للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هو

الأشهر في رواية المحدّثين ورجل خبر إن، ولو قالت: إن أبا سفيان مسيك صح وحصلت الفائدة إلا أن ذكر الموصوف مع صفته يكون لتعظيمه نحو: رأيت رجلاً صالحًا أو لتحقيره نحو رأيت رجلاً فاسقًا، ولما كان البخل مذمومًا قالت رجل. وفي رواية: شحيح بدل مسيك وهو أشد البخل، وقيل الشح الحرص على ما ليس عنده والبخل بما عنده. وقال رجل لابن عمر: إني شحيح. فقال له: إن كان شحّك لا يحملك على أن تأخذ ما ليس لك فليس بشحّك بأس. وعن ابن مسعود: الشحّ منع الزكاة. وقال القرطبي: المراد أنه شحيح بالنسبة إلى امرأته وولده لا مطلقًا لأن الإنسان قد يفعل هذا مع أهل بيته لأنه يرى أن غيرهم أحوج وأولى وإلا فأبو سفيان لم يكن معروفًا بالبخل فلا يستدل بهذا الحديث على أنه بخيل مطلقًا. (فهل عليّ) بتشديد الياء (من حرج) إثم (أن أطعم الذي) ولأبي ذر عن المستملي من الذي (له عيالنا) وهمزة أطعم مضمومة (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (لها):

(لا حرج) لا إثم (عليك أن تطعميهم من معروف) أي الإطعام الذي هو المعروف بأن لا يكون فيه إسراف ونحوه. وفي هذا أن للقاضي أن يقضي بعلمه، لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يعلم أنها زوجة أبي سفيان ولم يكلفها البيّنة لأن علمه أقوى من الشهادة لتيقن ما علمه والشهادة قد تكون كذبًا، ويأتي إن شاء الله تعالى عند المؤلّف في باب الشهادة تكون عند الحاكم في ولايته القضاء عن آخرين من أهل العراق أنه يقضي بعلمه لأنه مؤتمن، وإنما يراد من الشهادة معرفة الحق فعلمه أكثر من الشهادة، واستدلّ المانعون من القضاء بالعلم بقوله في حديث أم سلمة إنما أقضي له بما أسمع ولم يقل بما أعلم، وقال للحضرمي: شاهداك أو يمينه ليس لك إلا ذلك ويخشى من قضاة السوء أن يحكم أحدهم بما شاء ويحيل على علمه، وتعقب ابن المنير البخاري بأنه لا دلالة في الحديث للترجمة لأنه خرج مخرج الفتيا قال: وكلام المفتي يتنزل على تقدير صحة إنهاء المستفتي فكأنه قال: إن ثبت أنه يمنعك حقك جاز لك أخذه، وأجاب بعضهم: بأن الأغلب من أحوال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الحكم والإلزام فيجب تنزيل لفظه عليه وبأنه لو كانت فتيا لقال مثلاً لك أن تأخذي فلما أتى بصيغة الأمر بقوله: خذي كما في الرواية الأخرى دلّ على الحكم.

ويأتي مزيد لذلك إن شاء الله تعالى بعون الله وقوته في باب القضاء على الغائب وفي باب الشهادة تكون عند الحاكم في ولاية القضاء.

[تنبيه:]

لو شهدت البيّنة مثلاً بخلاف ما يعلمه علمًا حسيًّا لمشاهدة أو سماع يقينًا أو ظنًّا راجحًا لم يجز له أن يحكم بما قامت به البيّنة ونقل بعضهم فيه الاتفاق، وإن وقع الاختلاف في القضاء بالعلم.

والحديث سبق في النفقات.

