للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفشوّ إضاءته حتى تضيء له السماوات والأرض وجاز أن يراد أهل السماوات والأرض وأنهم يستضيؤون به (قولك الحق) أي مدلوله ثابت (ووعدك الحق) الثابت المتحقق وجوده فلا يدخله خلف ولا شك وعطف الوعد على القول وهو قول فهو من عطف الخاص على العام (ولقاؤك حق) أي رؤيتك في الدار الآخرة حيث لا مانع (والجنة حق والنار حق) كلٌّ منهما موجود (والساعة حق) قيامها (اللهم لك أسلمت) انقدت لأمرك ونهيك (وبك آمنت) صدقت بك وبما أنزلت (وعليك توكلت) أي فوّضت أموري كلها (وإليك أنبت) رجعت مقبلاً بقلبي عليك (ولك) أي بما آتيتني من البراهين والحجج (خاصمت) من خاصمني من الكفار (وإليك حاكمت) كل من أبى قبول ما أرسلتني به (فاغفر لي ما قدمت وما أخرت) وسقط لفظ ما الثانية في رواية أبي ذر (وأسررت وأعلنت) بغير ما فيهما وقاله تواضعًا أو تعليقًا لنا (أنت إلهي لا إله لي غيرك).

ومطابقة الحديث للترجمة في قوله أنت رب السماوات والأرض أي أنت مالكهما وخالقهما.

والحديث سبق في صلاة الليل وفي الدعوات.

٠٠٠٠ - حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِهَذَا وَقَالَ: أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ.

وبه قال: (حدّثنا ثابت بن محمد) العابد الكوفي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (بهذا) السند والمتن المذكورين (وقال: أنت الحق) أي المتحقق وجوده (وقولك الحق) وهذا يأتي إن شاء الله تعالى في قوله باب قوله تعالى: {وجوه يومئذٍ ناضرة} [القيامة: ٢٢].

٩ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: ١٣٤]

وَقَالَ الأَعْمَشُ عَنْ تَمِيمٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا} [المجادلة: ١].

(باب) بالتنوين ({وكان الله سميعًا بصيرا} [النساء: ١٣٤]) ولغير أبي ذر قول الله تعالى بالرفع {وكان الله سميعًا بصيرًا} وقد علم بالضرورة من الدين، وثبت في الكتاب والسُّنّة بحيث

لا يمكن إنكاره ولا تأويله أن الباري تعالى حي سميع بصير وانعقد إجماع أهل الأديان بل جميع العقلاء على ذلك، وقد يستدل على الحياة بأنه عالم قادر وكل عالم قادر حي بالضرورة وعلى السمع والبصر بأن كل حي يصح كونه سميعًا بصيرًا وكل ما يصح للواجب من الكمالات يثبت بالعقل لبراءته عن أن يكون له ذلك بالقوة والإمكان وعلى الكل بأنها صفات كمال قطعًا، والخلو عن صفات الكمال في حق من يصح اتصافه بها نقص وهو على الله تعالى مُحال. قال تعالى: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} [الأنعام: ٨٣] وقد ألزم عليه السلام أباه الحجة بقوله: {لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر} [مريم: ٤٢] فأفاد أن عدمهما نقص لا يليق بالمعبود ولا يلزم من قدمهما قدم المسموعات والمبصرات كما لا يلزم من قدم العلم قدم المعلومات لأنها صفات قديمة يحدث لها تعلقات بالحوادث، ولا يقال إن معنى سميع وبصير عليم لأنه يلزم منه كما قال ابن بطال التسوية بين الأعمى الذي يعلم أن السماء خضراء ولا يراها والأصم الذي يعلم أن في الناس أصواتًا ولا يسمعها، فقد صح أن كونه سميعًا بصيرًا يفيد قدرًا زائدًا على كونه عليمًا وكونه سميعًا بصيرًا يتضمن أنه يسمع بسمع ويبصر ببصر كما تضمن كونه عليمًا أنه يعلم بعلم، وقد أطلق تعالى على نفسه الكريمة هذه الأسماء خطابًا لمن هو من أهل اللغة، والمفهوم في اللغة من عليم ذات له علم بل يستحيل عندهم عليم بلا علم كاستحالته بلا معلوم فلا يجوز صرفه عنه إلا لقاطع عقلي يوجب نفيه.

وقد أجيب عن قول المعتزلي بأن السمع ينشأ عن وصول الهواء المسموع إلى العصب المفروش في أصل الصماخ والله منزّه عن الجوارح بأن ذلك عادة أجراها الله تعالى فيمن يكون حيًّا فيخلقه الله عند وصول الهواء إلى المحل المذكور، والله تعالى يسمع المسموعات بدون الوسائط، وكذا يرى المرئيات بدون المقابلة وخروج الشعاع فذاته تعالى مع كونه حيًّا موجودًا لا تشبه الذوات فكذلك صفات ذاته لا تشبه الصفات فيسمع ويبصر بلا جارحة حدقة وأذن بمرأى منه خفاء الهواجس وبمسمع منه صوت أرجل النمل على الصخرة الملساء وحظ العبد من هذين الاسمين أن يتحقق أنه بمسمع من الله ومرأى منه فلا يستهين باطّلاعه عليه ونظره إليه ويراقب مجامع أحواله من مقاله وأفعاله قيل إذا عصيت مولاك فاعص في موضع لا يراك.

(وقال الأعمش) سليمان بن مهران فيما وصله أحمد والنسائي (عن تميم) أي ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>