العاص (-رضي الله عنهما-) وسماع مجاهد من ابن عمرو بن العاص ثابت وروى الأصيلي فيما ذكره في الفتح عن الجرجاني عن الفربري: ابن عمر بضم العين وهو تصحيف (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(من قتل معاهدًا) ذميًّا وفي رواية أبي معاوية الآتية بغير حق (لم يرح) بفتح التحتية والراء في الفرع كأصله وحكى السفاقسي ضم أوّله وكسر الراء وابن الجوزي فتح أوّله وكسر ثانيه وكذا في اليونينية أي لم يشم (رائحة الجنة) أوّل ما يجدها سائر المؤمنين الذين لم يقترفوا الكبائر (وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عامًا). وعند الترمذي من حديث أبي هريرة: "سبعين خريفًا". وفي الموطأ: خمسمائة، وجمع بينهما ابن بطال بأن الأربعين أقصى أشد العمر وفيها يزيد عمل الإنسان ويقينه ويندم على سالف ذنوبه فهذا يجد ريحها على مسيرة أربعين عامًّا، وأما السبعون فحدّ المعترك وفيها تحصل الخشية والندم لاقتراب الأجل فيجد ريح الجنة من مسيرة سبعين، وأما الخمسمائة فهي زمن الفترة فيكون من جاء في آخر الفترة واهتدى باتباع النبي الذي كان قبل الفترة ولم يضره طولها فيجد ريح الجنة على خمسمائة عام. كذا قال ولا يخفى ما فيه من التكلف والله أعلم.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الدّيات وكذا ابن ماجه.
٦ - باب إِخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ
وَقَالَ عُمَرُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ».
(باب إخراج اليهود من جزيرة العرب. وقال عمر) بن الخطاب (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أقركم ما أقركم الله به) سقط لابن عساكر لفظة به وهذا طرف من قصة أهل خيبر السابقة موصولة في المزارعة.
٣١٦٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ، فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا بَيْتَ الْمِدْرَاسِ فَقَالَ: أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَرْضِ، فَمَنْ يَجِدْ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ، وَإِلَاّ فَاعْلَمُوا أَنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ". [الحديث ٣١٦٧ - طرفاه في: ٦٩٤٤، ٧٣٤٨].
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (قال: حدَّثني) بالإفراد (سعيد المقبري عن أبيه) أبي سعيد كيسان المدني مولى بني ليث (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: بينما) بالميم (نحن في المسجد) وجواب بينما قوله (خرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال):
(انطلقوا إلى يهود فخرجنا) معه (حتى جئنا) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي حتى إذا جئنا (بيت المدراس) بكسر الميم وسكون الدال المهملة وفتح الراء آخره سين مهملة أي بيت العالم الذي يدرس كتابهم أو البيت الذي يدرسون فيه كتابهم (فقال) عليه الصلاة والسلام لهم: (أسلموا تسلموا) مجزوم بحذف النون بالأمر في الأوّل وجوابه في الآخر أي إن أسلمتم تصيروا سالمين وهذا آية في البلاغة اللفظية والمعنوية وهو من جوامع كلمة عليه الصلاة والسلام (واعلموا أن الأرض لله ورسوله وإني أريد أن أجليكم) بضم الهمزة وسكون الجيم أخرجكم (من هذا الأرض) ولأبي ذر: من هذه الأرض كأنهم قالوا في جواب قوله أسلموا تسلموا لِمَ قلت هذا وكررته؟ فقال: اعلموا أني أريد أن أجليكم فإن أسلمتم سلمتم من ذلك ومما هو أَشق منه، (فمن يجد منكم) بكسر الجيم (بماله) أي بدل ماله فالباء للبدلية (شيئًا فليبعه) جواب من أي من كان له شيء مما لا يمكن نقله فليبعه (وإلَاّ) أي وإن لم تسمعوا ما قلت لكم من ذلك (فاعلموا أن الأرض لله ورسوله) ولابن عساكر: ولرسوله. أي: تعلقت مشيئة الله تعالى بأن يورث أرضكم هذه للمسلمين ففارقوها، والظاهر كما قاله في فتح الباري: أن اليهود المذكورين بقايا تأخروا بالمدينة بعد إجلاء بني قينقاع وقريظة والنضير والفراغ من أمرهم لأنه كان قبل إسلام أبي هريرة لأنه إنما جاء بعد فتح خيبر وقد أقرّ عليه الصلاة والسلام يهود خيبر على أن يعملوا في الأرض واستمروا
إلى أن أجلاهم عمر، ولا يصح أن يقال إنهم بنو النضير لتقدم ذلك على مجيء أبي هريرة وأبو هريرة يقول في هذا الحديث أنه كان معه عليه الصلاة والسلام.
ومطابقة الحديث لما ترجم به من حيث إنه عليه الصلاة والسلام همّ بإخراج يهود لأنه كان يكره أن يكون بأرض العرب غير المسلمين إلى أن حضرته الوفاة فأوصى بإجلائهم من جزيرة العرب فأجلاهم عمر -رضي الله عنه-.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الإكراه والاعتصام والمغازي وأبو داود في الخراج والنسائي في السير.
٣١٦٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ أبي مسلم الأَحْوَلِ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- يَقُولُ: يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ. ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى. قُلْتُ: يَا اَبن عَبَّاسٍ مَا يَوْمُ الْخَمِيسِ؟ قَالَ: اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَعُهُ فَقَالَ: ائْتُونِي بِكَتِفٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا. فَتَنَازَعُوا. وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ. فَقَالُوا: مَا لَهُ؟ أَهَجَرَ؟ اسْتَفْهِمُوهُ. فَقَالَ: ذَرُونِي، فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِي إِلَيْهِ. فَأَمَرَهُمْ بِثَلَاثٍ قَالَ: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ، وَالثَّالِثَةُ إِمَّا أَنْ سَكَتَ عَنْهَا، وَإِمَّا أَنْ قَالَهَا فَنَسِيتُهَا". قَالَ سُفْيَانُ: هَذَا مِنْ قَوْلِ سُلَيْمَانَ.
وبه قال: (حدّثنا محمد) هو ابن سلام كما قاله الحافظ ابن حجر قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا