للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على الذين من قبلكم} [البقرة: ١٨٣] أن المراد أصل الصيام لا كميته ووقته ومنها أن هذه الصلاة الأمر بها للتكرار بالنسبة إلى كل صلاة في حق كل مصل فإذا اقتصر في حق كل على حصول صلاة مساوية للصلاة على إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان الحاصل للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالنسبة إلى مجموع الصلوات أضعافًا مضاعفة لا ينتهي إليها الإحصاء، وأورد ابن دقيق العيد هنا سؤالاً فقال: التشبيه حاصل بالنسبة إلى أصل هذه الصلاة والفرد منها فإذن الإِشكال وارد، وأجاب بأن الإشكال إنما يرد على تقدير أن الأمر ليس للتكرار وهو هنا للتكرار بالاتفاق فالمطلوب من

المجموع مقدار ما لا يحصى من الصلوات بالنسبة إلى المقدار الحاصل لإبراهيم عليه صلوات الله وسلامه.

٣٤ - باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ آذَيْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَرَحْمَةً»

(باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة).

٦٣٦١ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «اللَّهُمَّ فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ قُرْبَةً إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

وبه قال: (حدّثنا أحمد بن صالح) أبو جعفر المصري المعروف بابن الطبراني كان أبوه من أهل طبرستان قال: (حدّثنا ابن وهب) عبد الله قال: (أخبرني) بالإفراد (يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري أنه قال: (أخبرني) بالإفراد (سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه أنه سمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):

(اللهم فأيما مؤمن سببته) الفاء جزائية والشرط محذوف يدل عليه السياق أي إن كنت سببت مؤمنًا، وفي مسلم من طريق ابن أخي ابن شهاب عن عمه بهذا الإسناد: اللهم إني اتخذت عندك عهدًا لن تخلفنيه فأيما مؤمن سببته أو جلدته، ومن طريق أبي صالح عن أبي هريرة: اللهم إنما أنا بشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته، ومن طريق الأعرج عن أبي هريرة مثل رواية ابن أخي ابن شهاب قال: فأي مؤمن آذيته شتمته لعنته جلدته، ومن طريق سالم عن أبي هريرة: اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر وإني قد اتخذت عندك عهدًا الحديث وفيه: فأيما مؤمن آذيته، ومن حديث عائشة قالت: دخل على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجلان فكلماه بشيء لا أدري ما هو فأغضباه فسبهما ولعنهما فلما خرجا قلت له فقال: "أو ما علمت ما شارطت عليه ربي؟ قلت اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو شتمته أو سببته" (فاجعل ذلك) السب أو غيره مما ذكر (له قربة) تقربه بها (إليك يوم القيامة) وفي رواية ابن أخي الزهري: فاجعل ذلك كفارة له يوم القيامة، وفي رواية أبي صالح عن أبي هريرة: فاجعلها له زكاة ورحمة، وفي رواية الأعرج فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة. وفي حديث عائشة فاجعلها له زكاة وأجرًا. وفي حديث أنس عند مسلم أيضًا: إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر وأغضب كما يغضب البشر فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها له طهورًا وزكاة وقربة تقربه بها يوم القيامة، وقوله ليس لها بأهل أي عندك في باطن أمره لا في ظاهر ما يظهر منه حين دعائي عليه لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان متعبدًا بالظواهر وحساب الناس في البواطن إلى الله تعالى. وفي الحديث كمال شفقته على أمته وجميل خلقه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجزاه عنا أفضل الجزاء بمنه وكرمه وأماتنا على محبته وسنته.

والحديث أخرجه مسلم في الأدب.

٣٥ - باب التَّعَوُّذِ مِنَ الْفِتَنِ

(باب التعوّذ من الفتن) جمع فتنة وهي اسم للامتحان والاختبار.

٦٣٦٢ - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَحْفَوْهُ الْمَسْأَلَةَ فَغَضِبَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: «لَا تَسْأَلُونِى الْيَوْمَ عَنْ شَىْءٍ إِلَاّ بَيَّنْتُهُ لَكُمْ». فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالاً فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لَافٌّ رَأْسَهُ فِى ثَوْبِهِ يَبْكِى فَإِذَا رَجُلٌ كَانَ إِذَا لَاحَى الرِّجَالَ يُدْعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِى؟ قَالَ: «حُذَافَةُ» ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَسُولاً، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا رَأَيْتُ فِى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِنَّهُ صُوِّرَتْ لِى الْجَنَّةُ وَالنَّارُ حَتَّى رَأَيْتُهُمَا وَرَاءَ الْحَائِطِ». وَكَانَ قَتَادَةُ يَذْكُرُ عِنْدَ الْحَدِيثِ هَذِهِ الآيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا، عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: ١٠١].

وبه قال: (حدّثنا حفص بن عمر) بن الحارث بن سخبرة الحوضي الأزدي البصري قال: (حدّثنا هشام) الدستوائي (عن قتادة) بن دعامة (عن أنس -رضي الله عنه-) أنه قال: (سألوا) أي الصحابة (رسول الله) وللأصيلي وأبي ذر عن الحموي والمستملي سئل بضم السين مبنيًّا للمفعول رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى أحفوه المسألة) بحاء مهملة ساكنة وفتح الفاء وسكون الواو ألحوا عليه فيها (فغضب) عليه الصلاة والسلام لتعنتهم وتكلفهم بما لا حاجة لهم به (فصعد) بكسر العين المهملة رقي (المنبر فقال):

(لا تسألوني) بحذف نون الوقاية ولأبي ذر لا تسألونني (اليوم عن شيء) من الغيب (إلا بينته لكم) قال أنس: (فجعلت أنظر يمينًا

<<  <  ج: ص:  >  >>