للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال: رأيت الكف عن ذلك وآثرت السكوت عنه جزاه الله خيرًا لكن لما كان ذلك مصرحًا به في كتب الحديث التي بأيدي الناس كان الأولى التنبيه على المعنى والله تعالى يهدينا سواء السبيل بمنّه وكرمه. (ألم يعلم) أي فلان (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال): (قاتل الله اليهود) الأصل في فاعل أن يكون من اثنين فلعله عبّر عنه بما هو مسبب عنه فإنهم بما اخترعوا من الحيل انتصبوا فيها لمحاربة الله ومقاتلته ومن قاتله قتله، وفسره البخاري من رواية أبي ذر فاللعنة وهو قول ابن عباس. وقال الهروي معناه قتلهم الله، وقال البيضاوي في سورة [التوبة: ٣٠] {قاتلهم الله} دعا عليهم بالهلاك فإن من قاتله الله هلك وهو معنى ما سبق (حرمت عليهم الشحوم) وجمع الشحم لاختلاف أنواعه وإلا فهو اسم جنس حقه الإفراد أي حرم عليهم كلها مطلقًا

من الميتة وغيرها وإلاّ فلو حرّم عليهم بيعها لم يكن لهم حيلة فيما صنعوه من إذابتها المذكور بقوله (فجملوها) بفتح الجيم والميم أي أذابوها (فباعوها) يعني فبيع فلان الخمر مثل بيع اليهود الشحم المذاب وكل ما حرّم تناوله حرم بيعه نعم المذاب للاستصباح ليس بحرام لأن الدعاء عليهم إنما هو مرتب على المجموع وفيه استعمال القياس في الأشباه والنظائر وتحريم بيع الخمر.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في ذكر بني إسرائيل، ومسلم في البيوع، والنسائي في الذبائح والتفسير، وابن ماجة في الأشربة.

٢٢٢٤ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «قَاتَلَ اللَّهُ يَهُودً، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا». قَالَ أَبُو عَبْدُ اللهِ: {قَاتَلَهُمُ اللهُ} لَعَنَهُمْ. {قُتِلَ}: لُعِنَ. {الخَرّاصُونَ}: الكَذّابُونَ.

وبه قال: (حدّثنا عبدان) هو عبد الله بن عثمان المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: (أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه (قال: سمعت سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(قاتل الله يهود) بغير تنوين لأنه لا ينصرف للعلمية والتأنيث لأنه علم للقبيلة ويروى يهودًا بالتنوين على إرادة الحي فيصير بعلة واحدة فينصرف، وفي بعض الأصول قاتل الله اليهود بالألف واللام (حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها) جمع ثمن ولم يقل في هذه الطريق فجملوها وزاد هنا في بعض الأصول في رواية المستملي: (قال أبو عبد الله) البخاري: (قاتلهم الله لعنهم) الله وهو تفسير لقاتل في اليهود لا لقاتل الواقع من عمر -رضي الله عنه- في حق فلان، واستشهد المؤلّف على ذلك بقوله تعالى: ({قتل}) أي (لعن {الخراصون}) أي ({الكذابون})، وهو تفسير ابن عباس رواه الطبري عنه في تفسيره.

١٠٤ - باب بَيْعِ التَّصَاوِيرِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا رُوحٌ، وَمَا يُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ

(باب بيع التصاوير) أي المصورات (التي ليس فيها روح) كالأشجار ونحوها (و) بيان (ما يكره من ذلك) اتخاذًا وبيعًا وعملاً ونحوها.

٢٢٢٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: "كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ إِنِّي إِنْسَانٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي، وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا أُحَدِّثُكَ إِلَاّ مَا

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا. فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ. فَقَالَ: وَيْحَكَ إِنْ أَبَيْتَ إِلَاّ أَنْ تَصْنَعَ فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ: كُلِّ شَىْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ مِنَ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ هَذَا الْوَاحِدَ. [الحديث ٢٢٢٥ - طرفاه في: ٥٩٦٣، ٧٠٤٢].

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن عبد الوهاب) الحجبي قال: (حدّثنا يزيد بن زريع) مصغرًا قال: (أخبرنا عوف) بفتح العين آخره فاء ابن أبي حميد المعروف بالأعرابي (عن سعيد بن أبي الحسن) هو أخو الحسن البصري وأسنّ منه ومات قبله وليس له في البخاري موصولاً سوى هذا الحديث أنه (قال: كنت عند ابن عباس -رضي الله عنهما- إذ أتاه رجل) لم يسم (فقال: يا أبا عباس) هي كنية عبد الله بن عباس، وفي بعض الأصول يا ابن عباس (إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير فقال) له (ابن عباس لا أحدّثك إلا ما سمعت من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سمعته يقول):

(من صوّر صورة فإن الله معذبه) بها (حتى ينفخ فيها) أي في الصورة (الروح وليس بنافخ فيها) الروح (أبدًا) فهو يعذب أبدًا (فربا الرجل) أصابه الربو وهو مرض يعلو منه النفس ويضيق الصدر أو ذعر وامتلأ خوفًا أو انتفخ (ربوة شديدة) بتثليث الراء (واصفر وجهه) بسبب ما عرض له (فقال) له ابن عباس (ويحك) كلمة ترحم كما أن ويلك كلمة عذاب (إن أبيت إلا أن تصنع) ما ذكرت من التصاوير (فعليك بهذا الشجر) ونحوه (كل شيء ليس فيه روح) لا بأس بتصويره وكل بالجر بدل كل من بعض كقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>