للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حمران) هذا استدراك من ابن شهاب، يعني أن شيخيه اختلفا في روايتهما له عن حمران عن عثمان رضي الله عنه فحدّثه عطاء على صفة وعروة على صفة، وليس ذلك اختلافًا وإنما هما حديثان متغايران، فأما صفة تحديث عطاء فتقدمت وأما صفة تحديث عروة عنه فأشار إليها بقوله: (فلما توضأ عثمان) رضي الله عنه عطف على محذوف تقديره عن حمران أنه رأى عثمان رضي الله عنه دعا بإناء فأفرغ على كفّيه إلى أن قال: فغسل رجليه إلى الكعبين، فلما توضأ (قال: ألا أحدّثكم) وفي رواية الأربعة لأحدّثنكم أي والله لأحدّثنكم (حديثًا لولا آية) ولابن عساكر لولا آية ثابتة في كتاب الله تعالى (ما حدّثتكموه) أي ما كنت حريصًا على تحديثكم به (سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه (يقول: لا يتوضأ) وفي رواية لا يتوضأن بنون التوكيد الثقيلة (رجل يحسن) وفي رواية الأربعة فيحسن (وضوءه) بأن ويأتي به كاملاً بآدابه وسننه، والفاء بمعنى ثم لأن إحسان الوضوء ليس متأخرًا عن الوضوء حتى يعطف عليه بالفاء التعقيبية، بل هي لبيان الرتبة دلالة على أن الإجادة في الوضوء أفضل وأكمل من الاقتصار فيه على الواجب، (ويصلي الصلاة) المفروضة (إلا) رجل (غفر له) بضم الغين وكسر الفاء (ما بينه وبين الصلاة) التي تليها كما في مسلم من رواية هشام بن عروة أي من الصغائر (حتى يصليها) أي يفرغ منها، فحتى غاية يحصل المقدر في الظرف إذ الغفران لا غاية له. وقال في الفتح: حتى يصليها أي يشرع في الصلاة الثانية.

(قال عروة الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا}. [البقرة: ١٥٩] ولابن عساكر {مَا أَنْزَلْنَا مِنَ

البَيِّنَاتِ)، وفي رواية "مَا أَنْزَلْنَا" الآية أي التي في سورة البقرة إلى قوله: {ويلعنهم اللاعنون} كما في مسلم. وهذه الآية وإن كانت في أهل الكتاب فهي تحثّ على التبليغ، ومن ثم استدلّ بها في هذا المقام لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب على ما عرف في محله، ثم إن ظاهر الحديث يقتضي أن المغفرة لا تحصل بما ذكر من إحسان الوضوء بل حتى تنضاف إليه الصلاة.

قال ابن دقيق العيد: الثواب الموعود به يترتب على مجموع الوضوء على النحو المذكور، وصلاة الركعتين بعده به والمترتب على مجموع أمرين لا يترتب على أحدهما إلا بدليل خارج، وقد أدخل قوم هذا الحديث في فضل الوضوء وعليهم في ذلك هذا السؤال. ويجاب بأن كون الشيء جزءًا فيما يترتب عليه الثواب العظيم كافٍ في كونه ذا فضل فيحصل المقصود من كون الحديث دليلاً على فضيلة الوضوء، ويظهر بذلك الفرق بين حصول الثواب المخصوص وحصول مطلق الثواب، فالثواب المخصوص يترتب على مجموع الوضوء على النحو المذكور والصلاة الموصوفة، وفضيلة الوضوء قد تحصل بما دون ذلك انتهى.

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه الصحيح "إذا توضأ العبد خرجت خطاياه" الحديث.

وفيه أن الخطايا تخرج مع آخر الوضوء حتى يفرغ من الوضوء نقيًّا من الذنوب وليس فيه ذكر الصلاة. وأجيب: بأن يحمل حديث أبي هريرة عليها لكن يبعده أن في رواية لمسلم من حديث عثمان رضي الله عنه وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة. وأجيب باحتمال أن يكون ذلك باختلاف الأشخاص، فربَّ متوضئ يحضره من الخشوع ما يستقل وضوءه بالتفكير وآخر عند تمام الصلاة، والله تعالى أعلم.

٢٥ - باب الاِسْتِنْثَارِ فِي الْوُضُوءِ

ذَكَرَهُ عُثْمَانُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهم- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

(باب الاستنثار في الوضوء) وهو دفع الماء الذي يستنشقه المتوضئ أي يجذبه بريح أنفه لتنظيف ما في داخله فيخرجه بريح أنفه سواء كان بإعانة يده أم لا (ذكره) أي الاستنثار (عثمان) بن عفان رضي الله عنه فيما رواه المؤلف موصولاً في باب مسح الرأس كله كما تقدم، (وعبد الله بن زيد) فيما وصله المؤلف فيما سيأتي إن شاء الله تعالى، (وابن عباس رضي الله عنهم عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)، وفي رواية ابن عساكر والأصيلي وعبد الله بن عباس وتقدم حديثه موصولاً عند المؤلف، في باب غسل الوجه من غرفة، لكن ليس فيه ذكر الاستنثار، قال في الفتح: كأن المصنف أشار بذلك إلى ما رواه أحمد وأبو داود والحاكم من حديثه موقوفًا استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>