيّة لأنه يقع على هذا العقد وعلى المخارجة فلابدّ من تمييزه بذلك وأن يقول المكاتب قبلت وبه تتم الصيغة، وأن تكون عوضًا معلومًا فلا تصح بمجهول وأن يكون العوض أقل من نجمين كما جرى عليه الصحابة فمن بعدهم فلا تجوز بعوض
حال، فإن كاتبه على دينار الآن وخدمة شهر لم يجز لعدم تنجيم الدينار أو على خدمة شهر من الآن ودينار عند تقضيه أو قبله أو بعده في زمن معلوم جاز لأن المنفعة مستحقة في الحال والمدة لتقديرها وللتوفية فيها والدينار إنما تستحق المطالبة به في وقت آخر، وإذا اختلف الاستحقاق حصل التنجيم ولا بأس بكون المنفعة حالّة لأن التأجيل إنما يشترط لحصول القدرة وهو قادر على الاشتغال بالخدمة في الحال فالتنجيم إنما هو شرط في غير المنفعة التي عليه الشروع فيها في الحال.
٣ - باب اسْتِعَانَةِ الْمُكَاتَبِ وَسُؤَالِهِ النَّاسَ
(باب) جواز (استعانة المكاتب) أي طلبه العون من غيره ليعينه بشيء يضمه إلى مال الكتابة (وسؤاله الناس).
٢٥٦٣ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: "جَاءَتْ بَرِيرَةُ فَقَالَتْ: إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ وَقِيَّةٌ فَأَعِينِينِي. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً وَأُعْتِقَكِ فَعَلْتُ وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي. فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلِهَا، فَأَبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأَبَوْا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ. فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: خُذِيهَا فَأَعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ رِجَالٍ مِنْكُمْ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ فَأَيُّمَا شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهْوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، فَقَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، مَا بَالُ رِجَالٍ مِنْكُمْ يَقُولُ أَحَدُكُمْ أَعْتِقْ يَا فُلَانُ وَلِيَ الْوَلَاءُ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ".
وبه قال: (حدّثنا عبيد بن إسماعيل) بضم العين مصغرًا من غير إضافة الهباري بفتح الهاء والموحدة المشددة القرشي قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن هشام) ولأبي ذر: عن هشام بن
عروة (عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام (عن عائشة ﵂) أنها (قالت: جاءت بريرة فقالت إني كاتبت أهلي على تسع أواق) وفي نسخة في اليونينية أوقية (في كل عام وقية) ولأبي ذر أوقية بزيادة همزة مضمومة قبل الواو وهي أربعون درهمًا (فأعينيني) بصيغة الأمر للمؤنث من الإعانة أي على مال كتابتي ولأبي ذر عن الكشميهني فأعيتني بصيغة الخبر الماضي من الإعياء أي أعجزتني الأواقي عن تحصيلها (فقالت عائشة) لبريرة: (إن أحب أهلك أن أعدها) أي الأواقي (لهم عدة واحدة وأعتقك) نصب عطفًا على أن أعدّها (فعلت ويكون) بالنصب أيضًا ولأبي ذر فيكون بالفاء (ولاؤك لي فذهبت إلى أهلها فأبوا ذلك عليها) فجاءت إلى عائشة (فقالت: إني عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم) أي إلا بأن فحذف منه حرف الجر أي بشرط ذلك والاستثناء مفرغ لأن في أبى معنى النفي قال الزمخشري في قوله تعالى: ﴿ويأبى الله إلا أن يتم نوره﴾ قد أجرى أبي مجرى لم يرد ألا ترى كيف قوبل ﴿يريدون أن يطفئوا نور الله﴾ [التوبة: ٣٢] بقوله ﴿ويأبى الله إلا أن يتم نوره﴾ [التوبة: ٣٢] فقوله: ﴿ويأبى الله﴾ واقع موقع لم يرد قالت عائشة: (فسمع بذلك رسول الله ﷺ، فسألني فأخبرته فقال):
(خذيها) اشتريها (فأعتقيها) بهمزة قطع (واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء