للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غيرهم من نصرته وإيوائه وإيواء من معه ومؤاساتهم بأنفسهم وأموالهم، وكان القياس أن يقال: ناصري فقالوا: أنصاري كأنهم جعلوا الأنصار اسم المعنى.

فإن قلت: الأنصار جمع قلة فلا يكون لما فوق العشرة وهم ألوف. أجيب: بأن جمعي القلة والكثرة إنما يعتبران في نكرات المجموع، أما في المعارف فلا فرق بينهما، والأنصار هم ولد الأوس والخزرج وحلفاؤهم أبناء حارثة بن ثعلبة وهو اسم إسلامي، واسم أمهم قيلة بالقاف المفتوحة والتحتية الساكنة وسقط باب لأبوي ذر والوقت فمناقب بالرفع على ما لا يخفى.

(وقول الله ﷿ ﴿والذين آووا ونصروا﴾ [الأنفال: ٧٢] (﴿والذين تبوأوا الدار والإيمان﴾) أي لزموهما وتمكنوا فيهما أو تبوأوا دار الهجرة ودار الإيمان فحذف المضاف من الثاني والمضاف إليه من الأول، وعوض عنه اللام أو تبوأوا دار الهجرة وأخلصوا الإيمان كقوله:

علفتها تبنًا وماءً باردًا

أو سمى المدينة بالإيمان لأنها مظهره (﴿من قبلهم﴾) من قبل هجرة المهاجرين وهم الأنصار (﴿يحبون من هاجر إليهم﴾) ولا يثقل عليهم (﴿ولا يجدون في صدورهم﴾) من أنفسهم (﴿حاجة

مما أوتوا﴾) [الحشر: ٩] مما أعطي المهاجرون من الفيء وغيره وبقية الأوصاف ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.

قال في فتوح الغيب: وحاصل الوجوه الأربعة يعود إلى أن عطف الإيمان على الدار إما من باب التقدير أو من باب الانسحاب، والإيمان إما مجرى على حقيقته أو استعارة، ففي الوجه الأول الإيمان حقيقة والعطف من باب التقدير لكن يقدر بحسب ما يناسبه، وكذلك في الوجه الثالث العطف فيه للتقدير لكن بحسب السابق، وفي الثاني والرابع العطف على الانسحاب والإيمان على الوجه الثاني استعارة مكنية، وعلى الثالث مجاز أضيف بأدنى ملابسة، وعلى الرابع استعارة مصرحة تحقيقية فشبه في الوجه الأول الإيمان من حيث إن المؤمنين من الأنصار تمكنوا فيه تمكن المالك المتسلط في مكانه ومستقره بمدينة من المدائن الحصينة بنوابعها ومرافقها، ثم قيل إن الإيمان مدينة بعينها تخييلاً محضًا فأطلق على المتخيل باسم الإيمان المشبه وجعلت القرينة نسبة التبوّء اللازم للمشبه به على سبيل الاستعارة التخييلية لتكون مانعة لإرادة الحقيقة، وعلى الرابع شبهت طيبة لكونها دار الهجرة ومكان ظهور الإيمان بالتصديق الصادر من المخلص المحلى بالعمل الصالح، ثم أطلق الإيمان على مدينته بوساطة نسبة التبوّء إليه وهي استعارة مصرحة تحقيقية لأن المشبه المتروك وهو المدينة حسي والجامع النجاة من مخاوف الدارين، ففي الأول المبالغة والمدح يعود إلى سكان المدينة أصالة، وفي الثاني بالعكس. والأول أدعى لاقتضاء المقام لأن الكلام وارد في مدح الأنصار الذين بذلوا مهجهم وأموالهم في نصرة الله ونصرة رسوله ، وهم الذين آووه ونصروه وسقط لأبي ذر قوله: (يحبون) الخ وقال بعد قوله: (﴿من قبلهم﴾ [الحشر: ٩] الآية.

٣٧٧٦ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: "قُلْتُ لأَنَسٍ: أَرَأَيْتَ اسْمَ الأَنْصَارِ كُنْتُمْ تُسَمَّوْنَ بِهِ، أَمْ سَمَّاكُمُ اللَّهُ؟ قَالَ: بَلْ سَمَّانَا اللَّهُ. كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى أَنَسٍ فَيُحَدِّثُنَا بمَنَاقِبَ الأَنْصَارِ وَمَشَاهِدَهُمْ، وَيُقْبِلُ عَلَيَّ أَوْ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَزْدِ فَيَقُولُ: فَعَلَ قَوْمُكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا".

[الحديث ٣٧٧٦ - طرفه في: ٣٨٤٤].

وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: (حدّثنا مهدي بن ميمون) المعولي بكسر الميم وسكون العين المهملة وفتح الواو البصري وسقط ابن ميمون لأبي ذر قال: (حدّثنا غيلان بن جرير) بفتح الغين المعجمة في الأول والجيم في الثاني المعولي البصري (قال: قلت لأنس) هو ابن مالك (أرأيت) أي أخبرني، ولأبي الوقت: أرأيتم أي أخبروني (اسم الأنصار كنتم) ولأبي الوقت: أكنتم (تسمون به) بفتح السين المهملة والميم المشددة قبل القرآن (أم سماكم الله؟) ﷿ به (قال) أنس : (بل سمانا الله) زاد أبو ذر ﷿ أي به كما في قوله تعالى: ﴿والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار﴾ [التوبة: ١٠٠] قال غيلان: (كنا ندخل على أنس) بالبصرة (فيحدّثنا مناقب الأنصار) ولأبي ذر. بمناقب الأنصار بزيادة الموحدة قبل الميم (ومشاهدهم) بالنصب أو بالخفض (ويقبل علي) بتشديد الياء (أو على رجل

من الأزد) بفتح الهمزة وسكون الزاي غيري أو المراد بالأزدي غيلان والشك من الراوي هل قال عليّ أو أبهم

<<  <  ج: ص:  >  >>