كل ما صح الرهن فيه صح ضمانه والعكس أو أشار إلى ما ورد في بعض طرق الحديث على عادته، ففي الرهن عن مسدد عن عبد الواحد عن الأعمش قال تذاكرنا عند إبراهيم الرهن والقبيل في السلف الحديث ففيه التصريح بالرهن والكفيل لأن القبيل هو الكفيل والمراد بالسلم السلف سواء كان في الذمة نقدًا أو جنسًا.
٦ - باب الرَّهْنِ فِي السَّلَمِ
(باب الرهن في السلم).
٢٢٥٢ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: "تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِي السَّلَفِ فَقَالَ: "حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَارْتَهَنَ مِنْهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ".
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن محبوب) بالحاء المهملة والموحدتين بينهما واو ساكنة أبو عبد الله البصري قال: (حدّثنا عبد الواحد) بن زياد قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان (قال: تذاكرنا عند إبراهيم) النخعي (الرهن في السلف) وقد أخرج الإسماعيلى من طريق ابن نمير عن للأعمش أن رجلاً قال لإبراهيم النخعي أن سعيد بن جبير يقول إن الرهن في السلم هو الربا المضمون فرد إبراهيم بهذا الحديث (فقال: حدّثني) بالإفراد (الأسود) ابن زياد (عن عائشة -رضي الله عنها- أن
النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اشترى من يهودي طعامًا إلى أجل معلوم) سقط لأبي ذر قوله معلوم (وارتهن) اليهودي (منه) عليه الصلاة والسلام (درعًا من حديد) وقد قال الله تعالى: {إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} إلى أن قال: {فرهان مقبوضة} [البقرة: ٢٨٢، ٢٨٣] وهو عام فيدخل فيه السلم ولأنه أحد نوعي البيع وقال المرداوي من الحنابلة في تنقيحه ولا يصح أخذ رهن وكفيل بمسلم فيه وعنه أي عن الإمام أحمد يصح وهو أظهر انتهى.
واستدلّ للقول بالمنع بحديث أبي داود عن أبي سعيد من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره وجه الدلالة منه أنه لا يأمن هلاك الرهن في يده بعدوان فيصير مستوفيًا لحقه من غير المسلم فيه وعن ابن عباس رفعه من أسلم في شيء فلا يشترط على صاحبه غير قضائه أخرجه الدارقطني وإسناده ضعيف، ولو صح فهو محمول على شرط ينافي مقتضى العقد. وقال ابن بطال: وجه احتجاج النخعي بحديث عائشة أن الرهن لما جاز في الثمن جاز في المثمن وهو المسلم فيه إذ لا فرق بينهما.
٧ - باب السَّلَمِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ
وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ وَالأَسْوَدُ وَالْحَسَنُ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا بَأْسَ فِي الطَّعَامِ الْمَوْصُوفِ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ مَا لَمْ يَكُ ذَلِكَ فِي زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ.
(باب السلم إلى أجل معلوم وبه) أي باختصاص السلم بالأجل (قال ابن عباس) -رضي الله عنهما- فيما وصله الشافعي من طريق أبي حسان عن الأعرج عن ابن عباس، (وأبو سعيد) الخدري فيما وصله عبد الرزاق، (والأسود) بن يزيد مما وصله ابن أبي شيبة، (والحسن) البصري مما وصله سعيد بن منصور.
(وقال ابن عمر) بن الخطاب مما وصله في الموطأ: (لا بأس) بالسلف (في الطعام الموصوف بسعر معلوم إلى أجل معلوم ما لم يك) أصله يكن فأسقط النون للتخفيف (ذلك) السلم (في زرع لم يبد صلاحه) فإن بدا صح وهذا مذهب المالكية كما مر تقريره في الباب السابق.
٢٢٥٣ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، فَقَالَ: أَسْلِفُوا فِي الثِّمَارِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ". وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ وَقَالَ: «فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ».
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن ابن أبي نجيح) عبد الله (عن عبد الله بن كثير) بالمثلثة المقري أو ابن المطلب بن أبي وداعة (عن أبي المنهال)
بكسر الميم عبد الرحمن (عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال: قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة وهم) أي أهلها (يسلفون) بضم التحتية وبالفاء (في الثمار) بالمثلثة والجمع (السنتين والثلاث فقال) عليه الصلاة والسلام.
(أسلفوا في الثمار في كيل معلوم) فيما يكال (إلى أجل معلوم). وقد أشار المؤلّف بالترجمة إلى الرد على من أجاز السلم الحال وهو مذهب الشافعية واستدلّ له بهذا الحديث المذكور في أوائل السلم.
وقد أجاب الشافعية عنه كما سبق تقريره بحمل قوله إلى أجل معلوم على العلم بالأجل فقط فالتقدير عندهم من أسلم إلى أجل فليسلم إلى أجل معلوم لا مجهول، وأما السلم لا إلى أجل فجوازه بطريق الأولى لأنه إذا جاز مع الأجل وفيه الغرر فمع الحال أولى لكونه أبعد من الغرر فيصح السلم عند الشافعية حالاً ومؤجلاً فلو أطلق بأن لم يذكر الحلول ولا التأجيل انعقد حالاً ولو أقّت بالحصاد وقدوم الحاج ونحوهما مطلقًا لا يصح إذ ليس لهما وقت معين.
وقال الحنفية والمالكية: لا بد من اشتراط الأجل لحديث الباب وغيره واختلفوا في حدّ الأجل فقال