للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في جهنم) بضم الياء وفتح الميم مبنيًّا للمفعول (وهو) أي الشيء الذي يرمى به، ولأبي ذر وهم أي القوم الذين يرمون فيها (حصبها ويقال حصب في الأرض) أي (ذهب) فيها (والحصب) محركًا (مشتق من الحصباء الحجارة). قال العيني لم يرد بالاشتقاق الاشتقاق المصطلح عليه أعني الاشتقاق الصغير لعدم صدقه عليه وتفسير الحصباء بالحجارة هو من تفسير الخاص بالعام قالوا والحصب الرمي بالحصباء وهي الحجارة الصغار قال الفرزدق:

مستقبلين شمال الشام تضربهم ... حصباء مثل نديف القطن منثور

ولغير أبي ذر الحصباء والحجارة بزيادة واو.

({تارة}) في قوله تعالى: {أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة} [الإسراء: ٦٩] أي (مرة) فهي مصدر (وجماعته) أي لفظ تارة (تيرة) بكسر الفوقية وفتح التحتية (وتارات) قال الشاعر:

وإنسان عيني يحسر الماء تارة ... فيبدو تارات يجم فيغرق

وألفها يحتمل أن تكون عن واو أو ياء. قال الراغب: هو فيما قيل من تار الجرح بمعنى التأم.

({لأحتنكن}) في قوله: {لأحتنكن ذريته} [الإسراء: ٦٢] أي (لأستأصلنهم) أي بالإغواء وقيل لاستولين عليهم استيلاء من جعل في حنك الدابة حبلًا يقودها فلا تأبى ولا تشمس عليه (يقال احتنك فلان ما عند فلان من علم) أي (استقصاه) وعن مجاهد فيما رواه سعيد بن منصور لأحتنكن لأحتوين قال: يعني شبه الزناق، وقال ابن زيد لأضلنهم وكلها متقاربة.

({طائره}) في قوله تعالى: {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه} [الإسراء: ١٣] هو (حظه) بالحاء المهملة والظاء المعجمة وقال ابن عباس خيره وشره مكتوب عليه لا يفارقه. وقال الحسن فيما رواه السمرقندي: عمله. زاد في الأنوار وما قدر له كأنه طير إليه من عش الغيب،

والمعنى أن عمله لازم له لزوم القلادة أو الغل لا ينفك عنه وخص العنق حيث قال في عنقه من بين سائر الأعضاء لأن الذي عليه إما أن يكون خيرًا يزينه أو شرًّا يثينه وما يزين يكون كالطوق والحلي وما يشين يكون كالغل.

(قال) ولأبي ذر وقال: (ابن عباس) -رضي الله عنهما- مما وصله ابن عيينة في تفسيره في قوله: {واجعل لي من لدنك سلطانًا نصيرًا} [الإسراء: ٨٢] وقوله: {فقد جعلنا لوليه سلطانًا} [الإسراء: ٣٣] (كل سلطان) ذكر (في القرآن فهو حجة) فمعنى سلطانًا نصيرًا حجة ينصرني على من خالفني، وجعلنا لوليه سلطانًا حجة يتسلط بها على المؤاخذة بمقتضى القتل.

({ولي من الذل}) أي (لم يحالف) بالحاء المهملة أي لم يوال (أحدًا) من أجل مذلة به ليدفعها بموالاته.

٣ - باب قَوْلِهِ: {أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: ١]

(باب قوله) جل وعلا: ({أسرى بعبده}) محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بجسده وروحه يقظة ({ليلًا من المسجد الحرام}) [الإسراء: ١] مسجد مكة بعينه لحديث أنس المروي في الصحيحين، وسرى وأسرى بمعنى وقال (ليلًا) بلفظ التنكير.

قال الزمخشري: ليفيد تقليل مدّة الإسراء وأنه أسري به في بعض الليل من مكة إلى الشام مسيرة أربعين ليلة فدلّ على أن التنكير دل على البعضية، ويشهد لذلك قراءة عبد الله وحذيفة من الليل أي بعضه كقوله: {ومن الليل فتهجد به} [الإسراء: ٧٩] اهـ.

قال صاحب الدر: فيكون سرى وأسرى كسقى وأسقى والهمزة ليست للتعدية وإنما المعدي الباء في بعبده وقد تقرر أنها لا تقتضي مصاحبة الفاعل للمفعول عند الجمهور خلافًا للمبرد، وزعم ابن عطية أن مفعول أسرى محذوف وأن التعدية بالهمزة أي أسرى الملائكة بعبده لأنه يبعد أن يسند أسرى، وهو بمعنى سرى إلى الله تعالى إذ هو فعل يقتضي النقلة كمشى وانتقل فلا يحسن إسناد شيء من هذا مع وجود مندوحة عنه، فإذا وقع في الشريعة شيء من ذلك تأوّلناه نحو أتيته هرولة.

قال شهاب الدين: وهذا كله إنما بناه اعتقادًا على أن التعدية بالباء تقتضي مصاحبة الفاعل للمفعول في ذلك وهذا شيء ذهب إليه المبرد، فإذا قلت: قمت بزيد لزم منه قيامك وقيام زيد عنده، وهذا ليس كذلك التبست عنده باء التعدية بباء الحال فباء الحال تلزم فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>