نفسه (فيقول) مخاطبًا لي أو للرجل: (فعل قومك) يريد الأنصار (يوم كذا وكذا كذا وكذا) يحكي ما كان من مآثرهم في المغازي ونصر الإسلام. واستشكل بأنه ليس قومه من الأنصار. وأجيب بأنه باعتبار النسبة الأعمية إلى الأزد لأن الأزد يجمعهم.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في آخر أيام الجاهلية والنسائي في التفسير.
وبه قال:(حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (عبيد بن إسماعيل) الهباري (قال: حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة، وثبت "قال" في الفرع وسقطت في اليونينية (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة ﵂) أنها (قالت: كان يوم بعاث) بضم الموحدة وتخفيف العين المهملة وبعد الألف مثلثة أو بالغين المعجمة أو هو تصحيف أو بالوجهين عن الأصيلي كما حكاه عياض أو بالمعجمة فقط لأبي ذر غير مصروف للتأنيث والعلمية لأنه اسم بقعة. قال ابن قرقول: على ميلين من المدينة وقع فيها حرب بين الأوس والخزرج، وكان سبب ذلك أن من قاعدتهم أن الأصيل لا يقتل بالحليف فقتل رجل من الأوس حليفًا للخزرج فأرادوا أن يقيدوه فامتنعوا فوقعت الحرب بينهم، لذلك قيل بقيت الحرب بينهم مائة وعشرين سنة حتى جاء الإسلام، وكان رئيس الأوس فيه حضيرًا والد أسيد وكان أيضًا فارسهم. وقال أبو أحمد العسكري، قال بعضهم: كان يوم بعاث قبل قدومه ﷺ المدينة بخمس سنين وقتل حضير وكثير من رؤسائهم وأشرافهم وكان ذلك اليوم (يومًا قدمه الله لرسوله ﷺ) إذ لو كانوا أحياء لاستكبروا عن متابعته ﵊ ولمنع حب رئاستهم عن حب دخول رئيس عليهم وسقطت التصلية لأبي ذر (فقدم رسول الله ﷺ) المدينة (و) الحال أنه (قد افترق ملأهم) أي جماعتهم (وقتلت) بضم القاف مبنيًّا للمفعول (سرواتهم) بفتح السين المهملة والراء والواو خيارهم وإشرافهم (وجرّحوا) بضم الجيم وتشديد الراء المكسورة بعدها حاء مهملة من الجرح، ولأبي ذر عن المستملي: وخرجوا بخاء معجمة فراء مفتوحتين فجيم من الخروج أي خرجوا من أوطانهم (فقدمه الله) بتشديد الدال أي ذلك اليوم (لرسوله ﷺ) سقطت التصلية لأبي ذر (في) أي لأجل (دخولهم) أي الذين تأخروا (في الإسلام) فكان في قتل من قتل من أشرافهم ممن كان يأنف أن يدخل في الإسلام مقدمات الخير، وقد كان بقي منهم من هذا النحو عبد الله بن أبي ابن سلول، وقصته في أنفته وتكبره مشهورة لا تخفى، وفي هنا تعليلية كهي في قوله تعالى: ﴿فذلكن الذي لمتنني فيه﴾ [يوسف: ٣٢] ﴿ولمسكم فيما أفضتم فيه﴾ [النور: ١٤] أي لأجله
وفي الحديث دخلت امرأة النار في هرة حبستها أي لأجلها.
وبه قال:(حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي التياح) بالفوقية ثم التحتية المشددة وبعد الألف حاء مهملة يزيد بن حميد الضبعي البصري أنه (قال: سمعت أنسًا ﵁ يقول: قالت الأنصار يوم فتح مكة): يعني عام فتحها بعد قسم غنائم حنين وكان بعد فتح مكة بشهرين (و) الحال أنه (أعطى قريشًا) ممن لم يتمكن الإيمان من قلبه لما بقي فيه من الطبع البشري في محبة المال غنائم حنين يتألفهم بذلك لتطمئن قلوبهم وتجتمع على محبته، لأن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها، ولذا لم يقسم أموال مكة عند فتحها ومقول قول الأنصار:(والله إن هذا) الإعطاء (لهو العجب إن سيوفنا لتقطر من دماء قريش) حال مقررة لجهة الإشكال أي ودماؤهم تقطر من سيوفنا فهو من باب القلب نحو: عرضت الناقة على الحوض قال:
لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى … وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
والمعنى أن سيوفنا من كثرة ما أصابها من دمائهم تقطر (وغنائمنا) أي التي غنمناها (تردّ عليهم) أي لم يعطنا منها شيئًا (فبلغ ذلك) الذي قالوه (النبي ﷺ) ذكر ابن إسحاق عن أبي سعيد