خطب على خطبة أخيه. حكاه في النوادر والعتبية.
٤٦ - باب تَفْسِيرِ تَرْكِ الْخِطْبَةِ
(باب تفسير ترك الخطبة) بكسر الخاء.
٥١٤٥ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- يُحَدِّثُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ قَالَ عُمَرُ: لَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ إِلَاّ أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا. تَابَعَهُ يُونُسُ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سالم بن عبد الله أنه سمع) أباه (عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يحدّث أن) أباه (عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة) بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي (قال عمر: لقيت أبا بكر) الصديق (فقلت) له (إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلقيني أبو بكر فقال: إنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت) عليَّ (إلا أني قد علمت أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد ذكرها فلم أكن لأفشي سر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولو تركها لقبلتها).
قال ابن بطال: تقدم في الباب السابق تفسير ترك الخطبة صريحًا في قوله: حتى ينكح أو يترك. وحديث هذا الباب في قصة حفصة لا يظهر منه تفسير ترك الخطبة لأن عمر لم يكن علم أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خطب حفصة فضلًا عن التراكن، فكيف توقف أبو بكر عن الخطبة أو قبولها من الولي ولكنه قصد معنًى دقيقًا يدل على ثقوب ذهنه ورسوخه في الاستنباط وذلك أن أبا بكر علم أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا خطب إلى عمر أنه لا يرده بل يرغب فيه ويشكر الله على ما أنعم عليه به من ذلك. فقام علم أبي بهذا الحال مقام الركون والتراضي فكأنه يقول: كل من علم أنه لا يصرف إذا خطب لا ينبغي لأحد أن يخطب على خطبته.
(تابعه) أي تابع شعيب بن أبي حمزة (يونس) بن يزيد فيما وصله الدارقطني في العلل (وموسى بن عقبة) فيما وصله الذهلي في الزهريات (وابن أبي عتيق) هو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق الصديقي القرشي فيما وصله الذهلي أيضًا (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب.
وسبق حديث الباب بأتمّ من هذا في باب عرض الإنسان ابنته.
٤٧ - باب الْخُطْبَةِ
(باب) استحباب (الخطبة) بضم الخاء قبل العقد.
٥١٤٦ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ جَاءَ رَجُلَانِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا». [الحديث ٥١٤٦ - أطرافه في: ٥٧٦٧].
وبه قال: (حدّثنا قبيصة) بفتح القاف ابن عقبة قال: (حدّثنا سفيان) الثوري أو ابن عيينة (عن زيد بن أسلم) أنه (قال: سمعت ابن عمر يقول: جاء رجلان من المشرق) مشرق المدينة وهما الزبرقان بن بدر التميمي وعمرو بن الأهيم سنة تسع من الهجرة وأسلما (فخطبا) خطبتين بليغتين يأتيان في الطب إن شاء الله تعالى بعون الله تعالى (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(إن من البيان سحرًا) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: لسحرًا بزيادة اللام للتأكيد والبيان نوعان ما تحصل به الإنابة عن المراد والآخر تحسين اللفظ بحيث يستميل قلب السامع وهو الذي يشبه بالسحر إذا جلب القلوب وغلب على النفوس وهو عبارة عن تصنع في الكلام وتكلف تحسينه وصرف الشيء عن حقيقته كالسحر الذي هو تخييل لا حقيقة والمذموم منه ما يقصد به الباطل.
قال في فتح الباري: وجه مناسبة الحديث للترجمة كأنه أشار إلى أن الخطبة وإن كانت مشروعة في النكاح فينبغي أن لا يكون فيها ما يقتضي صرف الحق إلى الباطل بتحسين الكلام، وقال المهلب: الخطبة في النكاح إنما شرعت للخاطب ليسهل أمره فشبه حسن التواصل إلى الحاجة بحسن الكلام فيها باستنزال المرغوب إليه بالبيان بالسحر وإنما كان كذلك لأن النفوس طبعت على الأنفة من ذكر الموليات في أمر النكاح فكان حسن التوصل لدفع تلك الأنفة وجهًا من وجوه السحر الذي يصرف الشيء إلى غيره انتهى.
المستحب في النكاح أربع خطب: خطبة من الخاطب قبل الخطبة بكسر الخاء وخطبة من المجيب قبل الإجابة، وخطبتان قبل النكاح إحداهما من الولي قبل الإيجاب والأخرى من الخاطب قبل القبول لحديث "كل أمر ذي بال" وأخرج أصحاب السنن وصححه أبو عوانة وابن حبان مرفوعًا عن ابن مسعود: إذا أراد أحدكم أن يخطب لحاجة من نكاح أو غيره فليقل إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن