للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: "المرء مع من أحب".

١٣ - باب قَوْلُهُ: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِيَن مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) الآيَةَ

(قوله) تعالى: ({وما لكم}) ولأبي ذر باب بالتنوين في قوله تعالى: {وما لكم} وما مبتدأ ولكم خبره وجملة ({لا تقاتلون في سبيل الله}) الأظهر أنها في موضع نصب على الحال أي ما لكم غير مقاتلين والعامل في هذه الحال الاستقرار القدر ({والمستضعفين}) جر على الأظهر بالعطف على سبيل الله أي في سبيل الله وفي خلاص المستضعفين وهم الذين أسلموا بمكة ومنعهم المشركون من الهجرة ({من الرجال والنساء}) فبقوا بين أظهرهم مستذلين يلقون منهم الأذى الشديد (الآية) كذا لأبي ذر ولغيره بعد قوله: {من الرجال والنساء} إلى {الظالم أهلها} الظالم: صفة للقرية وهي مكة، وأهلها رفع به على الفاعلية وهم كفرة قريش وأل في الظالم موصولة بمعنى التي أي التي ظلم أهلها بالكفر، فالظالم جار علي القرية لفظًا وهو لما بعدها معنى.

٤٥٨٧ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ.

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن عبيد الله) بضم العين مصغرًا ابن أبي يزيد المكي أنه (قال: سمعت ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما (قال: كنت أنا وأمي) أم الفضل لبابة بنت الحرث الهلالية، (من المستضعفين) في مكة، وزاد أبو ذر من الرجال والنساء والولدان، ومراده حكاية الآية، وإلا فهو من الولدان جمع وليد وهو الصغير وأمه من المستضعفين.

٤٥٨٨ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ تَلَا {إِلَاّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ. وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَصِرَتْ: ضَاقَتْ. تَلْوُوا أَلْسِنَتَكُمْ بِالشَّهَادَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ الْمُرَاغَمُ: الْمُهَاجَرُ. رَاغَمْتُ: هَاجَرْتُ قَوْمِي. مَوْقُوتًا: مُوَقَّتًا وَقْتَهُ عَلَيْهِمْ.

وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي بشين معجمة وحاء مهملة قال: (حدّثنا حماد بن زيد) أي ابن درهم الجهضمي الأزدي (عن أيوب) السختياني (عن ابن أبي مليكة) عبد الله بن عبد الرحمن (أن ابن عباس) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- (تلا) قرأ قوله تعالى: ({إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان} قال: كنت أنا وأمي ممن عذر الله) بالذال المعجمة أي ممن جعلهم الله تعالى من المعذورين المستضعفين.

(ويذكر عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما مما وصله ابن أبي حاتم في تفسيره في قوله تعالى: {حصرت} [النساء: ٩٠] أي (ضاقت) صدورهم وعنه أيضًا مما وصله الطبري في قوله

تعالى: ({وإن} {تلووا}) [النساء: ١٣٥] أي (ألسنتكم بالشهادة) أو تعرضوا عنها وسقط قوله تلووا الخ لأبي ذر (وقال غيره) أي غير ابن عباس في قوله تعالى: {مراغمًا كثيرًا} [النساء: ١٠٠] وسعة (المراغم) بفتح الغين المعجمة هو (المهاجر) بفتح الجيم. قال أبو عبيدة: المراغم والمهاجر واحد تقول: (راغمت) أي (هاجرت قومي). وقال أبو عبيدة في قوله تعالى: {كتابًا} ({موقوتًا}) [النساء: ١٠٣] أي (موقتًا وقته عليهم) تبارك وتعالى وسقط قوله موقوتًا الخ لأبي ذر.

١٤ - باب {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَدَّدَهُمْ. فِئَةٌ: جَمَاعَةٌ

({فما لكم}) ولأبي ذر باب بالتنوين أي في قوله تعالى: {فما لكم} مبتدأ وخبر ({في المنافقين}) يجوز تعلقه بما تعلق به الخبر وهو لكم ويجوز تعلقه بمحذوف على أنه حال من ({فئتين}) والمعنى ما لكم لا تتفقون في شأنهم بل افترقتم في شأنهم بالخلاف في نفاقهم مع ظهوره ({والله أركسهم}) ردهم في حكم المشركين كما كانوا ({بما كسبوا}) الباء سببية وما مصدرية أو بمعنى الذي والعائد محذوف على الثاني لا الأوّل وسقط لغير أبوي ذر والوقت بما كسبوا.

(قال ابن عباس) -رضي الله عنهما- مما وصله الطبري في قوله: ({أركسهم}) أي (بددهم) يعني فرقهم ومزق شملهم وقوله: (فئة) واحد فئتين ومعناه (جماعة) كقوله تعالى: {كم من فئة قليلة} [البقرة: ٢٤٩] {وفئة تقاتل في سبيل الله} [آل عمران: ١٣].

٤٥٨٩ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -رضي الله عنه- {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أُحُدٍ وَكَانَ النَّاسُ فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ، فَرِيقٌ يَقُولُ: اقْتُلْهُمْ، وَفَرِيقٌ يَقُولُ: لَا. فَنَزَلَتْ: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} وَقَالَ: إِنَّهَا طَيْبَةُ، تَنْفِي الْخَبَثَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ.

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن بشار) هو بندار العبدي قال: (حدّثنا غندر) محمد بن جعفر (وعبد الرحمن) بن مهدي (قالا: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عدي) بفتح العين وكسر الدال المهملتين ابن ثابت التابعي (عن عبد الله بن يزيد) الخطمي الصحابي (عن زيد بن ثابت) الأنصاري (رضي الله تعالى عنه) أنه قال في قوله تعالى: ({فما لكم في المنافقين فئتين} رجع ناس من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أحد) وهم عبد الله بن أبيّ المنافق وأتباعه وكانوا ثلاثمائة وبقي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سبعمائة (وكان الناس فيهم فرقتين فريق يقول اقتلهم) يا رسول الله فإنهم منافقون

(وفريق يقول لا) تقتلهم فإنهم تكلموا بكلمة الإسلام (فنزلت: {فما لكم في المنافقين

<<  <  ج: ص:  >  >>