(قال) عليه الصلاة والسلام: (فأرنيه قال: فأراه إياه فمحاه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيده فلما دخل) عليه الصلاة والسلام مكة في العام المقبل (ومضى) ولأبي ذر عن الكشميهني ومضت (الأيام) الثلاثة التي اشترطوا عليه أن لا يقيم أكثر منها (أتوا عليّا فقالوا: مُرْ صاحبك) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فليرتحل) فقد مضى الأجل (فذكر ذلك لرسول الله) ولأبي ذر وابن عساكر ذلك عليّ -رضي الله عنه- لرسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: نعم ثم ارتحل) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فارتحل.
وهذا الحديث قد مرّ في باب: كيف يكتب الصلح من كتاب الصلح.
٢٠ - باب الْمُوَادَعَةِ مِنْ غَيْرِ وَقْتٍ، وَقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ»
(باب الموادعة) أي المصالحة والمتاركة (من غير) تعيين (وقت. وقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لأهل خيبر (أقركم ما) ولأبي ذر: على ما (أقركم الله به) سقط لأبي ذر وابن عساكر لفظة به.
وهذا طرف من حديث ابن عمر سبق موصولاً في باب إذا قال رب الأرض أقرك ما أقرك الله وليس في أمر المهادنة حدّ معلوم وإنما ذلك راجع إلى رأي الإمام والله أعلم.
٢١ - باب طَرْحِ جِيَفِ الْمُشْرِكِينَ فِي الْبِئْرِ، وَلَا يُؤْخَذُ لَهُمْ ثَمَنٌ
(باب) جواز (طرح جيف المشركين في البئر، ولا يؤخذ لهم) أي لجيفهم (ثمن) ذكر ابن إسحاق في مغازيه أن المشركين سألوا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يبيعهم جسد نوفل بن عبد الله بن المغيرة وكان قد اقتحم الخندق فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لا حاجة لنا بثمنه ولا جسده. قال ابن هشام: بلغنا عن الزهري أنهم بذلوا فيه عشرة آلاف.
٣١٨٥ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ: "بَيْنَا النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاجِدٌ وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِذْ جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ بِسَلَى جَزُورٍ فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى جَاءَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - فَأَخَذَتْ مِنْ ظَهْرِهِ وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ الْمَلأَ مِنْ قُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ -أَوْ أُبَىَّ بْنَ خَلَفٍ- فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ فَأُلْقُوا فِي بِئْرٍ، غَيْرَ أُمَيَّةَ -أَوْ أُبَىٍّ- فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلاً ضَخْمًا، فَلَمَّا جَرُّوهُ تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ قَبْلَ أَنْ يُلْقَى فِي الْبِئْرِ".
وبه قال: (حدّثنا عبدان بن عثمان) وللحموي والمستملي عبد الله بن عثمان وهو اسم عبدان (قال: أخبرني) بالإفراد (أبي) عثمان بن جبلة (عن شعبة) بن الحجاج (عن أبي إسحاق) السبيعي (عن عمرو بن ميمون) بفتح العين الكوفي الأودي (عن عبد الله) أي ابن مسعود (رضي الله عنه) أنه (قال: بينا) بغير ميم (رسول الله) ولأبي ذر: النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ساجد) أي عند الكعبة (وحوله ناس من قريش المشركين) ولأبي ذر وابن عساكر: من المشركين (إذ جاء عقبة) بحذف ضمير النصب ولأبي ذر: إذ جاءه عقبة (بن أبي معيط بسلى جزور) بفتح السين المهملة وتخفيف اللام مقصورًا وهي اللفافة التي يكون فيها الولد في بطن الناقة، والجزور بفتح الجيم وضم الزاي بمعنى المفعول أي المنحور من الابل (فقذفه) بالفاء قبل القاف ولأبي ذر: وقذفه أي طرحه (على ظهر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم يرفع رأسه حتى جاءت فاطمة) بنته (عليها السلام فأخذت) ذلك السلى (من ظهره ودعت على مَن صنع ذلك. فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(اللهم) ولأبي ذر فقال: اللهم (عليك الملأ) نصب بنزع الخافض أي خذ الجماعة (من) كفار (قريش) وأهلكهم ثم فصل ما أجمل فقال (اللهم عليك أبا جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وعقبة بن أبي معيط وأمية بن خلف أو أبيّ بن خلف) قال عبد الله: (فلقد رأيتهم
قتلوا يوم بدر) والمراد أنه رأى أكثرهم لأن ابن أبي معيط إنما حمل أسيرًا وقتله النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد انصرافه من بدر على ثلاثة أميال مما يلي المدينة (فأُلقوا في بئر) تحقيرًا لهم ولئلا يتأذى الناس برائحتهم (غير أمية) بن خلف (أو) غير (أبيّ فإنه كان رجلاً ضخمًا فلما جرّوه) براء واحدة بعدها واو ساكنة (تقطعت أوصاله قبل أن يُلقى في البئر).
٢٢ - باب إِثْمِ الْغَادِرِ لِلْبَرِّ وَالْفَاجِرِ
(باب إثم الغادر) الذي يواعد على أمر ولا يفي به (للبرّ والفاجر) أي سواء كان من برّ لفاجر أو برّ أو من فاجر لبرّ أو فاجر.
٣١٨٦ - ٣١٨٧ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -وَعَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ أَحَدُهُمَا يُنْصَبُ -وَقَالَ الآخَرُ: يُرَى- يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ».
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن سليمان) بن مهران (الأعمش) الكوفي (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن عبد الله) أي ابن مسعود (وعن ثابت) قال في الفتح: قائل ذلك هو شعبة بينه مسلم في روايته من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن ثابت (عن أنس) كلاهما (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(لكل غادر لواء) أي: علم (يوم القيامة قال أحدهما) أي أحد الراويين (بنصب) أي اللواء