وهموا أن يقتدوا بهم نهاهم عن ذلك.
فإن قلت: لِمَ لم يقل والله يبغض المعتدين ليكون أبلغ؟ أجيب: بل المذكور أبلغ لأن من المعتدين من لا يوصف بأن الله يبغضه ويوصف بأن الله لا يحبه وهو من لم يكن اعتداؤه كثيرًا.
قال في الفتح: وظاهر استشهاد ابن مسعود بهذه الآية هنا يشعر بأنه كان يرى جواز المتعة ويأتي إن شاء الله تعالى البحث، في ذلك بعون الله تعالى.
٥٠٧٦ - وَقَالَ أَصْبَغُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ شَابٌّ، وَأَنَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي الْعَنَتَ، وَلَا أَجِدُ مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ النِّسَاءَ، فَسَكَتَ عَنِّي. ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَكَتَ عَنِّي ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَكَتَ عَنِّي ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لَاقٍ، فَاخْتَصِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ذَرْ».
(وقال أصبغ) بن الفرج وراق عبد الله بن وهب فيما وصله جعفر الفريابي في كتاب القدر والجوزقي في الجمع بين الصحيحين (أخبرني) بالإفراد (ابن وهب) عبد الله (عن يونس بن يزيد) الأيلي (عن ابن شهاب) محمد الزهري (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: قلت يا رسول الله: إني رجل شاب وأنا) ولأبي ذر عن الكشميهني وإني (أخاف على نفسي العنت) بفتح العين المهملة والنون والفوقية أي الزنا (ولا أجد ما أتزوّج به النساء) زاد في رواية حرملة فائذن لي أختصي (فسكت) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (عني ثم قلت: مثل ذلك فسكت عني، ثم قلت مثل ذلك فسكت عني، ثم قلت مثل ذلك فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(يا أبا هريرة جف القلم بما أنت لاقٍ) أي نفذ المقدور بما كتب في اللوح المحفوظ فبقي القلم الذي كتب به جافًّا لا مداد فيه لفراغ ما كتب به (فاختص) بكسر الصاد المهملة المخففة أمر من الاختصاء (على ذلك) أي فاختص حال استعلائك على العلم بأن كل شيء بقضاء الله وقدره فالجار والمجرور متعلق بمحذوف (أو ذر) أي أترك وفي رواية الطبري فاقتصر بالراء بعد الصاد ومعناه كما في شرح المشكاة اقتصر على الذي أمرتك به أو اتركه وافعل ما ذكر من الخصاء، وعلى الروايتين فليس الأمر فيه لطلب الفعل بل هو للتهديد كقوله تعالى: {وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} [الكهف: ٢٩].
٩ - باب نِكَاحِ الأَبْكَارِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعَائِشَةَ: لَمْ يَنْكِحِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكْرًا غَيْرَكِ
(باب نكاح الأبكار. وقال ابن أبي مليكة) عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة واسمه زهير الأحول المكي فيما وصله المؤلّف في تفسير سورة النور (قال ابن عباس لعائشة) -رضي الله عنهم-: (لم ينكح النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بكرًا غيرك) والبكر هي التي لم توطأ.
٥٠٧٧ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا، وَوَجَدْتَ شَجَرًا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا، فِي أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ؟ قَالَ: «فِي الَّتي لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا». تَعْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا.
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) هو ابن أبي أويس القرشي التيمي ابن أخت الإمام مالك بن أنس وصهره على ابنته (قال: حدّثني) بالإفراد (أخي) عبد الحميد أبو بكر الأعشى (عن سليمان) بن بلال (عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام (عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها (قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت) أي أخبرني (لو نزلت واديًا وفيه شجرة قد أكل منها) بضم الهمزة وكسر الكاف (ووجدت شجرة لم يؤكل منها) بالإفراد في شجرة في الموضعين.
وقال في الفتح: وفي رواية أبي ذر وفيه شجرة قد أكل منها ووجدت شجرًا يعني بالإفراد في الأولى والجمع في الثانية. قلت: وهو الذي في اليونينية من غير عزو لرواية. وذكره الحميدي بلفظ فيه شجر قد أكل منها، وكذا في مستخرج أبي نعيم بلفظ الجمع وهو أصوب لقولها (في أيها) أي في أي الشجر (كنت ترتع بعيرك) بضم أوّله وكسر ثالثه ولو أرادت الموضعين لقالت في أيّهما (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
ارتع (في) الشجر (التي لم يرتع منها) بضم التحتية وفتح الفوقية والراء بينهما ساكنة وزاد أبو نعيم فأنا هيه بكسر الهاء وفتح التحتية وسكون الهاء وهي للسكت (يعني) بالتحتية في الفرع وبالفوقية في غيره وهو الذي في اليونينية أي تعني عائشة (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يتزوّج بكرًا غيرها)
وهذا فيه غاية بلاغة عائشة وحسن تأنيها في الأمور كما قاله في الفتح، وما أحسن قول الحريري في تفضيل البكر حيث قال: أما البكر فالدرة المخزونة، والبيضة المكنونة، والثمرة الباكورة، والسلافة المدخورة، والروضة الأنف، والطوق الذي ثمن وشرف لم يدنسها لامس، ولا استغشاها لابس ولا مارسها عابث، ولا واكسها طامث، لها الوجه الحييّ والطرف الخفي، والغزالة المغازلة، والملحة الكاملة، والوشاح الطاهر القشيب، والضجيع الذي يشب ولا يشيب.
٥٠٧٨ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةِ حَرِيرٍ فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَأَكْشِفُهَا فَإِذَا هِيَ أَنْتِ. فَأَقُولُ: إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ».
وبه قال: (حدّثنا