ولم يغسلهم، بفتح أوله وتخفيف ثالثه، وليس في الحديث ذكر: الشق، فاستشكلت المطابقة بينه وبين الترجمة.
وأجيب: بأن قوله: قدمه في اللحد، يدل على الشق، لأن تقديم أحد الميتين يستلزم تأخير الآخر غالبًا في الشق، لمشقة تسوية اللحد، لمكان اثنين، وتقديمه اللحد على الشق في الترجمة يفيد أفضلية اللحد لكونه أستر للميت، ولقول سعد بن أبي وقاص في مرض موته: الحدوا لي لحدًا وانصبوا عليّ اللبن نصبًا، كما فعل برسول الله، ﷺ. رواه مسلم وقد روى السلفي، عن أبي بن كعب، مرفوعا: ألحد آدم وغسل بالماء وترًا وقالت الملائكة: هذه سنة ولده من بعده.
وروى أبو داود: اللحد لنا والشق لغيرنا، قال التوربشتي، أي: اللحد، هو الذي نختاره والشق اختيار من كان قبلنا. وقال الزين العراقي: المراد بغيرنا: أهل الكتاب، كما ورد مصرحًا به في بعض طرق حديث جرير في مسند الإمام أحمد، والشق لأهل الكتاب، لكن الحديث ضعيف وليس فيه النهي عن الشق، غايته تفضيل اللحد. نعم، إذا كان المكان رخوًا فالشق أفضل خوف الانهيار، وقد أجمع العلماء، كما قاله في شرح المهذّب، على جوازهما.
٨٠ - باب إِذَا أَسْلَمَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الإِسْلَامُ؟
وَقَالَ الْحَسَنُ وَشُرَيْحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَقَتَادَةُ: إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَالْوَلَدُ مَعَ الْمُسْلِمِ.
وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ مَعَ أُمِّهِ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَ أَبِيهِ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ وَقَالَ: الإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى.
(باب) بالتنوين (إذا أسلم الصبي فمات) قبل البلوغ (هل يصلّى عليه) أم لا؟ (وهل يعرض على الصبي الإسلام).
(وقال الحسن) البصري، (وشريح) بضم الشين المعجمة مصغرًا، مما أخرجه البيهقي عنهما (و) قال: (إبراهيم) النخعي (وقتادة)، مما وصله عبد الرزاق عنهما، (إذا أسلم أحدهما) أي: أحد الوالدين (فالولد مع المسلم) منهما.
(وكان ابن عباس، ﵄: مع أمه) لبابة بنت الحرث الهلالية (من المستضعفين)، وهذا وصله المؤلّف في الباب، بلفظ: كنت أنا وأمي من المستضعفين، وهم الذين أسلموا بمكة، وصدهم المشركون عن الهجرة، فبقوا بين أظهرهم مستضعفين، يلقون منهم الأذى الشديد. (ولم يكن) أي ابن عباس (مع أبيه على دين قومه) المشركين. وهذا قاله المصنف تفقهًا، وهو مبني على أن إسلام العباس كان بعد وقعة بدر، والصحيح أنه أسلم عام الفتح، وقدم مع النبي، ﷺ، فشهد الفتح.
(وقال: الإسلام يعلو ولا يعلى) مما وصله الدارقطني مرفوعًا، من حديث ابن عباس، فليس هو معطوفًا على ابن عباس. نعم، ذكره ابن حزم في المحلى، من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: إذا أسلمت اليهودية أو النصرانية يفرق بينهما، الإسلام يعلو ولا يعلى.
١٣٥٤ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ﵄ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ -وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ الْحُلُمَ- فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِيُّ ﷺ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لاِبْنِ صَيَّادٍ: تَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ. فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَرَفَضَهُ وَقَالَ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ. فَقَالَ لَهُ: مَاذَا تَرَى؟ قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ. ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا. فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ. فَقَالَ: اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ.
فَقَالَ عُمَرُ ﵁: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ".
[الحديث ١٣٥٤ - أطرافه في: ٣٠٥٥، ٦١٧٣، ٦٦١٨].
وبالسند قال: (حدّثنا عبدان) بفتح العين وسكون الموحدة، لقب عبد الله بن عثمان، قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك (عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (قال: أخبرني) بالإفراد (سالم بن عبد الله).
(أن ابن عمر) أباه (﵄، أخبره):
(أن) أباه (عمر) بن الخطاب (انطلق مع النبي، ﷺ، في رهط) قال في الصحاح: رهط الرجل: قومه وقبيلته. والرهط: ما دون العشرة من الرجال، ولا يكون فيهم امرأة، (قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة، أي: جهة (ابن صياد) بفتح الصاد المهملة وبعد المثناة التحتية المشددة ألف ثم دال مهملة، واسمه: صافي، كقاضي، وقيل: عبد الله، وكان من اليهود، وكانوا حلفاء بني النجار، وكان سبب انطلاق النبي، ﷺ، إليه ما رواه أحمد من طريق جابر، قال: ولدت امرأة من اليهود غلامًا ممسوحة عينه، والأخرى طالعة ناتئة، فأشفق النبي، ﷺ، أن يكون هو الدجال. (حتى وجدوه) أي الرسول ومن معه من الرهط، والضمير المنصوب لابن صياد، ولأبي الوقت من غير اليونينية. وجده بالإفراد أي: وجد النبي ﷺ ابن صياد، حال كونه (يلعب مع الصبيان عند أطم بني مغالة) بضم الهمزة والطاء، بناء من حجر كالقصر، وقيل، هو الحصن، ويجمع على آطام وبني مغالة، بفتح الميم والغين المعجمة الخفيفة، قبيلة من الأنصار (وقد قارب ابن صياد الحلم) بضم الحاء واللام، أي: البلوغ (فلم يشعر) أي: ابن صياد (حتى ضرب النبي، ﷺ، بيده ثم قال لابن صياد):
(تشهد أني رسول الله؟)