لا يتكرر فيحمل على الغالب ويختص بالمغسول وبأن المسح مبني على التخفيف فلا يقاس على الغسل الذي المراد منه المبالغة في الإسباغ. وأجيب: بأن الخفة تقتضي عدم الاستيعاب وهو مشروع بالاتفاق فليكن العدد كذلك.
٤٣ - باب وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ، وَفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ وَتَوَضَّأَ عُمَرُ بِالْحَمِيمِ مِنْ بَيْتِ نَصْرَانِيَّة
هذا (باب) حكم (وضوء الرجل مع امرأته) في إناء واحد وواو وضوء مضمومة على المشهور، لأن المراد منه الفعل، وفي بعض النسخ مع المرأة وهو أعم من أن تكون امرأته أو غيرها (وفضل وضوء المرأة) بفتح الواو أي الماء الفاضل في الإناء بعد فراغها من الوضوء وفضل مجرور عطفًا على المجرور السابق. (وتوضأ عمر) بن الخطاب ﵁ (بالحميم) بفتح الحاء المهملة أي الماء المسخن فعيل بمعنى مفعول، وهذا الأثر وصله سعيد بن منصور وعبد الرزاق وغيرهما بإسناد صحيح بلفظ: إن عمر كان يتوضأ بالحميم ويغتسل منه واتفق على جوازه إلا ما نقل عن مجاهد. نعم يكره شديد السخونة لمنعه الإسباغ. (و) توضأ عمر أيضًا (من بيت نصرانية) فلما وصله الشافعي ﵁ وعبد الرزاق وغيرهما عن سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر ﵁ توضأ من ماء في جرة نصرانية، لكن ابن عيينة لم يسمع من زيد بن أسلم. فقد رواه البيهقي من طريق سعد بن نصر عنه. قال: وحدّثونا عن زيد بن أسلم فذكره مطوّلاً. وفي رواية كريمة بالحميم من بيت نصرانية بحذف واو العطف، وفي ذلك نظر لأنهما أثران مستقلان كما مرّ، ولم يظهر ليس مناسبتهما للترجمة. أما توضؤ عمر بالحميم فلا يخفى عدم مناسبته، وأما توضؤه من بيت نصرانية فلا يدل على أنه كان من فضل ما استعملته، بل الذي يدل عليه جواز استعمال مياههم، ولا خلاف في استعمال سؤر النصرانية لأنه طاهر خلافًا لأحمد وإسحاق ﵄ وأهل الظاهر، واختلف قول مالك ﵀ ففي المدوّنة لا يتوضأ بسؤر النصراني ولا بما أدخل يده فيه. وفي العتبية أجازه مرة وكرهه أخرى، وفي رواية ابن عساكر حذف الأثرين وهو أولى لعدم المطابقة بينهما وبين الترجمة.
١٩٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَتَوَضَّئُونَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ جَمِيعًا.
وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) الإمام (عن نافع) مولى ابن عمر (عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب ﵄، وفي رواية أبوي ذر والوقت وابن عساكر عن ابن عمر (أنه قال):
(كان الرجال والنساء) أي الجنس منهما (يتوضؤون في زمان رسول الله ﷺ جميعًا) أي حال كونهم مجتمعين لا متفرقين. زاد ابن ماجة عن هشام بن عروة عن مالك في هذا الحديث من إناء واحد، وزاد داود من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ندلي فيه أيدينا. وفي صحيح ابن خزيمة من طريق معمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه أبصر النبي ﷺ وأصحابه يتطهرون والنساء معهم من إناء واحد كلهم يتطهر منه وهو محمول على ما قبل نزول الحجاب، وأما
بعده فيختص بالزوجات والمحارم، وفي قوله: زمان رسول الله ﷺ حجة للجواز فإن الصحابي إذا قال: كنا نفعل أو كانوا يفعلون في زمنه ﷺ يكون حكمه الرفع كما هو الصحيح، وهذا الحديث يدل على الجزء الأوّل من الترجمة فقط، وأما فضل وضوء المرأة فيجوز عند الشافعية الوضوء منه للرجل سواء خلت به أم لا من غير كراهة، وبذلك قال مالك وأبو حنيفة ﵄ وجمهور العلماء. وقال أحمد وداود: لا يجوز إذا خلت به وعن الحسن وابن المسيب كراهة فضلها مطلقًا.
ورواة هذا الحديث الأربعة ما بين تنيسي ومدني وفيه الإخبار والتحديث والعنعنة والقول، وهو من سلسلة الذهب وهو عند المؤلف ﵀ أصح الأسانيد.
٤٤ - باب صَبِّ النَّبِيِّ ﷺ وَضُوءَهُ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ
هذا (باب صبّ النبي ﷺ وضوءه) بفتح الواو أي الماء الذي توضأ به (على المغمى عليه) بضم الميم وإسكان المعجمة من أصابه الإغماء ويكون العقل فيه مغلوبًا وفي المجنون مسلوبًا وفي النائم مستورًا.
١٩٤ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعُودُنِي وَأَنَا مَرِيضٌ لَا أَعْقِلُ فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ عَلَىَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَعَقَلْتُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَنِ الْمِيرَاثُ، إِنَّمَا يَرِثُنِي كَلَالَةٌ؟ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ.
[الحديث ١٩٤ - أطرافه في: ٤٥٧٧، ٥٦٥١، ٥٦٦٤، ٥٦٧٦، ٦٧٢٣، ٦٧٤٣، ٧٣٠٩].
وبالسند قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي (قال: حدّثنا شعبة) ابن الحجاج (عن محمد بن المنكدر) التيمي القرشي الزاهد المشهور المتوفى سنة إحدى وثلاثين ومائة (قال: سمعت جابرًا) أي ابن عبد الله حال كونه (يقول):
(جاء رسول الله ﷺ) حال كونه (يعودني وأنا)