للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسادة) رفع مفعول نائب عن الفاعل (فنام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في طولها) أي وابن عباس في عرضها. قال ابن عبد البر: فكان ابن عباس مضطجعًا عند رجل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو عند رأسه (فجعل يمسح النوم) فيه حذف ذكره في الرواية الأخرى من الوتر فنام حتى انتصف الليل أو قريبًا منه فاستيقظ يمسح النوم أي أثره (عن وجهه ثم قرأ) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فقرأ (الآيات العشر الأواخر من) سورة (آل عمران) التي أولها {إن في خلق السماوات والأرض}. (حتى ختم) العشر (ثم أُتي شنّا) بفتح الشين المعجمة وتشديد النون قربة عتقت من الاستعمال ولأبي ذر عن الكشميهني سقاء (معلقًا فأخذه فتوضأ) منه لتجديد الطهارة لا للنوم (ثم قام يصلي). قال ابن عباس: (فقمت فصنعت مثل ما صنع) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الوضوء وغيره (ثم جئت فقمت إلى جنبه فوضع يده) زاد في باب الوتر كالرواية الآتية اليمنى (على رأسي ثم أخذ بأذني فجعل يفتلها) بكسر المثناة الفوقية أي يدلكها لينتبه (ثم صلّى ركعتين ثم صلّى ركعتين ثم صلّى ركعتين ثم صلّى ركعتين ثم صلّى ركعتين ثم صلّى ركعتين) ست مرات باثنتي عشرة ركعة (ثم أوتر) بواحد فهي ثلاثة عشرة ركعة يسلم بين كل ركعتين.

١٩ - باب {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [آل عمران: ١٩٢]

هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: ({ربنا}) يعني يتفكّرون في خلق السماوات والأرض حال كونهم قائلين ربنا ({إنك من تدخل النار فقد أخزيته}) أي أهنته وأذللته أو أهلكته أو فضحته وأبلغت في أخزائه والخزى ضرب من الاستخفاف أو انكسار يلحق الإنسان وهو الحياء

المفرط، وقد تسمك المعتزلة بهذا على أن صاحب الكبيرة غير مؤمن لأنه إذا دخل النار فقد أخزاه الله والمؤمن لا يخزى لقوله تعالى: {يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه} [التحريم: ٨] فوجب أن من يدخل النار لا يكون مؤمنًا.

وأجيب: بأن الخزي فسر بوجوه من المعاني فلم لا يجوز أن يراد في كل صورة معنى مثلًا في قوله تعالى: {يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا} أي لا يهلكهم، وفي الأوّل يريد الإهانة.

والحاصل أن لفظ الإخزاء مشترك بين الإهلاك والتخجيل واللفظ المشترك لا يمكن حمله في طريق النفي والإثبات على معنييه جميعًا وحينئذٍ يسقط الاستدلال به.

({وما للظالمين من أنصار}) [آل عمران: ١٩٢] ينصرونهم يوم القيامة ووضع المظهر موضع المضمر للدلالة على أن ظلمهم سبب لإدخالهم النار وانقطاع النصرة عنهم في الخلاص منها، وقول الزمخشري أنه إعلام بأن من يدخل النار فلانًا بشفاعة ولا غيرها بناء على مذهب المعتزلة في نفي الشفاعة أجاب عنه القاضي بأنه لا يلزم من نفي النصرة نفي الشفاعة لأن النصرة دفع بقهر، وسقط لأبي ذر قوله: {وما للظالمين من أنصار}.

٤٥٧١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْيَ خَالَتُهُ قَالَ: فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدَيْهِ ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الآيَاتِ الْخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي وَأَخَذَ بِأُذُنِي بِيَدِهِ الْيُمْنَي يَفْتِلُهَا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ.

وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا معن بن عيسى) بفتح الميم وسكون العين المهملة ابن يحيى القزاز المدني قال: (حدّثنا مالك) إمام دار الهجرة ولأبي ذر عن مالك (عن مخرمة بن سليمان) الوالبي (عن كريب مولى عبد الله بن عباس أن عبد الله بن عباس) ولأبي ذر مولى ابن عباس أن ابن عباس (أخبره أنه بات عند ميمونة زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهي خالته) أخت أمه لبابة (قال: فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأهله في طولها فنام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل ثم استيقظ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فجعل يمسح النوم) أي أثره (عن وجهه بيديه) بالتثنية (ثم قرأ العشر الآيات الخواتم) جمع خاتمة (من سورة آل عمران، ثم قام إلى شن معلقة) أنث باعتبار القربة (فتوضأ منها) تجديدًا للوضوء لا أن

وضوءه بطل بالنوم أو أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحس بحدوث الحدث فتوضأ له كما أنه أحس ببقاء الطهارة حيث استيقظ وصلّى ولم يتوضأ كما روي (فأحسن وضوءه) بأن أتى به تامًّا بمندوباته ولا ينافي التخفيف (ثم قام يصلّي) قال ابن عباس: (فصنعت مثل ما صنع) أجمع أو غالبه (ثم ذهبت فقمت إلى جنبه فوضع رسول الله -صَلَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>