البادية، ووقع في نفسي أنها النخلة. قال عبد الله: فاستحييت. فقالوا) ولابن عساكر والأصيلي قالوا: (يا رسول الله أخبرنا بها. فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هي النخلة. قال عبد الله فحدّثت أبي) عمر (بما) أي بالذي (وقع في نفسي) من أنها النخلة (فقال: لأن) بفتح اللام (تكون قلتها أحب إلي من أن يكون ليس كذا وكذا) أي من حمر النعم وغيرها.
فإن قلت: لم قال قلتها بلفظ الماضي مع قوله تكون بلفظ المضارع وقد كان حقه أن يقول لأن كنت قلت؟ أجيب بأن المعنى لأن تكون في الحال موصوفًا بهذا القول الصادر في الماضي انتهى.
وإنما تأسف عمر رضي الله عنه على كون ابنه لم يقل ذلك لتظهر فضيلته فاستلزم حياؤه تفويت ذلك وقد كان يمكنه إذا استحيا إجلالاً لمن هو أكبر منه أن يذكر ذلك لغيره سرًّا ليخبر به عنه فيجمع بين المصلحتين، ومن ثم عقبه المؤلف بقوله:
٥١ - باب مَنِ اسْتَحْيَا فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالسُّؤَالِ
(باب من استحيا) من العالم أن يسأل منه بنفسه (فأمر غيره بالسؤال) منه ولفظ باب ساقط للأصيلي.
١٣٢ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً، فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: «فِيهِ الْوُضُوءُ». [الحديث ١٣٢ - طرفاه في: ١٧٨، ٢٦٩].
وبالسند إلى المؤلف رحمه الله قال: (حدّثنا مسدد) أي ابن مسرهد (قال: حدّثنا عبد الله بن داود) بن عامر الخريبي نسبة إلى خريبة بضم الخاء المعجمة وفتح الراء وسكون المثناة التحتيه وفتح الموحدة محلة بالبصرة، المتوفى سنة ثلاث عشرة ومائتين (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن منذر) بضم الميم وسكون النون وكسر المعجمة وكنيته أبو يعلى بفتح المثناة التحتية وسكون المهملة وفتح اللام (الثوري) بالمثلثة الكوفي (عن محمد ابن الحنفية) المتوفى سنة ثمانين أو إحدى وثمانين أو أربع عشرة ومائة ودفن بالبقيع والحنفية أمه وهي خولة بنت جعفر الحنفي اليمامي وكانت من سبي بني حنيفة (عن) أبيه (علي) رضي الله عنه، وللأصيلي زيادة ابن أبي طالب (قال):
(كنت رجلاً مذّاء) بالمعجمة المشددة للمبالغة في كثرة الذي وهو بإسكان المعجمة الماء الذي يخرج من الرجل عند الملاعبة وهو منصوبة صفة رجلاً المنصوب خبر كان (فأمرت المقداد) بكسر الميم وسكون القاف ابن عمرو زاد في رواية ابن عساكر ابن الأسود وليس بأبيه وإنما رباه أو تبناه أو حالفه أو تزوّج بأمه فنسب إليه، وإنما أبوه عمرو بن ثعلبة البهراني وهو من السابقين إلى الإسلام، المتوفى سنة ثلاث وثلاثين في خلافة عثمان رضي الله عنه (أن يسأل) أي بأن يسأل (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسأله) عن حكم المذي (فقال) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فيه) أي في المذي (الوضوء) لا الغسل وقد استدل بعضهم بهذا الحديث على جواز الاعتماد على الخبر المظنون مع القدرة على المقطوع وهو خطأ ففي النسائي أنّ السؤال وقع وعليّ حاضر قاله في الفتح.
٥٢ - باب ذِكْرِ الْعِلْمِ وَالْفُتْيَا فِي الْمَسْجِد
هذا (باب) جواز (ذكر العلم والفتيا في المسجد) وإن أدّت المباحثة في ذلك إلى رفع الصوت وسقط لفظ الباب للأصيلي.
١٣٣ - حَدَّثَنِي قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً قَامَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُهِلَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَيُهِلُّ أَهْلُ
الشَّأْمِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَيُهِلُّ أَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ». وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَيَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: لَمْ أَفْقَهْ هَذِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. [الحديث ١٣٣ - أطرافه في: ١٥٢٢، ١٥٢٥، ١٥٢٧، ١٥٢٨، ٧٣٤٤].
وبالسند إلى المؤلف قال: (حدّثنا) بالجمع وفي رواية المستملي حدّثني (قتيبة) ولغير أبوي ذر والوقت وابن عساكر بن سعيد بكسر العين (قال: حدَّثنا الليث بن سعد) إمام المصريين (قال: حدّثنا نافع) هو ابن سرجس بفتح المهملة وسكون الراء وكسر الجيم آخره سين مهملة وهو (مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب) المتوفى بالمدينة سنة سبع عشرة ومائة وفي رواية ابن عساكر بإسقاط لفظة ابن الخطاب (عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما.
(أن رجلاً قام في المسجد) النبوي ولم يعرف اسم الرجل (فقال: يا رسول الله من أين تأمرنا أن نهل)؟ أي بالإهلال وهو رفع الصوت بالتلبية في الحج والمراد به هنا الإحرام مع التلبية والسؤال عن موضع الإحرام وهو الميقات المكاني. (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يهل) بضم الياء أي يحرم (أهل المدينة من ذي الحليفة) بضم المهملة وفتح اللام، (ويهل أهل الشام من الجحفة) بضم الجيم وسكون المهملة، (ويهل أهل نجد) وهو ما ارتفع من أرض تهامة إلى أرض العراق (من قرن) بفتح القاف وسكون الراء وهو جبل مدوّر أملس كأنه هضبة مطل على عرفات، وقوله ويهل في الكل على صورة