الخدري ﵁ أن الذي أخبر النبي ﷺ بمقالتهم سعد بن عبادة (فدعا الأنصار) وفي غزوة الطائف من وجه آخر أنس فجمعهم في قبة من أدم ولم يدع معهم غيرهم فلما اجتمعوا (قال) أنس: (فقال) لهم رسول الله ﷺ:
(ما الذي بلغني عنكم وكانوا) يعني الأنصار (لا يكذبون. فقالوا: هو الذي بلغك) أي قلنا الذي بلغك وفي المغازي فقال: ما حديث بلغني عنكم فقال فقهاء الأنصار: أما رؤساؤنا يا رسول الله ﷺ فلم يقولوا شيئًا، وأما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا: يغفر الله لرسول الله ﷺ يعطي قريشًا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم (قال) ﵊ (أو لا) بفتح الواو (ترضون أن يرجع الناس بالغنائم) من الشاة والبعير (إلى بيوتهم وترجعون) بإثبات النون على الاستئناف ولأبي ذر عن الكشميهني وترجعوا بحذفها عطفًا على أن يرجع (برسول الله ﷺ إلى بيوتكم) زاد في المغازي: فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به قالوا: يا رسول الله قد رضينا. فقال ﵊:
(لو سلكت الأنصار واديًا) مكانًا منخفضًا أو الذي فيه ماء (أو شعبًا) بكسر الشين المعجمة ما انفرج بين جبلين أو الطريق في الجبل (لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم) ولأبي ذر: وشعبهم بإسقاط الألف وأراد ﵊ بذلك حسن موافقته إياهم وترجيحهم في ذلك على غيرهم لما شاهد منهم من حسن الجوار والوفاء بالعهد لا متابعته لهم لأنه ﵊ هو المتبوع المطاع لا التابع المطيع.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في المغازي ومسلم في الزكاة والنسائي في المناقب.
٢ - باب قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امرأً مِنَ الأَنْصَارِ» قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ-
(باب قول النبي ﷺ): (لولا الهجرة) أمر ديني وعبادة مأمور بها (لكنت من الأنصار) ولأبي ذر: لكنت امرأً من الأنصار أي لانتسبت إلى داركم المدينة أو لتسميت باسمكم وانتسبت إليكم كما كانوا يتناسبون بالحلف لكن خصوصية الهجرة سبقت فمنعت من ذلك وهي أعلى وأشرف فلا تتبدل بغيرها وقيل غير ذلك، ومراده بذلك تألفهم واستطابة نفوسهم والثناء عليهم في دينهم حتى رضي أن يكون واحدًا منهم لولا ما يمنعه من الهجرة التي لا يجوز تبديلها (قاله عبد الله بن زيد) أي ابن عاصم بن كعب الأنصاري (عن النبي ﷺ) فيما وصله المؤلّف في غزوة الطائف من المغازي بطوله.
٣٧٧٩ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَوْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ ﷺ: «لَوْ أَنَّ الأَنْصَارَ سَلَكُوا وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ فِي وَادِي الأَنْصَارِ، وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا ظَلَمَ -بِأَبِي وَأُمِّي- آوَوْهُ وَنَصَرُوهُ. أَوْ كَلِمَةً أُخْرَى».
[الحديث ٣٧٧٩ - طرفه في: ٧٣٤٤].
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة بندار العبدى قال: (حدّثنا غندر) بضم الغين المعجمة وسكون النون وفتح الدال المهملة محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن محمد بن زياد) القرشي الجمحي مولاهم (عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ أو قال أبو القاسم ﷺ) بالشك من الراوي:
(لو أن الأنصار سلكوا واديًا أو شعبًا) ولأبي ذر: وشعبًا بغير ألف والشين مكسورة فيهما أي طريقًا في الجبل (لسلكت في وادي الأنصار) والمراد بلدهم (ولولا الهجرة) التي لا يجوز تبديلها (لكنت امرأً من الأنصار). ليس المراد الانتقال عن نسب آبائه لأنه ممتنع قطعًا لا سيما ونسبه ﵊ أشرف الأنساب، وكذا ليس المراد النسب الاعتقادي فإنه لا معنى للانتقال إليه، فالمراد النسبة البلادية وكانت المدينة دار الأنصار والهجرة إليها أمرًا واجبًا أي لولا أن النسبة
الهجرية لا يسعني هجرها لانتسبت إلى داركم، ويحتمل أنه لما كانوا أخواله لكون أم عبد المطلب منهم أراد أن ينتسب إليهم لهذه الولادة لولا مانع الهجرة قاله محيي السنة، وتلخيصه: لولا فضلي على الأنصار لكنت واحدًا منهم، وهذا تواضع منه ﷺ وحث للناس على إكرامهم واحترامهم، وسبق قريبًا مزيد لذلك.
(فقال أبو هريرة: ما ظلم) بفتح الظاء المعجمة واللام رسول الله ﷺ في هذا القول: أفديه (بأبي وأمي) أن الأنصار (آووه) بمد الهمزة من الإيواء (ونصروه أو) قال أبو هريرة (كلمة أخرى) مع هاتين الكلمتين أي واسوه وأصحابه بمالهم.
وهذا الحديث أخرجه النسائي في