للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

آدم أي إنكم متفرعون من أصل واحد أو من جهة الدين (خولكم) بفتح الخاء المعجمة والواو أي خدمكم سموا بذلك لأنهم يتخولون الأمور أي يصلحونها ومنه الخولي لمن يقوم بإصلاح البستان أو التخويل التمليك (جعلهم الله تحت أيديكم) أي ملككم (فمن كان أخوه تحت يده) ملكه ولأبي ذر يديه بالتثنية (فليطعمه) على سبيل الندب (مما يأكل وليلبسه) على سبيل الندب أيضًا (مما يلبس) أي من جنس كلٍّ منهما والمراد المواساة لا المساواة من كل وجه. نعم الأخذ بالأكمل وهو المساواة كما فعل أبو ذر أفضل فلا يستأثر المرء على عياله وإن كان جائزًا. قال النووي: يجب على السيد نفقة المملوك وكسوته بالمعروف بحسب البلدان والأشخاص سواء كان من جنس نفقة السيد ولباسه أو فوقه حتى لو قتر السيد على نفسه تقتيرًا خارجًا عن عادة أمثاله إما زهدًا أو شحًّا لا يحلّ له التقتير على المملوك وإلزامه بموافقته إلا برضاه (ولا تكلفوهم) أي من العمل (ما يغلبهم) لصعوبته أو عظمته وهذا على سبيل الوجوب. قال

الله تعالى: ﴿لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها﴾ [البقرة: ٢٨٦] أي إلا ما تسعه قدرتها فضلاً ورحمة وإرشادًا وتعليمًا لنا كيف نفعل فيما ملكنا تعالى (فإن كلفتموهم ما يغلبهم) ولأبي ذر عن الكشميهني: مما يغلبهم وسقط ما يغلبهم في كتاب الإيمان كما مرّ، وأما قول الحافظ ابن حجر هنا قوله فإن كلفتموهم أي ما يغلبهم وحذف للعلم به فسهو، نعم هو صحيح بالنسبة لما في كتاب الإيمان كما مرّ يعني إن كلّفتم العبيد جنس ما يطيقونه فإن استطاعوه فذاك وإلاّ (فأعينوهم) عليه.

وهذا الحديث قد سبق في باب المعاصي من أمر الجاهلية في كتاب الإيمان.

١٦ - باب الْعَبْدِ إِذَا أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ، وَنَصَحَ سَيِّدَهُ

(باب) بيان ثواب (العبد إذا أحسن عبادة ربه) بأن أقامها بشروطها (ونصح سيده).

٢٥٤٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «الْعَبْدُ إِذَا نَصَحَ سَيِّدَهُ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ».

[الحديث ٢٥٤٦ - طرفه في: ٢٥٥٠].

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بن قعنب القعنبي الحارثي (عن مالك) الإمام الأعظم ابن أنس الأصبحي المدني إمام دار الهجرة (عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله (قال):

(العبد إذا نصح سيده) قال الكرماني النصيحة كلمة جامعة معناها حيازة الحظ للمنصوح له وهو إرادة صلاح حاله وتخليصه من الخلل وتصفيته من الغش (وأحسن عبادة ربه) المتوجهة عليه بأن أقامها بشروطها وواجباتها ومستحباتها (كان له أجره مرتين) لقيامه بالحقين وانكساره بالرق.

واستشكل هذا من جهة أنه يفهم منه أنه يؤجر على العمل الواحد مرتين مع أنه لا يؤجر على كل عمل إلا مرة واحدة لأنه أتى بعملين وكذا كل آتٍ بطاعتين يؤجر على كل واحدة أجرها فلا خصوصية للعبد بذلك.

وأجيب: بأن التضعيف مختص بالعمل الذي تتحد فيه طاعة الله وطاعة السيد فيعمل عملاً واحدًا ويؤجر عليه أجرين بالاعتبارين، وأما العمل المختلف الجهة فلا اختصاص له بتضعيف الأجر فيه على غيره من الأحرار أو المراد ترجيح العبد المؤدي للحقين على العبد المؤدي لأحدهما، وقال ابن عبد البر: لأنه لما قام بالواجبين كان له ضعفًا أجر الحر المطيع لأنه فضل الحر بطاعة من أمره الله بطاعته، وعورض بأن مزيد الفضل للعبد إنما هو لانكساره بالرق فلو كان التضعيف بسبب اختلاف جهة العمل لم يختص العبد بذلك.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الأيمان والنذور.

٢٥٤٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ صَالِحٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : «أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا عَبْدٍ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ فَلَهُ أَجْرَانِ».

وبه قال: (حدّثنا محمد بن كثير) أبو عبد الله العبدي وثّقه أبو حاتم وأحمد بن حنبل قال: (أخبرنا سفيان) الثوري (عن صالح) هو ابن صالح بن حيّ ويقال ابن حيان قال أحمد ثقة ثقة (عن الشعبي) عامر (عن أبي بردة عن) أبيه (أبي موسى) عبد الله بن قيس (الأشعري ) أنه (قال: قال النبي ):

(أيما رجل كانت له جارية فأدّبها) ولأبوي ذر والوقت أدّبها بإسقاط الفاء (فأحسن تأديبها) ولأبي ذر: تعليمها (وأعتقها وتزوجها فله أجران) أجر بالعتق وأجر بالتعليم والتزويج (وأيما عبد أدّى حق الله وحق مواليه فله أجران) أجر في عبادة ربه وأجر في قيامه بحق مواليه، لكن الأجران غير

<<  <  ج: ص:  >  >>