(قال: حدّثني) بالإفراد (حميد بن عبد الرحمن بن عوف) بضم حاء حميد مصغرًا (أن عبد الله بن عتبة) أي ابن مسعود وهو ابن أخي عبد الله بن مسعود الهذلي الكوفي المتوفى زمن عبد الملك بن مروان (قال: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: إن إناسًا كانوا يؤخدون بالوحي) يعني كان الوحي يكشف عن سرائر الناس في بعض الأوقات (في عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأن الوحي قد انقطع) بوفاته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم يأت الملك به عن الله لبشر لختم النبوة (وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم فمن أظهر لنا خيرًا أمناه) بهمزة مقصورة وميم مكسورة ونون مشددة من الأمان أي جعلناه آمنًا من الشرّ أو صيّرناه عندنا أمينًا (وقرّبناه) أي أكرمناه وعظمناه إذ نحن إنما نحكم بالظاهر (وليس إلينا من سريرته شيء الله يحاسبه) بمثناة تحتية مضمومة وإثبات ضمير النصب في الفرع. وقال ابن حجر: محاسبه بميم أوّله وهاء آخره، ولأبي ذر عن الكشميهني: يحاسب بحذف ضمير المفعول ومثناة مضمومة أوّله (في سريرته ومن أظهر لنا سوءًا) ولأبي ذر عن الكشميهني: شرًّا (لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال وإن سريرته حسنة) ويؤخذ منه أن العدل من لم توجد منه ريبة.
وهذا الحديث من إفراده.
٦ - باب تَعْدِيلِ كَمْ يَجُوزُ؟
(باب) بيان (تعديل كم) نفس (يجوز) قال مالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد: لا يقبل أقل من رجلين، وقال أبو حنيفة: يكفي الواحد.
وبه قال:(حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: (حدّثنا حماد بن زيد) هو ابن درهم الجهضمي البصري (عن ثابت) البناني (عن أنس) هو ابن مالك (-رضي الله عنه-) أنه (قال: مرّ) بضم الميم مبنيًّا للمفعول (على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بجنازة فأثنوا عليها خيرًا فقال) عليه الصلاة والسلام:
(وجبت ثم مرّ بأخرى فأثنوا عليها شرًّا) واستعمل الثناء في الشر على اللغة الشاذة للمشاكلة لقوله فأثنوا عليها خيرًا (أو قال غير ذلك) شك الراوي (فقال) عليه الصلاة والسلام (وجبت فقيل) القائل عمر كما يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى (يا رسول الله قلت لهذا) المثني عليه خيرًا (وجبت ولهذا) المثني عليه شرًّا (وجبت)(قال) عليه الصلاة والسلام: (شهادة القوم المؤمنين) مقبولة فشهادة مبتدأ والمؤمنين صفة القوم المجرور بالإضافة والخبر محذوف تقديره مقبولة كما مر (شهداء الله في الأرض) خبر مبتدأ محذوف أي هم شهداء الله، ولأبي ذر عن الكشميهني: شهادة القوم المؤمنين بالرفع مبتدأ وشهداء الله خبره وشهادة القوم مبتدأ حذف خبره أي شهادة القوم مقبولة، وقال الحافظ ابن حجر: ووقع في رواية الأصيلي شهادة بالنصب، ووجهه في المصابيح بأن يكون النائب عن الفاعل ضمير المصدر مستكنًّا في الفعل وخيرًا حال منه أي فأثنى هو أي الثناء حالة كونه خيرًا.
وبه قال:(حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: (حدّثنا داود بن أبي الفرات) بلفظ النهر واسمه عمرو الكندي قال: (حدّثنا عبد الله بن بريدة) بضم الموحدة وفتح الراء آخره هاء تأنيث (عن أبي الأسود) ظالم بن عمرو بن سفيان الديلي أنه (قال: أتيت المدينة) يثرب (وقد وقع بها مرض) جملة حالية كقوله (وهم يموتون موتًا ذريعًا) بفتح المعجمة سريعًا (فجلست إلى عمر) بن الخطاب (-رضي الله عنه- فمرّت جنازة فأُثني خير) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول ورفع خير نائبًا عن الفاعل وحذف عليها، ولأبي ذر والأصيلي: فأثني بضم الهمزة أيضًا خيرًا بالنصب صفة لمصدر محذوف أي ثناء خيرًا أو بنزع الخافض أي بخير (فقال عمر: وجبت. ثم مرّ) بضم الميم (بأخرى فأُثني خيرًا) بضم الهمزة ونصب خيرًا كما مرّ (فقال) أي عمر (وجبت، ثم مر بالثالثة) ولأبي ذر بالثالث بحذف هاء التأنيث (فأُثني شرّا) بضم الهمزة ونصب شرًّا أيضًا أي ثناء شرًّا أو بشر (فقال) أي عمر (وجبت) قال أبو الأسود. (فقلت ما) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي وما أي وما معنى قولك (وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت كما قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):