(وأمرهم) عليه السلام (أن يطيعوه فغضب عليهم) ولمسلم فأغضبوه في شيء (وقال) لهم: (أليس قد أمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن تطيعوني؟ قالوا: بلى. قال: عزمت) ولأبي ذر قد عزمت (عليكم لما) بتخفيف الميم (جمعتم حطبًا وأوقدتم نارًا ثم دخلتم فيها فجمعوا حطبًا فأوقدوا) زاد الكشميهني نارًا فقال: ادخلوها، وقيل: إنما أمرهم بدخولها ليختبر حالهم في الطاعة أو فعل ذلك إشارة إلى أن مخالفته توجب دخول النار وإذا شق عليكم دخول هذه النار فكيف تصبرون على النار الكبرى ولو رأى منهم الجد في ولوجها منعهم (فلما همّوا بالدخول) فيها (فقام) بالإفراد ولأبي ذر عن الكشميهني فقاموا (ينظر بعضهم إلى بعض) زاد في المغازي وجعل بعضهم يمسك بعضًا (فقال بعضهم: وإنما تبعنا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فرارًا من النار) بكسر الفاء (أفندخلها)؟ بهمزة استفهام (فبينما) بالميم (هم كذلك إذ خمدت النار) بفتح المعجمة والميم وتكسر انطفأ لهيبها (وسكن غضبه فذكر) ذلك (للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال):
(لو دخلوها) أي لو دخلوا النار التي أوقدوها ظانّين أنهم بسبب طاعتهم أميرهم لا تضرهم (ما خرجوا منها أبدًا) أي لماتوا فيها ولم يخرجوا منها مدّة الدنيا، ويحتمل أن يكون الضمير في منها لنار الآخرة والتأييد محمول على طول الإقامة لا على البقاء الممتد دائمًا من غير انقطاع لأنهم لم يكفروا بذلك فيجب عليهم التخليد (إنما) تجب (الطاعة في المعروف) لا في المعصية.
والحديث مرّ في المغازي.
٥ - باب مَنْ لَمْ يَسْأَلِ الإِمَارَةَ أَعَانَهُ اللَّهُ
(باب) بالتنوين يذكر فيه (من لم يسأل الإمارة أعانه الله) زاد أبو ذر عليها.
٧١٤٦ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ يَمِينَكَ، وَاْئتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ».
وبه قال: (حدّثنا حجاج بن منهال) بكسر الميم وسكون النون الأنماطي البصري قال: (حدّثنا جرير بن حازم) بالحاء المهملة والزاي الأزدي (عن الحسن) البصري (عن عبد الرحمن بن سمرة) بن حبيب بن عبد شمس أسلم يوم الفتح -رضي الله عنه- (قال: قال النبي) ولأبي ذر قال لي النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة) بكسر الهمزة (فإنك إن أعطيتها عن مسألة) عن سؤال، وعن يحتمل أن تكون بمعنى الباء أي بسبب مسألة أو بمعنى بعد أي بعد مسألة كقوله تعالى: {لتركبن طبقًا عن طبق} [الانشقاق: ١٩] أي بعد طبق وقول العجاج:
ومنهل وردته عن منهل
أي بعد منهل وجواب الشرط قوله: (وكلت إليها) بضم الواو وكسر الكاف مخففة وسكون اللام صرفت إليها ولم تعن عليها من أجل حرصك (وإن أعطيتها) بضم الهمزة (من غير مسألة) وجواب الشرط قوله (أعنت عليها). وعن أنس رفعه: من طلب القضاء واستعان عليه بالشفعاء وكّل إلى نفسه ومن أكره عليه أنزل الله عليه ملكًا يسدده أخرجه ابن المنذر والترمذي وأبو داود وابن ماجة وفي معنى الإكراه عليه أن يدعى إليه فلا يرى نفسه أهلاً لذلك هيبة له وخوفًا من الوقوع في المحذور فإنه يُعان عليه إذا دخل فيه ويسدد قاله المهلب (وإذا حلفت على) محلوف (يمين فرأيت) فعلمت أو ظننت (غيرها خيرًا منها فكفّر يمينك) بالنصب على المفعولية ولأبي ذر عن يمينك (وائت الذي هو خير) واتفق على أن الكفّارة إنما تجب بعد الحنث ولا تقدم على اليمين، واختلف في توسطها بين اليمين والحنث فقال بالجواز أربعة عشر من الصحابة، وبه قال مالك والشافعي، واستثنى الشافعي التكفير بالصوم لأنه عبادة بدنية فلا تقدم قبل وقتها ومناسبة الجملة لسابقتها أن الممتنع من الإمارة قد يؤدي به الحال إلى الحلف على عدم القبول مع كون المصلحة في ولايته.
والحديث سبق في الأيمان.
٦ - باب مَنْ سَأَلَ الإِمَارَةَ وُكِلَ إِلَيْهَا
(باب) بالتنوين يذكر فيه (من سأل الإمارة وكّل إليها) ولم يعن عليها ووكّل بالتخفيف.
٧١٤٧ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لَا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ».
وبه قال: (حدّثنا أبو معمر) عبد الله بن عمر المقعد البصري قال: (حدّثنا عبد الوارث) بن
سعيد التنوري البصري أبو عبيدة الحافظ قال: (حدّثنا يونس) بن يزيد الأيلي (عن الحسن) البصري قال: (حدّثني) بالإفراد (عبد الرحمن بن سمرة) -رضي الله عنه- (قال: قال لي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة) أي الولاية ولأبي ذر عن الكشميهني لا تتمنين الإمارة (فإن أعطيتها عن مسألة