للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بضم الجيم وسكون النون وفتح الدال وضمها (في هذا المسجد) مسجد البصرة (وما نسينا) ما حدّثنا به (منذ حدّثنا) بل حققناه واستمرّينا ذاكرين له لقرب العهد به (وما نخشى أن يكون جندب كذب على رسول الله) ولأبي ذر: على النبي () لأن الصحابة عدول (قال: قال رسول الله ):

(كان فيمن قبلكم) من بني إسرائيل أو من غيرهم (رجل) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمه (به جرح) بضم الجيم وسكون الراء بعدها حاء مهملة في يده (فجزع) بفتح الجيم وكسر الزاي لم يصبر على ألمه (فأخذ سكينًا) بكسر السين (فحزّ) بالحاء المهملة والزاي المشدّدة قطع (بها يده) من غير إبانة (فما رقأ) بفتح الراء والقاف والهمزة أي لم ينقطع (الدم حتى مات. قال الله تعالى) ولأبي ذر ﷿ بدل تعالى (بادرني عبدي بنفسه) أي استعجل الموت (حرّمت عليه الجنة) لأنه استحل ذلك فكفر به فيكون مخلدًا بكفره لا بقتله، أو كان كافرًا في الأصل وعوقب بهذه المعصية زيادة على كفره، أو حرمت عليه الجنة في وقت ما كالوقت الذي يدخل فيه السابقون أو الوقت الذي يعذب فيه الموحدون ثم يخرجون أو جنة معينة كالفردوس مثلاً أو غير ذلك مما يطول ذكره.

وقال الطيبي: وليس في قوله حرمت عليه الجنة ما يدل على الدوام والإقناط الكلي، ولما كان الإنسان بصدد أن يحمله الضجر والغضب على إتلاف نفسه ويسوّل له الشيطان أن الخطب فيه يسير وأنه أهون من قتل نفس أخرى محرمة أعلم أن ذلك في التحريم كقتل سائر النفوس المحرمة انتهى.

واستشكل قوله: بادرني بنفسه إذ مقتضاه أن من قتل فقد مات قبل أجله وليس أحد يموت بأيّ سبب كان إلا بأجله، وقد علم الله أنه يموت بالسبب المذكور وما علمه لا يتغير.

وأجيب: بأنه لما وجدت منه صورة المبادرة بقصده ذلك واختياره له والله جل وعلا لم يطلعه على انقضاء أجله فاختار هو قتل نفسه فاستحق المعاقبة لعصيانه والحديث أصل كبير في تعظيم

قتل النفس سواء كانت نفس الإنسان أو غيره لأن نفسه ليست ملكه أيضًا فيتصرف فيها على حسب اختياره.

٥١ - باب حَدِيثُ أَبْرَصَ وَأَعْمَى وَأَقْرَعَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ

(حديث أبرص) وهو الذي ابيضّ ظاهر بدنه لفساد مزاجه (وأقرع) وهو الذي ذهب شعر رأسه بآفة (وأعمى) وهو الذي ذهب بصره الكائنين الثلاثة (في بني إسرائيل). وسقط لأبي ذر في بني إسرائيل، وفي بعض النسخ باب حديث أبرص الخ.

