للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسكون الشين المعجمة السختياني المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) هو ابن المبارك المروزي قال: (أخبرنا عاصم) هو ابن سليمان الأحول (عن حفصة بنت سيرين) أخت محمد بن سيرين (عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(الطاعون شهادة لكل مسلم) وفي حديث أبي عسيب عند أحمد مرفوعًا: "ورجز على الكافر".

وفي حديث عتبة بن عبد عند الطبراني في الكبير بإسناد لا بأس به مرفوعًا: "يأتي الشهداء والمتوفون بالطاعون فيقول أصحاب الطاعون نحن شهداء. فيقال انظروا فإن كان جراحتهم كجراح الشهداء تسيل دمًا كريح المسك فهم شهداء فيجدونهم كذلك".

وحديث الباب أخرجه المؤلّف أيضًا في الطب ومسلم في الجهاد.

[٣١ - باب]

قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ -إِلَى قَوْلِهِ- غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ٩٥].

(باب قول الله تعالى) ولأبي ذر: عز وجل: ({لا يستوي القاعدون}) عن الجهاد ({من المؤمنين}) في موضع الحال من القاعدين أو من الضمير الذي فيه ومن للبيان، والمراد بالجهاد غزوة بدر قاله ابن عباس. وقال مقاتل: غزوة تبوك. ({غير أُولي الضرر}) برفع غير صفة للقاعدين والضرر كالعمى والعرج والمرض، ({والمجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم}) عطف على قوله: (القاعدون) أي لا مساواة بينهم وبين من قعد عن الجهاد من غير علة، وفائدته تذكير ما بينهما من التفاوت ليرغب القاعد في الجهاد رفعًا لرتبته وأنفة عن انحطاط منزلته ({فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة}) نصب بنزع الخافض أي بدرجة والجملة موضحة للجملة الأولى التي فيها عدم استواء القاعدين والمجاهدين كأنه قيل: ما بالهم لا يستوون؟ فأجيب بقوله: فضل الله المجاهدين ({وكلاًّ}) من القاعدين والمجاهدين ({وعد الله الحسنى}) المثوبة الحسنى وهي الجنة لحسن عقيدتهم

وخلوص نيتهم وإنما التفاوت في زياد العمل المقتضي لمزيد الثواب ({وفضل الله المجاهدين على القاعدين}) كأنه قيل وأعطاهم زيادة على القاعدين ({أجرًا عظيمًا}) وأراد بقوله (إلى قوله: ({غفورًا رحيمًا}) [النساء: ٩٥، ٩٦]. تمام الآية أي غفورًا لما عسى أن يفرط منهم رحيمًا بهم، وقال في رواية أبي ذر بعد قوله: {غير أولي الضرر} إلى قوله: {غفورًا رحيمًا}.

٢٨٣١ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ -رضي الله عنه- يَقُولُ: "لَمَّا نَزَلَتْ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَيْدًا فَجَاءَهُ بِكَتِفٍ فَكَتَبَهَا. وَشَكَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ضَرَارَتَهُ فَنَزَلَتْ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}. [الحديث ٢٨٣١ - طرفاه في: ٤٥٩٣، ٤٥٩٤، ٤٩٩٠].

وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي (قال: سمعت البراء) بن عازب (-رضي الله عنه- يقول: لما نزلت) أي كادت أن تنزل ({لا يستوي القاعدون من المؤمنين} دعا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زيدًا) هو ابن ثابت الأنصاري (فجاء) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فجاءه (بكتف) بفتح الكاف وكسر المثناة الفوقية عظم عريض يكون في أصل كتف الحيوان كانوا يكتبون فيه لقلة القراطيس (فكتبها) فيه. وفي رواية خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه عند أحمد وأبي داود إني لقاعد إلى جنب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ أوحي إليه وغشيته السكينة فوضع فخذه على فخذي. قال زيد: فلا والله ما وجدت شيئًا قطّ أثقل منها، فصرح خارجة بأن نزولها كان بحضرة زيد فيحتمل قوله في رواية الباب: دعا زيدًا فكتبها على أنه لما كادت أن تنزل كما مرّ.

(وشكا ابن أم مكتوم) عمرو أو عبد الله بن زائدة العامري وأم مكتوم أمه واسمها عاتكة (ضرارته). بفتح الضاد المعجمة أي ذهاب بصره (فنزلت) {لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أُولي الضرر}.

فإن قلت: لِمَ كرر الراوي {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} وهلا اقتصر على قوله: {غير أولي الضرر}؟ أجاب ابن المنير: بأن الاستثناء والنعت لا يجوز فصلهما عن أصل الكلام فلا بدّ أن تعاد الآية الأولى حتى يتصل بها الاستثناء والنعت. وقال السفاقسي: إن كان الوحي نزل بقوله: (غير أولي الضرر) فقط فكأن الراوي رأى إعادة الآية من أولها حتى يتصل الاستثناء بالمستثنى منه، وإن كان الوحي نزل بإعادة الآية بالزيادة بعد أن نزل بدونها فقد حكى الراوي صورة الحال. قال ابن حجر: والأول أظهر لرواية سهل بن سعد فأنزل الله تعالى: {غير أولي الضرر} وقال ابن الدماميني متعقبًا لابن المنير في قوله إن

<<  <  ج: ص:  >  >>