من قريش أو المراد به الإمام الأعظم على سبيل الفرض، والتقدير وهو مبالغة في الأمر بطاعته والنهي عن شقاقه ومخالفته. وعند مسلم من حديث أم الحصين اسمعوا وأطيعوا ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: وإن استعمل أي الإمام عليكم عبدًا حبشيًّا بالنصب على المفعولية والحبشة جبل معروف من السودان، وسبق في الصلاة أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لأبي ذر: اسمع وأطع ولو لحبشي (كأن رأسه زبيبة) بزاي مفتوحة وموحدتين بينهما تحتية ساكنة واحدة الزبيب المأكول المعروف الكائن من العنب إذا جفّ وشبّه رأس الحبشي بالزبيبة لتجمعها وسواد شعرها ورؤوس الحبشة توصف بالصغر وذلك يقتضي الحقارة وبشاعة الصورة وعدم الاعتبار بها فهو على سبيل المبالغة في الحض على طاعتهم مع حقارتهم، وقد أجمع على أن الإمامة لا تكون في العبيد، ويحتمل أن يكون سماه عبدًا باعتبار ما كان قبل العتق، نعم لو تغلب عبد حقيقة بطريق الشوكة وجبت طاعته إخمادًا للفتنة ما لم يأمر بمعصية. وسبق الحديث في الصلاة.
٧١٤٣ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الْجَعْدِ، عَنْ أَبِى رَجَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْوِيهِ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَكَرِهَهُ فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُفَارِقُ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَيَمُوتُ إِلَاّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً».
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: (حدّثنا حماد) هو ابن زيد (عن الجعد) بفتح الجيم وسكون العين بعدها دال مهملتين أبي عثمان بن دينار اليشكري بالتحتية المفتوحة بعدها شين معجمة ساكنة وكاف مضمومة الصيرفي (عن أبي رجاء) عمران العطاردي (عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- حال كونه (يرويه) أي عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(من رأى من أميره شيئًا فكرهه) ولأبي ذر عن الكشميهني يكرهه (فليصبر) على جوره
وظلمه والأمر بالصبر يستلزم وجوب السمع والطاعة فتحصل المطابقة (فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرًا) أي قدر شبر (فيموت) بالرفع في الفرع كأصله ويجوز النصب نحو ما تأتينا فتحدّثنا أي فيموت على ذلك من مفارقة الجماعة (إلا مات ميتة جاهلية) بكسر الميم كالقتلة بكسر القاف أي الحالة التي يكون عليها الإنسان من الموت والقتل أي كالميتة الجاهلية حيث لا يرجعون إلى طاعة أمير ولا يتبعون هدي إمام بل كانوا مستنكفين عن ذلك مستبدين في الأمور لا يجتمعون في شيء ولا يتفقون على رأي وليس المراد أنه يكون كافرًا بذلك.
والحديث سبق في أوائل الفتن.
٧١٤٤ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ».
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال (حدّثنا يحيى بن سعيد) القطان (عن عبيد الله) بضم العين ابن عمر العمري قال: (حدّثني) بالإفراد (نافع) مولى ابن عمر (عن عبد الله) بن عمر (-رضي الله عنه-) وعن أبيه (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(السمع والطاعة) ثابتة أو واجبة للإمام أو نائبه (على المرء المسلم فيما أحب وكره) ولأبي ذر أو كره (ما لم يؤمر) أي المرء المسلم من قبل الوالي عليه (بمعصية فإذا أمر) بضم الهمزة (بمعصية فلا سمع ولا طاعة) حينئذ تجب بل يحرم ذلك على القادر.
وهذا تقييد لما أطلق في الحديثين السابقين من الأمر بالسمع والطاعة ولو لحبشي ومن الصبر على ما يقع من الأمير مما يكره والوعيد على مفارقة الجماعة.
والحديث سبق في الجهاد وأخرجه مسلم في المغازي وأبو داود في الجهاد.
٧١٤٥ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ: بَعَثَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَرِيَّةً وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ تُطِيعُونِى؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ لَمَا جَمَعْتُمْ حَطَبًا وَأَوْقَدْتُمْ نَارًا ثُمَّ دَخَلْتُمْ فِيهَا، فَجَمَعُوا حَطَبًا فَأَوْقَدُوا فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ فَقَامَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا تَبِعْنَا النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِرَارًا مِنَ النَّارِ أَفَنَدْخُلُهَا؟ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ خَمَدَتِ النَّارُ وَسَكَنَ غَضَبُهُ فَذُكِرَ لِلنَّبِىِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِى الْمَعْرُوفِ».
وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) قال: (حدّثنا أبي) حفص قال: (حدّثنا
الأعمش) سليمان بن مهران قال: (حدّثنا سعد بن عبيدة) بسكون العين في الأول وضمها وفتح الموحدة في الثاني أبو حمزة بالزاي ختن أبي عبد الرحمن (عن أبي عبد الرحمن) عبد الله بن حبيب السلمي لأبيه صحبة (عن علي -رضي الله عنه-) هو ابن أبي طالب أنه (قال: بعث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سرية) قطعة من الجيش نحو ثلاثمائة أو أربعمائة بسبب ناس تراءاهم أهل جدة سنة تسع (وأمّر عليهم رجلاً من الأنصار) اسمه عبد الله بن حذافة السهمي المهاجري وفيه مجازًا أو يكون بالمعنى الأعم من كونه ممن نصر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الجملة، أو كان أنصاريًّا بالمحالفة. وفي ابن ماجة ومسند الإمام أحمد تعيين عبد الله بن حذافة وأن أبا سعيد كان من جملة المأمورين