هذا سبقت في الجهاد (فأنزل الله) تعالى: (السورة {يا أيها الذين آمنوا لا تتخدوا عدوي وعدوّكم أولياء}) فيه دليل على أن الكبيرة لا تسلب اسم الإيمان ({تلقون}) حال من الضمير في لا تتخذوا أي لا تتخذوهم أولياء ملقين ({إليهم بالمودة}) والإلقاء عبارة عن إيصال المودة والإفضاء بها إليهم، والباء في بالمودة زائدة مؤكدة للتعدي كقوله: {ولا تلقوا بأيديكم} أو أصلية على أن مفعول تلقون محذوف معناه تلقون إليهم أخبار رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسبب المودة التي بينكم وبينهم ({وقد كفروا}) حال من لا تتخذوا أو من تلقون أي لا تتولاهم ولا توادوهم وهذه حالهم ({بما جاءكم من الحق}) دين الإسلام أو القرآن (إلى قوله: ({فقد ضلّ سواء السبيل}) [الممتحنة: ١]. أي فقد أخطأ طريق الحق والصواب، وثبت قوله: {وقد كفروا بما جاءكم من الحق} وللأصيلي وسقط قوله: {أولياء تلقون إليهم بالمودة} لابن عساكر.
٤٧ - باب غَزْوَةِ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ
(باب غزوة الفتح في رمضان) سنة ثمان.
٤٢٧٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَزَا غَزْوَةَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ. قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: مِثْلَ ذَلِكَ. وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسِ -رضي الله عنهما- قَالَ: صَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْكَدِيدَ الْمَاءَ الَّذِي بَيْنَ قُدَيْدٍ وَعُسْفَانَ أَفْطَرَ فَلَمْ يَزَلْ مُفْطِرًا حَتَّى انْسَلَخَ الشَّهْرُ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام قال: (حدثني) بالتوحيد (عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (قال: أخبرني) بالإفراد (عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله بن عتبة) بن مسعود (أن ابن عباس أخبره: أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غزا غزوة الفتح في) شهر (رمضان) وكان عليه الصلاة والسلام قد خرج من المدينة لعشر مضين من رمضان.
قال الزهري بالإسناد السابق (وسمعت ابن المسيب) ولابن عساكر سعيد بن المسيب (يقول مثل ذلك). أي غزوة الفتح كانت في رمضان، وزاد البيهقي من طريق عاصم بن علي عن الليث لا أدري أخرج في شعبان فاستقبل رمضان، أو خرج في رمضان بعدما دخل. غير أن عبيد الله بن عبد الله أخبرني فذكر ما ذكر البخاري في قوله.
(وعن عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله) بن عتبة بن مسعود بالإسناد السابق أنه (أخبره) وثبت ابن عبد الله أخبره لأبي ذر والأصيلي وابن عساكر (أن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: صام رسول الله) ولأبي ذر: النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما خرج إلى مكة في غزوة الفتح (حتى بلغ الكديد) بفتح الكاف وكسر الدال الأولى (الماء الذي بين قديد) بضم القاف وفتح الدال (وعسفان أفطر) وأفطر
الناس معه وكان بعد العصر كما في مسلم وكان قد شق على الناس الصوم (فلم يزل مفطرًا حتى انسلخ الشهر).
وهذا قد سبق في كتاب الصوم في باب إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر، وعند البيهقي من طريق ابن أبي حفصة عن الزهري قال: صبح رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مكة لثلاث عشرة خلت من رمضان، وهو مدرج من قول ابن أبي حفصة أدرجه. وعند أحمد بإسناد صحيح من طريق قزعة بن يحيى عن أبي سعيد قال: خرجنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام الفتح لليلتين من شهر رمضان وهذا كما في الفتح يدفع التردد الماضي ويعين يوم الخروج، وقول الزهري يعين يوم الدخول ويعطي أنه أقام في الطريق اثني عشر يومًا.
٤٢٧٦ - حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: خَرَجَ فِي رَمَضَانَ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ فَسَارَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَكَّةَ، يَصُومُ وَيَصُومُونَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ وَهْوَ مَاءٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ أَفْطَرَ وَأَفْطَرُوا. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الآخِرُ فَالآخِرُ.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد، وللأصيلي وابن عساكر حدّثنا (محمود) هو ابن غيلان قال: (أخبرنا) ولابن عساكر: حدّثنا (عبد الرزاق) بن همام الصنعاني أحد الأعلام قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد عالم اليمن قال: (أخبرني) بالإفراد (الزهري) محمد بن مسلم (عن عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله) بن عتبة بن مسعود (عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف) وعند ابن إسحاق في اثني عشر ألفًا من المهاجرين والأنصار وأسلم وغفار ومزينة وجهينة وسليم وجمع بين الروايتين بأن عشرة آلاف من نفس المدينة ثم تلاحق به الألفان (وذلك على رأس ثمان سنين) وفي نسخة ثماني بالياء (ونصف من مقدمه) عليه الصلاة والسلام (المدينة) أي بناء على التاريخ بأول السنة من المحرم إذا دخل من السنة الثامنة شهران أو ثلاثة أطلق عليها سنة مجازًا من تسمية البعض باسم الكل، ويقع ذلك