للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في الفتن.

١٨ - باب قَوْلِ اللَّهِ: ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ﴾ [الحشر: ٢٤]

(باب قول الله: ﴿هو الخالق البارئ المصور﴾ [الحشر: ٢٤]) كذا لأبي ذر ولغيره سقوط الباب وقال: ﴿هو الله الخالق﴾ كذا في الفرع وسقط لأبي ذر لفظ هو وقال في الفتح الباري باب قول الله تعالى هو الخالق كذا للأكثر والتلاوة هو الله الخالق إلى آخره وثبت كذلك في بعض النسخ

من رواية كريمة والخالق هو المقدر والبارئ المنشئ المخترع، وقدم ذكر الخالق على البارئ لأن الإرادة مقدمة على تأثير القدرة وهو الإحداث على الوجه المقدر ثم التصوير فالتصوير مرتب على الخلق والبراءة وتابع لهما لأن إيجاد الذوات مقدّم على إيجاد الصفات والخالق من الخلق ويستعمل بمعنى الإبداع وهو إيجاد الشيء من غير أصل كقوله تعالى: ﴿خلق السماوات والأرض﴾ [الأنعام: ١ وغيرها] وبمعنى التكوين كقوله تعالى: (﴿خلق الإنسان من نطفة﴾ [النحل: ٤] والخلاق مبالغة في خالق والخلق فعله والخليقة جماعة المخلوقين وقد يعبر عن المخلوقات بالخلق تجوّزًا فمن علم أنه الخالق فعليه أن ينعم النظر في إتقان خلقه لتلوح له دلائل حكمته في صنعه فيعلم أنه خلقه من تراب ثم من نطفة وركّب أعضاءه، ورتب أجزاءه فقسم تلك القطرة فجعل بعضها مخًّا وبعضها عظمًا وبعضها عروقًا وبعضها أنيابًا وبعضها شحمًا وبعضها لحمًا وبعضها جلدًا وبعضها شعرًا، ثم رتّب كل عضو على ترتيب يخالف مجاوره ثم مدّ من تلك القطرة معاني صفات المخلوق وأسمائه وأخلاقه من علم وقدرة وإرادة وعقل وحلم وكرم ونحو هذا وأضداد هذا فتبارك الله أحسن الخالقين، وأما البارئ فقالوا معناه الخالق يقال برأ الله الخلق يبرؤهم برءًا وبروءًا أي خلقهم والبرية الخلق بالهمز وبغيره قالوا والبريئة من البر أو هو التراب؛ وقد جاء هذا الاسم بين اسمي فعل، وقد جاءت الروايات بتعداد الأسماء وذكر الاسمين معًا في العدد فلو كان مفهومها واحدًا لاستغنى بذكر أحدهما عن الآخر فلا بدّ من فارق يفرق بينهما لأن تقاربت الأشباه فالإيجاد والإبداع اسم عام لما تناوله معنى الإيجاد، ومعنى الإيجاد إخراج ذات المكون من العدم إلى الوجود واسم الخلق يتناول جميع المواد الظاهرة للمصنوع الظاهر، وهذا حدّ خاص في الخلق واسم البرء يتناول إيجاد البواطن من باطن ما خلق منه ذوات المقادير وهي الأجسام وجعل الذوات ذواتًا في الكون محمولة في الأجسام محجوبة في الهياكل، وأما المصور فهو مبدع صور المخلوقات على وجوه تتميز بها عن غيرها من تقدير وتخطيط واختصاص بشكل ونحو هذا فالله تعالى خالق كل شيء بمعنى أنه مقدره أو موجده من أصل ومن غير أصل وبارئه حسبما اقتضته حكمته وسبقت به كلمته من غير تفاوت واختلال ومصوّره بصورة يترتب عليها خواصه ويتم بها كماله.

٧٤٠٩ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى هُوَ ابْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ فِى غَزْوَةِ بَنِى الْمُصْطَلِقِ أَنَّهُمْ أَصَابُوا سَبَايَا فَأَرَادُوا أَنْ يَسْتَمْتِعُوا بِهِنَّ وَلَا يَحْمِلْنَ فَسَأَلُوا النَّبِىَّ عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ: «مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَتَبَ مَنْ هُوَ خَالِقٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». وَقَالَ مُجَاهِدٌ عَنْ قَزَعَةَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ فَقَالَ قَالَ النَّبِىُّ : «لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ إِلاَّ اللَّهُ خَالِقُهَا».

وبه قال: (حدّثنا إسحاق) هو ابن منصور أو ابن راهويه قال: (حدّثنا عفان) قال: (حدّثنا وهيب) بضم الواو ابن خالد قال: (حدّثنا موسى هو ابن عقبة) وسقط لأبي ذر هو ابن عقبة قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن يحيى بن حبان) بفتح الحاء المهملة وتشديد الموحدة الأنصاري المدني

(عن ابن محيريز) بضم الميم وفتح الحاء المهملة وسكون التحتية بعدها راء فتحتية ساكنة فزاي الجمحي القرشي (عن أبي سعيد الخدري) (في غزوة بني المصطلق) بكسر اللام (أنهم أصابوا سبايا) جمع سبيئة بالهمز وهي المرأة تسبى مثل خطيئة وخطايا أي جواري أخذن من الكفار أسرًا (فأرادوا) لما طالت عليهم العزبة (أن يستمتعوا بهنّ) في الجماع (ولا يحملن فسألوا النبي عن العزل) وهو نزع الذكر من الفرج وقت الإنزال (فقال) :

(ما عليكم أن لا تفعلوا) أي ليس عليكم ضرر في ترك العزل أو ليس عدم العزل واجبًا عليكم أو لا زائدة كما قاله المبرد (فإن الله) ﷿ (قد كتب) أي أمر من كتب (من هو خالق إلى يوم القيامة) فلا فائدة في عزلكم فإنه تعالى إن كان قد خلقها سبقكم الماء فلا ينفعكم الحرص.

(وقال مجاهد) هو ابن جبر المفسر فيما وصله (عن قزعة) بالقاف والزاي المفتوحتين (سمعت)

<<  <  ج: ص:  >  >>