للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتأذّى بسماعه وينفر عنه طبعه ويظهر له بسببه نقصان حال أما من كان متعاليًا عن الشهوة والنفرة والزيادة والنقصان لم يعقل تحقّق الوجوب في حقه جهذا المعنى.

الثالث: أنه تعالى تمدّح بقبول التوبة في قوله تعالى: {ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده} [التوبة: ١٠٤] ولو كان ذلك واجبًا لما تمدّح به لأن أداء الواجب لا يفيد المدح والثناء والتعظيم. قال بعض المفسرين قبول التوبة من الكفر يقطع به على الله تعالى إجماعًا ولهذه نزلت هذه الآية، وأما المعاصي فيقطع بأن الله تعالى يقبل التوبة منها من طائفة من الأمة، واختلف هل يقبل توبة الجميع وأما إذا عيّن إنسان تائب فيرجى قبول توبته ولا يقطع به على الله تعالى وأما إذا فرضنا تائبًا غير معين صحيح التوبة فقيل يقطع على الله بقبول توبته وعليه طائفة فيها الفقهاء والمحدّثون لأنه تعالى أخبر بذلك عن نفسه، وعلى هذا يلزم أن يقبل توبة جميع التائبين. وذهب أبو المعالي وغيره إلى أن ذلك لا يقطع به على الله بل يقوى في الرجاء والقول الأوّل أرجح ولا فرق بين التوبة من الكفر والتوبة من المعاصي بدليل أن الإسلام يجبّ ما قبله والتوبة تجبّ ما قبلها اهـ.

والحديث سبق في ذكر بني إسرائيل وفي الرقاق.

٣٦ - باب كَلَامِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ

(باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم).

٧٥٠٩ - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ شُفِّعْتُ فَقُلْتُ: يَا رَبِّ أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ خَرْدَلَةٌ، فَيَدْخُلُونَ ثُمَّ أَقُولُ: أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ أَدْنَى شَىْءٍ». فَقَالَ أَنَسٌ: كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: (حدّثنا يوسف بن راشد) هو يوسف بن موسى بن راشد القطان الكوفي نزيل بغداد قال: (حدّثنا أحمد بن عبد الله) اليربوعي روى عنه المصنف بغير واسطة في الوضوء وغيره قال: (حدّثنا أبو بكر بن عياش) بالتحتية المشددة والمعجمة القارئ راوي عاصم أحد القرّاء (عن حميد) بضم الحاء وفتح الميم الطويل أنه (قال: سمعت أنسًا -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):

(إذا كان يوم القيامة شفعت) بضم المعجمة وكسر الفاء المشددة من التشفيع وهو تفويض الشفاعة إليه والقبول منه قاله في الكواكب، ولأبي ذر عن الكشميهني: شفعت بفتح المعجمة والفاء مع التخفيف (فقلت يا رب أدخل الجنة) بفتح الهمزة وكسر الخاء المعجمة من الإدخال (من كان في قلبه خردلة) من إيمان وفي الرواية الآتية بعد هذه إن الله تعالى هو الذي يقول له ذلك وهو المعروف في سائر الأخبار (فيدخلون) الجنة (ثم أقول) بالهمز يا رب (أدخل الجنة من كان في قلبه أدنى شيء) من إيمان وهو التصديق الذي لا بدّ منه (فقال أنس: كأني أنظر إلى أصابع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حيث يقلّله عند قوله أدنى شيء ويشير إلى رأس أصبعه بالقلة. وقال في الفتح: كأنه يضم أصابعه ويشير بها. وقال الداودي قوله ثم أقول خلاف سائر الروايات فإن فيها أن الله أمره أن يخرج، وتعقبه في الفتح فقال فيه نظر والموجود عند أكثر الرواة ثم أقول بالهمز، والذي أظن أن البخارى أشار إلى ما في بعض طرقه عادته، ففي مستخرج أبي نعيم من طريق أبي عاصم أحمد بن جوّاس بفتح الجيم وتشديد الواو آخره سين مهملة عن أبي بكر بن عياش أشفع يوم القيامة فيقال لي لك من في قلبه شعيرة، ولك من في قلبه خردلة، ولك من في قلبه شيء. فهذا من كلام الرب مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قال: ويمكن التوفيق بينهما بأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يسأل ذلك أوّلاً فيجاب إلى ذلك ثانيًا فوقع في إحدى الروايتين ذكر السؤال وفي البقية ذكر الإجابة.