٣٤٦٤ - حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ . ح. وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «إِنَّ ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى بَدَا لِلَّهِ ﷿ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا، فَأَتَى الأَبْرَصَ فَقَالَ: أَيُّ شَىْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ وَجِلْدٌ حَسَنٌ، قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ. قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ، فَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا وَجِلْدًا حَسَنًا. فَقَالَ: أَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الإِبِلُ -أَوْ قَالَ: الْبَقَرُ- هُوَ شَكَّ فِي ذَلِكَ: إِنَّ الأَبْرَصَ وَالأَقْرَعَ قَالَ أَحَدُهُمَا: الإِبِلُ، وَقَالَ الآخَرُ: الْبَقَرُ - فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ، فَقَالَ: يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا. وَأَتَى الأَقْرَعَ فَقَالَ: أَيُّ شَىْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: شَعَرٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ هَذَا عَنِّي، قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ. قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ، وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا. قَالَ: فَأَىُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْبَقَرُ. قَالَ: فَأَعْطَاهُ بَقَرَةً حَامِلاً، وَقَالَ: يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا. وَأَتَى الأَعْمَى فَقَالَ: أَيُّ شَىْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: يَرُدُّ اللَّهُ إِلَىَّ بَصَرِي فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ. قَالَ: فَمَسَحَهُ، فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ. قَالَ: فَأَىُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْغَنَمُ، فَأَعْطَاهُ شَاةً وَالِدًا، فَأُنْتِجَ هَذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا، فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنْ الإِبِلٍ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ بَقَرٍ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْغَنَمِ. ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ تَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِه فَلَا بَلَاغَ الْيَوْمَ إِلاَّ بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ -بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ وَالْمَالَ- بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ بهِ فِي سَفَرِي. فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الْحُقُوقَ كَثِيرَةٌ. فَقَالَ لَهُ: كَأَنِّي أَعْرِفُكَ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فَقِيرًا فَأَعْطَاكَ اللَّهُ؟ فَقَالَ: لَقَدْ وَرِثْتُ لِكَابِرٍ عَنْ كَابِرٍ. فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ. وَأَتَى الأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا، فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ هَذَا، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ. وَأَتَى الأَعْمَى فِي صُورَتِهِ فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ وَتَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِه، فَلَا بَلَاغَ الْيَوْمَ إِلاَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً

أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي. وَقَالَ لَهُ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِي وَفَقِيرًا فَقَدْ أَغْنَانِي، فَخُذْ مَا شِئْتَ، فَوَاللَّهِ لَا أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ بِشَىْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ. فَقَالَ: أَمْسِكْ مَالَكَ، فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ، فَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ، وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ».

[الحديث ٣٤٦٤ - طرفه في: ٦٦٥٣].

وبه قال: (حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (أحمد بن إسحاق) السرّماري بضم السين المهملة وتشديد الراء المفتوحة نسبة إلى قرية من قرى بخارا قال: (حدّثنا عمرو بن عاصم) بفتح العين وسكون الميم القيسي الكلابي قال: (حدّثنا همام) هو ابن يحيى العوذي بفتح العين المهملة وسكون الواو وكسر المعجمة قال: (حدّثنا إسحاق بن عبد الله) بن أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري ابن أخي أنس بن مالك (قال: حدثني) بالإفراد (عبد الرَّحمن بن أبي عمرة) بفتح العين المهملة وسكون الميم الأنصاري (أن أبا هريرة) (حدثه أنه سمع النبي ح).

وبه قال: (وحدثني) بالإفراد (محمد) غير منسوب وقد جوز الحافظ أبو ذر الهروي أنه الذهلي، وقيل هو محمد بن إسماعيل البخاري نفسه قال: (حدّثنا عبد الله بن رجاء) بالجيم ابن المثنى البصري قال: (أخبرنا همام) العوذي (عن إسحاق بن عبد الله) ابن أخي أنس أنه (قال: أخبرني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدثني (عبد الرَّحمن بن أبي عمرة أن أبا هريرة حدثه أنه سمع رسول الله يقول):

(إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأعمى وأقرع) لم يسموا (بدا لله) بفتح الموحدة والمهملة المخففة بغير همز في الفرع، وأصله وهو الذي رويناه كالأكثرين ومعناه سبق في علم الله فأراد إظهاره لا أنه ظهر له بعد أن كان خافيًا إذ إن ذلك محال في حق الله تعالى، وخطأ هذا الكرماني في شرحه تبعًا لابن قرقول ولفظه في مطالعه ضبطناه عن متقني شيوخنا بالهمز أي ابتدأ الله أن يبتليهم قال: ورواه كثير من الشيوخ بغير

<<  <  ج: ص:  >  >>