في آخر ربيع الأول ومن ثم إلى رمضان نصف سنة، أو يقال كان آخر شعبان تلك السنة آخر سبع سنين ونصف من أول ربيع الأول، فلما دخل رمضان دخلت سنة أخرى وأول السنة يصدق عليه أنه رأسها فصح أنه رأس ثمان سنين ونصف أو أن رأس الثمان كان أول ربيع الأول وما بعد نصف سنة كذا قرره في الفتح موهّما ما في رواية معمر هذه قال: والصواب على رأس سبع سنين ونصف وإنما وقع الوهم من كون غزوة الفتح كانت في سنة ثمان، ومن أثناء ربيع الأول إلى أثناء رمضان نصف سنة سواء فالتحرير أنها سبع سنين ونصف اهـ.
(فسار) عليه الصلاة والسلام (هو ومن معه) وللأصيلي فسار بمن معه، ولأبي ذر وابن
عساكر فسار معه (من المسلمين إلى مكة) حال كونه عليه الصلاة والسلام (يصوم ويصومون حتى بلغ الكديد) بفتح الكاف وكسر الدال المهملة الأولى (وهو ماء ما بين عسفان وقديد) بضم القاف مصغرًا (أفطر) عليه الصلاة والسلام (وأفطروا) أي أصحابه الذين كانوا معه.
(قال الزهري): بالسند السابق (وإنما يؤخذ من أمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الآخر فالأخر) أي يجعل الآخر اللاحق ناسخًا للأول السابق، وفيه إشارة إلى الرد على القائل ليس له الفطر إذا شهد أول رمضان في الحضر مستدلاً بآية {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة: ١٨٥].
٤٢٧٧ - حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَمَضَانَ إِلَى حُنَيْنٍ وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فَصَائِمٌ وَمُفْطِرٌ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ أَوْ مَاءٍ فَوَضَعَهُ عَلَى رَاحَتِهِ أَوْ عَلَى رَاحِلَتِهِ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ الْمُفْطِرُونَ لِلصُّوَّامِ: أَفْطِرُوا.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر: حدّثنا (عياش بن الوليد) بتحتية وشين معجمة الرقام البصري قال: (حدّثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى الشامي البصري قال: (حدّثنا خالد الحذاء) البصري (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- أنه (قال: خرج النبي) ولأبي ذر رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في رمضان إلى حنين) بالحاء المهملة المضمومة والنون المفتوحة بعدها تحتية ساكنة فنون أخرى وادٍ بينه وبين مكة بضعة عشر ميلاً، والمحفوظ المشهور أن خروجه عليه الصلاة والسلام لحنين إنما كان في شوّال سنة ثمان إذ مكة فتحت في سابع عشر رمضان، وأقام عليه السلام بها تسعة عشر يومًا يصلّي ركعتين فيكون خروجه إلى حنين في شوال بلا ريب، وقول بعضهم: إن المراد أن ذلك كان في غير زمن الفتح وكان في حجة الوداع أو غيرها مردود بأن حنينًا لم تكن إلا في شوال عقب الفتح اتفاقًا.
وأجيب عن الاستشكال بأجوبة؛ أولاها: ما قاله الطبري أن المراد من قوله خرج عليه الصلاة والسلام في رمضان إلى حنين أنه قصد الخروج إليها وهو في رمضان فذكر الخروج، وأراد القصد بالخروج وهذا شائع ذائع في الكلام.
(والناس مختلفون فصائم) أي فبعضهم صائم (و) بعضهم (مفطر) لاختلافهم في كونه عليه الصلاة والسلام كان صائمًا أو مفطرًا (فلما استوى على راحلته دعا بإناء من لبن أو ماء) بالشك من الراوي (فوضعه على راحته) كفه (أو على راحلته) التي هو راكب عليها، وسقط لأبوي ذر والوقت لفظ على الثانية وللأصيلي على راحلته أو راحته بالتقديم والتأخير (ثم نظر إلى الناس) ليروه، وسقط لفظ إلى لأبي ذر فالناس رفع على الفاعلية (فقال المفطرون للصوّام): بضم الصاد وتشديد الواو بعدها ألف وللأربعة للصوّم بإسقاط الألف جمع صائم (أفطروا) بهمزة قطع مفتوحة وكسر الطاء. زاد الطبري في تهذيبه يا عصاة.
وهذا الحديث انفرد به البخاري.
٤٢٧٨ - وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْفَتْحِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
(وقال) بالواو وللأصيلي وابن عساكر قال (عبد الرزاق) بن همام الصنعاني فيما وصله أحمد (أخبرنا معمر) هو ابن راشد عالم اليمن (عن أيوب) السختياني (عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- خرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام الفتح) أي في رمضان فصام حتى مرّ بغدير في الطريق. الحديث.
(وقال حماد بن زيد: عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الأكثر بإسقاط ابن عباس، وكذا وصله البيهقي من طريق سليمان بن حرب شيخ المؤلّف عن حماد، وبذلك جزم الدارقطني وأبو نعيم في مستخرجه فيكون مرسلاً.
٤٢٧٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ، ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ فَشَرِبَ نَهَارًا لِيُرِيَهُ النَّاسَ فَأَفْطَرَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: صَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السَّفَرِ، وَأَفْطَرَ فَمَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ.
وبه قال: (حدّثنا علي بن