للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حدّثني) بالإفراد (حميد) الطويل (قال: حدّثني) بالإفراد أيضًا (أنس) هو ابن مالك رضي الله عنه، ولأبي ذر: عن أنس (أن بني سلمة) بكسر اللام (أرادوا أن يتحوّلوا عن منازلهم) لكونها كانت بعيدة من المسجد (فينزلوا) منزلاً (قريبًا من النبي) أي من مسجده (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال) أنس: (فكره رسول الله) ولأبي ذرّ: النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يعروا المدينة) بضم المثناة التحتية وسكون العين المهملة وضم الراء أي: يتركوها خالية، وللكشميهني: أن يعروا منازلهم، فأراد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن تبقى جهات المدينة عامرة بساكنيها، (فقال)

(لا تحتسبون أثاركم) أي: ألا تعدون خطاكم عند مشيكم إلى المسجد، زاد في رواية الفزاري: في الحج، فأقاموا. ولمسلم، من حديث جابر، فقالوا: ما يسرنا أنّا كنّا تحوّلنا (قال مجاهد: خطاكم: آثارهم، أن يُمشى بضم أوّله وفتح ثالثه، وفي رواية: أن يمشوا. وفي رواية لأبي ذر: (والمشي في الأرض بأرجلهم).

وزاد قتادة فقال: لو كان الله عز وجل مغفلاً شيئًا من شأنك يا ابن آدم، اغفل ما تعفي الرياح من هذه الآثار، ولكن أحصى على ابن آدم أثره وعمله كله حتى أحصى عليه هذا الأثر فيما هو من طاعة الله تعالى، أو من معصيته. فمن استطاع منكم أن يكتب أثره في طاعة الله فليفعل.

وأشار المؤلّف بهذا التعليق، المسوق مرتين، إلى أن قصة بني سلمة كانت سبب نزول هذه الآية، وقد ورد مصرحًا به عند ابن ماجة بإسناد قوي، وكذا عند ابن أبي حاتم، قال الحافظ ابن كثير: وفيه غرابة من حيث ذكر نزول هذه الآية والسورة بكمالها مكية اهـ.

قلت قال أبو حيان: السورة كلها مكية، لكن زعمت فرقة أن قوله: {ونكتب ما قدّموا وآثارهم} نزل في بني سلمة من الأنصار، وليس هذا زعمًا صحيحًا. اهـ. لكن يترجح الأوّل بقوّة إسناده.

ورواة هذا الحديث ما بين طائفي وبصري، وفيه التحديث والقول.

٣٤ - باب فَضْلِ الْعِشَاءِ فِي الْجَمَاعَةِ

(باب فضل صلاة العشاء). حال كونها (في الجماعة) وسقط لفظ صلاة لابن عساكر.

٦٥٧ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَيْسَ صَلَاةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا. لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ الْمُؤَذِّنَ فَيُقِيمَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً يَؤُمُّ النَّاسَ، ثُمَّ آخُذَ شُعَلاً مِنْ نَارٍ فَأُحَرِّقَ عَلَى مَنْ لَا يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ بَعْدُ».

وبالسند قال (حدّثنا عمر بن حفص) بضم العين (قال: حدّثنا أبي) حفص بن غياث بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي.

(قال: حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو صالح) ذكوان السمان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (ليس صلاة أثقل) بالنصب، خبر ليس، كذا في رواية الكشميهني، وفي رواية أبي ذر وكريمة عنه وللأكثرين: ليس أثقل (على المنافقين)، بحذف اسم ليس (من الفجر). ولأبي الوقت وابن عساكر: من صلاة الفجر (و) صلاة (العشاء) لأن وقت الأولى وقت لذة النوم، والثانية وقت سكون واستراحة. وفي تعبيره بالفعل التفضيل دلالة على أن الصلاة جميعها ثقيلة على المنافقين، والصلاتان المذكورتان أثقل من غيرهما لقوّة الداعي المذكور إلى تركهما، وأطلق عليهم النفاق، وهم مؤمنون، على سبيل المبالغة في التهديد، لكونهم لا يحضرون الجماعة ويصلون في بيوتهم من غير عذر ولا علة، وقد تقدم التنبيه على ذلك في باب وجوب الجماعة (ولو يعلمون ما فيهما) أي الفجر والعشاء من مزيد الفضل (لأتوهما) إلى المسجد للجماعة (ولو) كان إتيانهم (حبوًا). يزحفون إذا تعذّر مشيهم كما يزحف الصغير، ولم يفوتوا ما في مسجد الجماعة من الفضل والخير، ومطابقة الحديث للترجمة في الجزء الثاني. (لقد) بغير واو، ولأبوي ذر والوقت: ولقد (هممت أن آمر) بالمدّ وضم الميم (المؤذن فيقيم ثم آمر) بالنصب عطفًا على آمر المنصوب بأن مثل فيقيم (رجلاً يؤم) برفع الميم (الناس) بنصب السين. والجملة في موضع نصب صفة لرجل المنصوب بثم آمر (ثم آخذ شعلاً من نار) بضم الشين المعجمة وفتح العين، والنصب مفعول آخذ المنصوب عطفًا على آمر (فأحرّق) بفتح الحاء وتشديد الراء المكسورة ونصب عطفًا على آخذ، وللكشميهني: فأحرق بسكون الحاء، (على مَن لا يخرج إلى الصلاة بعد) نقيض قبل، مبني على الضم. أي بعد أن يسمع النداء إلى الصلاة.

وللكشميهني وأبي الوقت والأصيلي وابن عساكر:

<<  <  ج: ص:  >  >>