المرض والعرب تسمي كل وجع مرضًا ولأبي ذر الوجع عليه أشد (من رسول الله ﷺ) والوجع على الرواية الثانية رفع مبتدأ وخبره أشد إلى آخره والجملة بمنزلة المفعول الثاني لرأيت لأنها من داخل المبتدأ والخبر قد يكون جملة ومن زائدة، والمعنى ما رأيت أحدًا أشد وجعًا من رسول الله ﷺ.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الأدب والنسائي في الطب وأبو داود وابن ماجة في الجنائز.
٥٦٤٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ أَتَيْتُ النَّبِىَّ ﷺ فِى مَرَضِهِ وَهْوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، وَقُلْتُ: إِنَّ ذَاكَ بِأَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ قَالَ: «أَجَلْ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى إِلاَّ حَاتَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطَايَاهُ كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ».
وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي (عن إبراهيم التيمي) الكوفي (عن الحارث بن سويد عن عبد الله) بن
مسعود (﵁) أنه (قال: أتيت النبي ﷺ في مرضه وهو) أي والحال أنه (يوعك) بفتح العين المهملة (وعكًا شديدًا) بسكونها وفتحها الحمى أو ألمها أو إرعادها (وقلت) ولأبي ذر والأصيلي فقلت يا رسول الله (إنك لتوعك وعكًا شديدًا قلت: إن ذاك) أي تضاعف الحمى (بأن لك أجرين. قال) ﷺ:
(أجل) بفتح الهمزة والجيم وتسكين اللام مخففة نعم (ما من مسلم يصيبه أذى إلاّ حاتّ الله) بالحاء المهملة المفتوحة بعدها ألف ففوقية مشددة وأصله بتاءين فأدغمت الأولى في الثانية إلا نثر الله (عنه خطاياه كما تحات ورق الشجر). وهو كناية عن إذهاب الخطايا شبه حالة المريض وإصابة المرض جسده ثم محو السيئات عنه سريعًا بحالة الشجر وهبوب الرياح الخريفية وتناثر الأوراق منها وتجردها عنها فهو تشبيه تمثيل لانتزاع الأمور المتوهمة في المشبه من المشبه به فوجه التشبيه الإزالة الكلية على سبيل السرعة لا الكمال والنقصان لأن إزالة الذنوب عن إزلة عن الإنسان سبب كما وإزالة الأوراق عن الشجر سبب نقصانها قاله في شرح المشكاة.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الطب.
٣ - باب أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ
هذا (باب) بالتنوين (أشد الناس بلاء الأنبياء) صلوات الله وسلامه عليهم لما خصوا به من قوة اليقين ليكمل لهم الثواب ويعمهم الخير (ثم الأول فالأول) في الفضل وللمستملي ثم الأمثل فالأمثل يعبر به عن الأشبه بالفضل والأقرب إلى الخير وأماثل القوم خيارهم وثم فيه للتراخي في الرتبة والفاء للتعاقب على سبيل التوالي تنزلاً من الأعلى إلى الأسفل، وفي الفتح: إن الأمثل فالأمثل رواية الأكثر والأول فالأول رواية النسفيّ قال وجمعهما المستملي.
٥٦٤٨ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهْوَ يُوعَكُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا قَالَ: «أَجَلْ إِنِّى أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ» قُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ، قَالَ: «أَجَلْ ذَلِكَ كَذَلِكَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا».
وبه قال: (حدّثنا عبدان) عبد الله بن عثمان (عن أبي حمزة) بالحاء المهملة والزاي محمد بن ميمون السكري بضم السين المهملة وتشديد الكاف (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن عبد الله) بن مسعود أنه (قال: دخلت على رسول الله ﷺ) ولأبي الوقت وذر على النبي (ﷺ هو يوعك) الواو للحال (فقلت: يا رسول الله إنك توعك) ولأبي ذر لتوعك (وعكًا شديدًا قال):
(أجل) نعم (إني أوعك كما يوعك) أحم كما يحم (رجلان منكم) قال ابن مسعود: (قلت: ذلك) التضاعف (أن) ولأبي ذر بأن (لك أجرين. قال) ﵊: (أجل) نعم (ذلك) التضاعف (كذلك ما من مسلم يصيب أذى شوكة) بالتنكير للتقليل لا للجنس ليصح ترتب قوله (فما فوقها) ودونها في العظم والحقارة عليه بالفاء وهو يحتمل وجهين فوقها في العظم ودونها في الحقارة وعكس ذلك قاله في الفتح كالكواكب. (إلا كفر الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها).
وفي حديث سعد بن أبي وقاص عند الدارمي والنسائي في الكبير وصححه الترمذي وابن حبان حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة.
فإن قلت: ما المطابقة بين الحديث والترجمة؟ أجيب: بأن يقاس سائر الأنبياء على نبينا ﷺ ويلحق الأولياء بهم لقربهم منهم وإن كانت درجتهم منحطة عنهم، وأما العلة فيه فهي أن البلاء في مقابلة النعمة فمن كانت نعمة الله