١٥ - باب الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ الْمَخْتُومِ وَمَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا يَضِيقُ عَلَيْهِمْ وَكِتَابِ الْحَاكِمِ إِلَى عَامِلِهِ وَالْقَاضِى إِلَى الْقَاضِى

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: كِتَابُ الْحَاكِمِ جَائِزٌ إِلَاّ فِى الْحُدُودِ ثُمَّ قَالَ: إِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَهْوَ جَائِزٌ لأَنَّ هَذَا مَالٌ بِزَعْمِهِ وَإِنَّمَا صَارَ مَالاً بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ فَالْخَطَأُ وَالْعَمْدُ وَاحِدٌ، وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَامِلِهِ فِى الْجَارُودِ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِى سِنٍّ كُسِرَتْ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: كِتَابُ الْقَاضِى إِلَى الْقَاضِى جَائِزٌ، إِذَا عَرَفَ الْكِتَابَ وَالْخَاتَمَ، وَكَانَ الشَّعْبِىُّ يُجِيزُ الْكِتَابَ الْمَخْتُومَ بِمَا فِيهِ مِنَ الْقَاضِى وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ، وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الثَّقَفِىُّ: شَهِدْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ يَعْلَى قَاضِىَ الْبَصْرَةِ، وَإِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، وَالْحَسَنَ وَثُمَامَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ وَبِلَالَ بْنَ أَبِى بُرْدَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِىَّ وَعَامِرَ بْنَ عَبِيدَةَ وَعَبَّادَ بْنَ مَنْصُورٍ يُجِيزُونَ كُتُبَ الْقُضَاةِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنَ الشُّهُودِ فَإِنْ قَالَ: الَّذِى جِىءَ عَلَيْهِ بِالْكِتَابِ إِنَّهُ زُورٌ قِيلَ لَهُ اذْهَبْ فَالْتَمِسِ الْمَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ وَأَوَّلُ مَنْ سَأَلَ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِى الْبَيِّنَةَ ابْنُ أَبِى لَيْلَى وَسَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.

وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحْرِزٍ جِئْتُ بِكِتَابٍ مِنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ قَاضِى الْبَصْرَةِ وَأَقَمْتُ عِنْدَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لِى عِنْدَ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا وَهْوَ بِالْكُوفَةِ وَجِئْتُ بِهِ الْقَاسِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَجَازَهُ وَكَرِهَ الْحَسَنُ وَأَبُو قِلَابَةَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى وَصِيَّةٍ حَتَّى يَعْلَمَ مَا فِيهَا لأَنَّهُ لَا يَدْرِى لَعَلَّ فِيهَا جَوْرًا وَقَدْ كَتَبَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَهْلِ خَيْبَرَ «إِمَّا أَنْ تَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ تُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ».

وَقَالَ الزُّهْرِىُّ: فِى شَهَادَةٍ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ إِنْ عَرَفْتَهَا فَاشْهَدْ وَإِلَاّ فَلَا تَشْهَدْ.

(باب) حكم (الشهادة على الخط المختوم) أنه خط فلان وقال المختوم لأنه أقرب إلى عدم تزوير الخط وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني المحكوم بالحاء المهملة بدل المعجمة والكاف بدل الفوقية أي المحكوم به (وما يجوز من ذلك) أي من الشهادة على الخط (وما يضيق عليهم) وللأصيلي زيادة فيه فلا يجوز لهم الشهادة به، ولأبي ذر عليه أي الشاهد فالقول بذلك ليس على التعميم إثباتًا ونفيًا بل لا يمنع مطلقًا لما فيه من تضييع الحقوق ولا يعمل به مطلقًا إذ لا يؤمن فيه التزوير (و) حكم (كتاب الحاكم إلى عماله) بضم العين وتشديد الميم وفي الفرع كأصله إلى عامله بلفظ الإفراد (و) كتاب (القاضي إلى القاضي. وقال بعض الناس): أبو حنيفة وأصحابه (كتاب الحاكم جائز إلا في الحدود ثم) ناقض بعض الناس حيث (قال: إن كان القتل خطأ فهو) أي كتاب الحاكم (جائز لأن هذا) أي قتل الخطأ في نفس الأمر (مال بزعمه) بضم الزاي وفتحها وإنما كان عنده مالاً لعدم القصاص فيه فيلحق بسائر الأموال في هذا الحكم ثم ذكر المؤلّف وجه

المناقضة فقال (وإنما صار) قتل الخطأ (مالاً بعد أن ثبت) ولأبي ذر أن يثبت (القتل) عند الحاكم (فالخطأ والعمد) في أول الأمر حكمهما (واحد) لا تفاوت في كونهما حدًّا.

(وقد كتب عمر)

<<  <  ج: ص:  >  >>