للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عقبة اليماني الذماري الأنباري التابعي، المتوفى سنة إحدى عشرة ومائة بصنعاء (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا أحسن أحدكم إسلامه) باعتقاده وإخلاصه ودخوله فيه بالباطن والظاهر: والخطاب للحاضرين والحكم عامّ لهم ولغيرهم باتفاق لأن حكمه عليه الصلاة والسلام على الواحد حكم على الجماعة ويدخل فيه النساء والعبيد، لكن النزاع في كيفية التناول أهي حقيقة عرفية أو شرعية أو مجاز (فكل حسنة يعملها) مبتدأ خبره (تكتب له بعشر أمثالها) حال كونها منتهية (إلى سبعمائة ضعف) بكسر الضاد أي مثل وأتى بكل وهي أصرح في الاستغراق من أل في الحديث السابق (وكل سيئة يعملها تكتب له بمثلها) زاد مسلم حتى يلقى الله تعالى، وقيد الحسنة والسيئة هنا بالعمل وأطلق في السابق فيحمل المطلق على المقيد والباء في بمثلها للمقابلة. وفي الحديث التحديث والإخبار والعنعنة، وهو إسناد حديث من نسخة همام المشهورة المروية بإسناد واحد عن عبد الرزاق عن معمر عنه، والجمهور على جواز سياق حديث منها بإسنادها ولو لم يكن مبتدأ به فافهم.

٣٢ - باب أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُه

هذا (باب) بالتنوين (أحب الدين ألى الله) زاد في رواية الأصيلي عز وجل (أدومه) أفعل تفصيل من الدوام، والمراد به هنا الدوام العرفي وهو قابل للكثرة والقلة.

٤٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ. قَالَ مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ فُلَانَةُ -تَذْكُرُ مِنْ صَلَاتِهَا- قَالَ «مَهْ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا». وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ. [الحديث ٤٣ - طرفه في: ١١٥١].

وبالسند إلى المؤلف قال رحمه الله تعالى: (حدّثنا محمد بن المثنى) بالمثلثة والنون المفتوحة المشدّدة أبو موسى البصري المذكور في باب حلاوة الإيمان قال (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان الأحول (عن هشام) يعني ابن عروة (قال: أخبرني) بالإفراد (أبي) عروة بن الزبير بن العوام (عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

(أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دخل عليها و) الحال (عندها امرأة فقال) بإثبات فاء العطف، وللأصيلي قال بحذفها فيكون جملة استئنافية جواب سؤال مقدّر كأن قائلاً يقول ماذا قال حين دخل قالت قال (من هذه؟ قالت) عائشة هي (فلانة) بعدم الصرف للتأنيث والعلمية إذ هو كناية عن ذلك وهي الحولاء بالمهملة والد كما في مسلم بنت تويت بمثناتين مصغرًا (تذكر) بفتح المثناة الفوقية أي عائشة (من صلاتها) في محل نصب على المفعولية، ولغير الأربعة يذكر بضم المثناة التحتية مبنيًّا لما لم يسمّ فاعله وتاليه نائب عنه أي يذكرون أن صلاتها كثيرة، وعند المؤلف في صلاة الليل معلقًا لا تنام الليل، ولعل عائشة أمنت عليها الفتنة فمدحتها في وجهها لكن في مسند الحسن بن سفيان كانت عندي امرأة فلما قامت قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "من هذه يا عائشة قالت: يا رسول الله هذه فلانة وهي أعبد أهل المدينة، فظاهر هذه الرواية أن مدحها كان في غيبتها (قال) عليه الصلاة والسلام: (مه) بفتح الميم وسكون الهاء اسم للزجر بمعنى اكفف نهاها عليه السلام عن مدح المرأة بما ذكرته أو عن تكلّف عمل ما لا يطاق، ولذا قال بعده (عليكم) من العمل (بما) بموحدة قبل الميم، وفي رواية الأصيلي ما (تطيقون) أي بالذي تطيقون المداومة عليه وحذف العائد للعلم به ويفهم منه النهي عن تكليف ما لا يطاق وسبب وروده خاص بالصلاة، لكن اللفظ عامّ فيشمل جميع الأعمال، وعدل عن خطاب النساء إلى خطاب الرجال طلبًا لتعميم الحكم فغلب الذكور على الإناث في الذكر (فوالله لا يملّ الله حتى) أن (تملوا) بفتح الميم في الموضعين وهو من باب المشاكلة والازدواج، وهو أن تكون إحدى اللفظتين موافقة للأخرى وإن خالفت معناها. والملال ترك الشيء استثقالًا وكراهة له بعد حرص ومحبة فيه فهو من صفات المخلوقين لا من صفات الخالق تعالى فيحتاج إلى تأويل، فقال المحققون: هو على سبيل المجاز لأنه تعالى لما كان يقطع ثوابه عمن قطع العمل ملالاً عبر عن ذلك بالملال من باب تسمية الشيء باسم سببه أو معناه لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله، (وكان أحب الدين) أي الطاعة (إليه) أي إلى الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفي رواية المستملي إلى الله وليس بين الروايتين تخالف لأن ما كان أحب

<<  <  ج: ص:  >  >>