٧٥١٠ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ هِلَالٍ الْعَنَزِىُّ قَالَ: اجْتَمَعْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَذَهَبْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَذَهَبْنَا مَعَنَا بِثَابِتٍ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ لَنَا عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ: فَإِذَا هُوَ فِى قَصْرِهِ فَوَافَقْنَاهُ يُصَلِّى الضُّحَى، فَاسْتَأْذَنَّا فَأَذِنَ لَنَا وَهْوَ قَاعِدٌ عَلَى فِرَاشِهِ فَقُلْنَا لِثَابِتٍ: لَا تَسْأَلْهُ عَنْ شَىْءٍ أَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ هَؤُلَاءِ إِخْوَانُكَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ جَاءُوكَ يَسْأَلُونَكَ عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِى بَعْضٍ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ، فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى، فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَأْتُونِى فَأَقُولُ أَنَا لَهَا فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّى فَيُؤْذَنُ لِى وَيُلْهِمُنِى مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا لَا تَحْضُرُنِى الآنَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ وَأَخِرُّ لَهُ

سَاجِدًا فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ: أُمَّتِى أُمَّتِى فَيُقَالُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِى أُمَّتِى فَيُقَالُ، انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ، أَوْ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِى أُمَّتِى فَيَقُولُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ». فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا، لَوْ مَرَرْنَا بِالْحَسَنِ وَهْوَ مُتَوَارٍ فِى مَنْزِلِ أَبِى خَلِيفَةَ فَحَدَّثَنَا بِمَا حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَأَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَنَا فَقُلْنَا لَهُ يَا أَبَا سَعِيدٍ جِئْنَاكَ مِنْ عِنْدِ أَخِيكَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَلَمْ نَرَ مِثْلَ مَا حَدَّثَنَا فِى الشَّفَاعَةِ فَقَالَ: هِيهِ فَحَدَّثْنَاهُ بِالْحَدِيثِ فَانْتَهَى إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ: هِيهِ، فَقُلْنَا لَمْ يَزِدْ لَنَا عَلَى هَذَا فَقَالَ: لَقَدْ حَدَّثَنِى وَهْوَ جَمِيعٌ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فَلَا أَدْرِى أَنَسِىَ أَمْ كَرِهَ أَنْ تَتَّكِلُوا، قُلْنَا يَا أَبَا سَعِيدٍ فَحَدِّثْنَا فَضَحِكَ وَقَالَ: خُلِقَ الإِنْسَانُ عَجُولاً مَا ذَكَرْتُهُ إِلَاّ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدَّثَنِى كَمَا حَدَّثَكُمْ بِهِ، قَالَ «ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ ائْذَنْ لِى فِيمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ فَيَقُولُ: وَعِزَّتِى وَجَلَالِى وَكِبْرِيَائِى وَعَظَمَتِى لأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ».

وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) بفتح الحاء المهملة وسكون الراء الواشحي قال: (حدّثنا حماد بن زيد) أي ابن درهم الإمام أبو إسماعيل قال: (حدّثنا معبد بن هلال) بفتح الميم والموحدة بينهما عين مهملة ساكنة (العزي) بفتح العين المهملة وكسر الزاي (قال: اجتمعنا ناس) بيان لقوله اجتمعنا وهو مرفوع خبر مبتدأ محذوف أي اجتمعنا نحن ناس (من أهل البصرة) أي ليس فيهم أحد من غير أهلها (فذهبنا إلى أنس بن مالك) -رضي الله عنه- (وذهبنا معنا) بفتح العين (بثابت إليه) إلى أنس (يسأله) وثابت بالمثلثة ولأبي ذر والأصيلي بثابت البناني نسبة إلى بنانة بضم الموحدة وتخفيف النون أمة لسعد بن لؤي كانت تحضنه أو زوجته ونسب

<<  <  ج: ص:  >  >>