للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأن تخلى عنه نص على جواز الأمرين الشيخ بهاء الدين السبكي في شرح مختصر ابن الحاجب مثال الأول ما أجد لي ولكم مثالاً إلا كما قال العبد الصالح فصبر جميل إلى غير ذلك ومثال الثاني قوله عليه الصلاة والسلام حين سئل عن الخمر ما أنزل عَليّ فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة {من يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًّا يره} [الزلزلة: ٧، ٨] قال وقد أشبعنا الكلام على ذلك في حاشية المغني فليراجع منها.

٤ - باب الاِقْتِدَاءِ بِأَفْعَالِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

(باب الاقتداء بأفعال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) واجب لعموم قوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه}

[الحشر: ٧] ولقوله: {فاتبعوني يحببكم الله} [آل عمران: ٣١] فيجب اتباعه في فعله كما يجب في قوله حتى يقوم دليل على الندب أو الخصوصية.

٧٢٩٨ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ: اتَّخَذَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنِّى اتَّخَذْتُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ»، فَنَبَذَهُ وَقَالَ: «إِنِّى لَنْ أَلْبَسَهُ أَبَدًا»، فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ.

وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا سفيان) الثوري ما جزم به المزي (عن عبد الله بن دينار) المدني (عن ابن عمر) عبد الله (-رضي الله عنهما-) أنه (قال: اتخذ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خاتمًا من ذهب فاتخذ الناس خواتيم من ذهب) على التوزيع أي كل واحد اتخذ خاتمًا (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).

(إني اتخذت خاتمًا من ذهب، فنبذه) أي فطرحه (وقال: إني لن ألبسه أبدًا) كراهة مشاركتهم له في خاتمه الذي اتخذه ليختم به كتبه إلى الملوك لئلا تفوت مصلحة نقش اسمه بوقوع الاشتراك ويحصل الخلل أو لكونه من ذهب وكان وقت تحريم لبس الذهب على الرجال (فنبذ الناس خواتيمهم) أي طرحوها اقتداء بفعله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعلاً وتركًا ولا دلالة في ذلك على الوجوب بل على مطلق الاقتداء به والتأسي.

والحديث سبق في باب خواتيم الذهب من وجه آخر من كتاب اللباس.

٥ - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ

وَالتَّنَازُعِ فِى الْعِلْمِ وَالْغُلُوِّ فِى الدِّينِ وَالْبِدَعِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِى دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَاّ الْحَقَّ}.

(باب ما يكره من التعمق) بالعين المهملة المفتوحة والميم المضمومة المشدّدة بعدها قاف أي التشدّد في الأمر حتى يتجاوز الحدّ فيه (والتنازع) وهو التجادل (في العلم) عند الاختلاف فيه إذا لم يتضح الدليل وسقط لأبي ذر في العلم (والغلوّ) بضم الغين المعجمة واللام وتشديد الواو المبالغة والتشدّد (في الدين) حتى يتجاوز الحد (و) الغلوّ في (البدع) المذمومة (لقوله) ولأبي ذر لقول الله (تعالى: {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم} [النساء: ١٧١]) لا تجاوزوا الحد فغلت اليهود في حط المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام عن منزلته حتى قالوا: إنه ابن الزنا، وغلت النصارى في رفعه عن مقداره حيث جعلوه ابن الله ({ولا تقولوا على الله إلا الحق} [النساء: ١٧١]) وهو تنزيهه عن الشريك والولد.

٧٢٩٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا تُوَاصِلُوا». قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ: «إِنِّى لَسْتُ

مِثْلَكُمْ إِنِّى أَبِيتُ يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينِى»، فَلَمْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ. قَالَ: فَوَاصَلَ بِهِمُ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَيْنِ أَوْ لَيْلَتَيْنِ، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلَالَ فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْ تَأَخَّرَ الْهِلَالُ لَزِدْتُكُمْ»، كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ.

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا هشام) هو ابن يوسف اليماني قاضيها قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- أنه (قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).

(لا تواصلوا) في الصوم بأن تصلوا يومًا بيوم من غير أكل وشرب بينهما والنهي للتحريم أو التنزيه (قالوا) يا رسول الله (إنك تواصل. قال: إني لست مثلكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني) بإثبات الياء ولأبي ذر: ويسقين بحذف الياء لا يقال إن قوله يطعمني ويسقيني مناف للوصال لأن المراد بالإطعام لازمه وهو التقوية أو المراد من طعام الجنة وهو لا يفطر آكله (فلم ينتهوا عن الوصال) ظنًّا منهم أن النهي ليس للتحريم. (قال) أبو هريرة فواصل بهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومين أو ليلتين ثم رأوا الهلال، فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لو تأخر الهلال لزدتكم) في المواصلة حتى تعجزوا عنها (كالمنكل لهم) بكسر الكاف المشددة من التنكيل أي كالمعذب لهم، وللحموي كالمنكي لهم بضم الميم وسكون النون وكسر الكاف من النكاية والإنكاء للمستملي كالمنكر أي عليهم فاللام في لهم بمعنى على.

واستشكل وجه المطابقة بين الحديث والترجمة. وأجيب: بأن عادة المؤلّف إيراد ما لا يطابق ظاهرًا حيث تكون المطابقة في طريق من طرق الحديث لتشحيذ الأذهان، ففي التمني كما سبق واصل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخر الشهر وواصل الناس، فبلغ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: (لو مدّ في الشهر لواصلت وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم إني لست مثلكم). وحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>