عن الفاعل والتقليد أن يعلق في عنقها شيء ليعلم أنها هدي (فلا يزال) ذلك الرجل المفسر بأنه زياد (من ذلك اليوم) الذي بعث بها فيه (محرمًا) بمصره (حتى يحل الناس) من إحرامهم (قال) مسروق (فسمعت تصفيقها) بالصاد وهو ضرب إحدى اليدين على الأخرى ليسمع صوتها وفعلت ذلك تعجبًا أو تأسفًا على وقوع ذلك ولأبي ذر تسفيقها (من وراه الحجاب فقالت: لقد كنت أفتل) بكسر المثناة الفوقية (قلائد هدي رسول الله ﷺ فيبعث هديه) مقلدًا (إلى الكعبة فما يحرم عليه) شيء (مما حل للرجال) ولأبي ذر عن الكشميهني للرجل (من أهله حتى يرجع الناس) وفيه رد على من قال: إن من بعث بهديه إلى المحرم لزمه الإحرام إذا قلده ويجتنب ما يجتنبه الحاج حتى ينحر هديه وهو مروي عن ابن عباس وابن عمر، وبه قال عطاء بن أبي رباح: لكن أئمة الفتوى على خلافه.
وهذا الحديث سبق في باب تقليد الغنم من كتاب الحج.
١٦ - باب مَا يُؤْكَلُ مِنْ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ، وَمَا يُتَزَوَّدُ مِنْهَا
(باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي) من غير تقييد (وما يتزوّد منها) للسفر يتزوّد بضم أوله مبنيًّا للمفعول.
٥٥٦٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ قَالَ: كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الأَضَاحِيِّ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَقَالَ غَيْرَ مَرَّةٍ لُحُومَ الْهَدْيِ.
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال، (قال عمرو) بفتح العين ابن دينار (أخبرني) بالإفراد (عطاء) هو ابن أبي رباح أنه (سمع جابر بن عبد الله) الأنصاري (﵄ قال: كنا نتزود لحوم الأضاحي على عهد النبي ﷺ) على زمانه (إلى المدينة) وهذه الصيغة لها حكم الرفع (وقال) سفيان: (غير مرة) وللكشميهني وقال غيره مرة (لحوم الهدي) بدل لحوم الأضاحي.
والحديث سبق في الجهاد.
٥٥٦٨ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ابْنَ خَبَّابٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ كَانَ غَائِبًا فَقَدِمَ فَقُدِّمَ إِلَيْهِ لَحْمٌ فَقَالَ: وَهَذَا مِنْ لَحْمِ ضَحَايَانَا، فَقَالَ: أَخِّرُوهُ، لَا أَذُوقُهُ، قَالَ: ثُمَّ قُمْتُ فَخَرَجْتُ حَتَّى آتِيَ أَخِي قَتَادَةَ وَكَانَ أَخَاهُ لأُمِّهِ وَكَانَ بَدْرِيًّا. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ بَعْدَكَ أَمْرٌ.
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (سليمان) بن بلال (عن يحيى بن سعيد) الأنصاري (عن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق ﵃ (أن ابن خباب) بالخاء المعجمة المفتوحة وتشديد الباء الموحدة الأولى عبد الله الأنصاري التابعي (أخبره أنه سمع أبا سعيد) سعد بن مالك الخدري الأنصاري ﵁ (يحدّث أنه كان غائبًا) في سفر (فقدم) منه (فقدم إليه لحم) بفتح القاف في الأولى وتخفيف الدال وضمها والتخفيف في الثانية أي وضع بين يديه لحم (قال: وهذا) ولأبي ذر قالوا هذا (من لحم ضحايانا. فقال) لهم: (أخروه لا أذوقه) لا آكل منه وعند أحمد أن امرأته قالت له: إنه رخص فيه (قال) أبو سعيد (ثم قمت فخرجت) من البيت (حتى آتي) بفتح الهمزة ممدودة وكسر الفوقية (أخي أبا قتادة) وصوابه أخي قتادة وهو ابن النعمان الظفري (وكان أخاه لأمه) أنيسة ابنة أبي خارجة عمرو بن قيس بن مالك من بني عدي بن النجار (وكان بدريًا فذكرت ذلك له فقال) لي: (إنه قد حدث بعدك أمر) ناقض لحرمة أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام.
ورجال هذا الحديث مدنيون وفيه ثلاثة من التابعين: يحيى والقاسم وشيخه، وصحابيان أبو سعيد وقتادة.
٥٥٦٩ - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ، فَلَا يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ، وَفِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ». فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا العَامَ الْمَاضِي قَالَ: «كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا، فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ فَأَرَدْتُ أَنْ تُعِينُوا فِيهَا».
وبه قال: (حدّثنا أبو عاصم) الضحاك النبيل (عن يزيد بن أبي عبيد) بضم العين (عن سلمة بن الأكوع) أنه (قال: قال النبي ﷺ):
(من ضحى منكم فلا يصبحن) بالصاد المهملة الساكنة والموحدة المكسورة (بعد ثالثة) من الليالي من وقت التضحية (وفي بيته) ولأبي ذر وبقي في بيته (منه) من الذي ضحى به (شيء) من لحمه (فلما كان العام المقبل قالوا: يا رسول الله نفعل كما فعلنا العام الماضي) من ترك الادخار قال ابن المنير: وكأنهم فهموا أن النهي ذلك العام كان على سبب خاص وهو الرأفة، وإذا ورد العام على سبب خاص حاك في النفس من عمومه وخصوصه إشكال فلما كان مظنة الاختصاص عاودوا السؤال فبين لهم ﷺ أنه خاص بذلك السبب ويشبه أن يستدل بهذا من يقول إن العام يضعف عمومه بالسبب فلا يبقى على أصالته ولا ينتهي به إلى التخصيص، ألا ترى أنهم لو اعتقدوا بقاء العموم على أصالته لما سألوا ولو اعتقدوا الخصوص أيضًا لما سألوا فسؤالهم يدل على أنه ذو شأنين، وهذا اختيار الإمام