للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ثم قال من يعمل لي من العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين) قيراطين (فأنتم هم فغضبت اليهود والنصارى) أي الكفار منهم (فقالوا) وفي التوحيد فقال أهل التوراة: (ما لنا أكثر عملاً) ممن عمل من العصر إلى الغروب (وأقل عطاء) منهم لأن الوقت من الصبح إلى الظهر أكبر وأكثر وأقل بالنصب على الحال كقوله تعالى: {فما لهم عن التذكرة معرضين} [المدثر: ٤٩] أو خبر كان أي ما لنا كنّا أكثر وما لنا كنا أقل، وفي الفرع بالرفع فيهما خبر مبتدأ محذوف أي ما لنا نحن أكثر وما لنا نحن أقل وعملاً نصب على التمييز (قال) الله تعالى: (هل نقصتكم من حقكم) زاد في الرواية الآتية شيئًا (قالوا لا) لم تنقصنا (قال فذلك فضلي أُوتيه من أشاء) من عبادي وأراد المصنف -رحمه الله- بهذا إثبات صحة الإجارة بأجر معلوم إلى أجل معلوم من جهة ضرب الشارع المثل بذلك.

٩ - باب الإِجَارَةِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ

(باب الإجارة إلى صلاة العصر).

٢٢٦٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالاً فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ ثُمَّ عَمِلَتِ النَّصَارَى عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَعْمَلُونَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغَارِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ. فَغَضِبَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَقَالُوا: نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلاً وَأَقَلُّ عَطَاءً، قَالَ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا. فَقَالَ: فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ».

وبه قال: (حدّثنا إسماعيل بن أبي أُويس) واسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس بن أبي عامر الأصبحي أبو عبد الله ابن أُخت الإمام مالك (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن عبد الله بن دينار مولى عبد الله بن عمر عن) مولاه (عبد الله به عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(إنما مثلكم) مع نبيكم (واليهود والنصارى) مع أنبيائهم بالخفض عطفًا على الضمير المخفوض في مثلكم بدون إعادة الجار وهو ممنوع عند البصريين إلا يونس وقطربا والأخفش وجوّزه الكوفيون قاطبة، والحديث مما يشهد لهم ويجوز الرفع وكلاهما في اليونينية والتقدير ومثل اليهود على حذف المضاف وإعطاء المضاف إليه إعرابه، ونقل الحافظ ابن حجر وجدانه مضبوطًا بالنصب في أصل أبي ذر ووجهه على إرادة المعية (كرجل استعمل عمالاً فقال من يعمل لي) أي من أول النهار (إلى نصف النهار على قيراط قيراط) مرتين. (فعملت اليهود) أي إلى نصف النهار (على قيراط قيراط) مرتين أيضًا. قال الطيبي: هذه حالة من حالات المشبه أدخلها في حالات المشبه به وجعلت من حالاته اختصارًا إذ الأصل قال الرجل من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط فعمل قوم إلى نصف النهار إلى آخره كذلك قال الله تعالى للأمم: من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط فعملت اليهود إلى آخره ونظيره قوله تعالى: {كمثل الذي استوقد نارًا} إلى قوله: {ذهب الله بنورهم} [البقرة: ١٧] فقوله ذهب الله بنورهم وصف للمنافقين وضع موضع وصف المستوقد اختصارًا.

(ثم عملت النصارى) أي ثم قال من يعمل لي إلى صلاة العصر على قيراط فعملت النصارى (على قيراط قيراط ثم أنتم الذين تعملون من صلاة العصر إلى مغارب الشمس) بلفظ الجمع كما في رواية مالك ولعله باعتبار الأزمنة المتعددة باعتبار الطوائف المختلفة الأزمنة (على قيراطين قيراطين فغضبت اليهود والنصارى وقالوا: نحن أكثر عملاً) أي باعتبار مجموع عمل الطائفتين (وأقل عطاء قال) الله تعالى: (هل ظلمتكم) أي نقصتكم كما في رواية نافع في الباب السابق وإنما لم يكن ظلمًا لأنه تعالى شرط معهم شرطًا وقبلوا أن يعملوا به (من حقكم شيئًا؟ قالوا: لا. فقال) تعالى ولأبي ذر

قال: (فذلك فضلي أُوتيه من أشاء). قال الطيبي: وما ذكر من المقاولة والمكالمة لعله تخييل وتصوير ولم يكن حقيقة لأنه لم يكن ثمة اللهم إلا أن يحمل ذلك على حصوله عند إخراج الذر فيكون حقيقة.

١٠ - باب إِثْمِ مَنْ مَنَعَ أَجْرَ الأَجِيرِ

(باب إثم من منع أجر الأجير).

٢٢٧٠ - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ».

وبه قال: (حدّثنا يوسف بن محمد) العصفري الخراساني نزيل البصرة قال: (حدّثني) بالإفراد (يحيى بن سليم) بضم السين وفتح اللام الطائفي نزيل مكة صدوق سيئ الحفظ ولم يخرّج له المؤلّف سوى هذا الحديث وله أصل عنده من غير هذا الوجه واحتج به الباقون (عن إسماعيل بن أمية) بن عمرو بن سعيد بن العاصي الأموي (عن سعيد بن أبي سعيد) المقبري (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(قال الله تعالى ثلاثة) من الناس (أنا خصمهم يوم

<<  <  ج: ص:  >  >>