إنما سميت بذلك لسلاستها في الحلق، وقال قتادة مستعذب ماؤها، وروى محيي السُّنَّة عن مقاتل سميت سلسبيلًا لأنها تسيل عليهم في طرقهم ومنازلهم تنبع من أصل العرش من جنة عدن إلى سائر الجنان ويؤيده قوله تسمى وأما إذا جعلت صفة كما قال الزجاج فمعنى تسمى توصف.
[٧٧] سورة وَالْمُرْسَلَاتِ
وَقَالَ مُجَاهِدٌ. {جِمَالَاتٌ}: حِبَالٌ. {ارْكَعُوا}: صَلُّوا. {لَا يَرْكَعُونَ}: لَا يُصَلُّونَ. وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ {لَا يَنْطِقُونَ}، {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}، {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ}، فَقَالَ: إِنَّهُ ذُو أَلْوَانٍ: مَرَّةً يَنْطِقُونَ، وَمَرَّةً يُخْتَمُ عَلَيْهِمْ.
([٧٧] سورة وَالْمُرْسَلَاتِ)
ولأبي ذر سورة والمرسلات وهي مكية وآيها خمسون.
(وقال مجاهد) في قوله تعالى: ({جمالات}) [المرسلات: ٣٣] أي (حبال) بالحاء المهملة أي حبال السفن وهذا إنما يكون على قراءة رويس جمالات بضم الجيم وأما على قراءة الكسر فجمع جمال أو جمالة جمع جمل للحيوان المعروف وسقط لغير أبي ذر وقال: مجاهد:
({اركعوا}) أي (صلوا: {لا يركعون}) [المرسلات: ٤٨] (لا يصلون) فأطلق الركوع وأراد الصلاة من إطلاق الجزء وإرادة الكل وثبت لا يركعون لأبي ذر.
(وسئل ابن عباس) عن قوله تعالى ({لا ينطقون}) [المرسلات: ٣٥] وعن قوله جل وعلا ({والله ربنا ما كنا مشركين}) [الأنعام: ٢٣] وعن قوله عز وجل ({اليوم نختم على أفواههم}) [يس: ٦٥] ما الجمع بين ذلك (فقال) مجيبًا عنه (أنه) أي يوم القيامة (ذو ألوان مرة ينطقون) فيشهدون على أنفسهم بما صنعوا ولا يكتمون الله حديثًا (ومرة يختم عليهم) أي على أفواههم ومرة يختصمون ثم يكون ما شاء الله يحلفون ويجحدون فيختم على أفواههم وسقط لغير أبي ذر على أفواههم ولا يركعون.
٤٩٣٠ - حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ: {وَالْمُرْسَلَاتِ} وَإِنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، فَخَرَجَتْ حَيَّةٌ فَابْتَدَرْنَاهَا، فَسَبَقَتْنَا فَدَخَلَتْ جُحْرَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا».
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدثنا (محمود) هو ابن غيلان قال: (حدثنا عبيد الله) بضم العين مصغرًا ابن موسى وهو شيخ المؤلّف أخرج هذا الحديث عنه بالواسطة (عن إسرائيل) بن يونس (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن إبراهيم) النخعي (عن علقمة) بن قيس (عن عبد الله) يعني ابن مسعود (رضي الله عنه) أنه (قال: كنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبي ذر مع النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في غار بمنى (وأنزلت) بالواو ولأبي ذر فأنزلت (عليه {والمرسلات} وإنا لنتلقاها) أي والمرسلات (من فيه) فمه (فخرجت حية) تقع على الذكر والأنثى ودخلت الهاء لأنه واحد من جنس كبطة ودجاجة (فابتدرناها) أي تسابقنا أيّنا يدركها أوّلًا ليقتلها (فسبقتنا فدخلت جحرها) بتقديم الجيم على الحاء المهملة (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وفيت شركم كما وقيتم شرها) بضم الواو وكسر القاف مخففة فيهما.
٤٩٣١ - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ بِهَذَا، وَعَنْ إِسْرَائِيلَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ. وَتَابَعَهُ أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ. وَقَالَ حَفْصٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ: قَالَ: يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ.
وبه قال: (حدّثنا عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة وبعد المهملة هاء تأنيث (ابن عبد الله) الصفار الخزاعي قال: (أخبرنا يحيى بن آدم) بن سليمان الكوفي (عن إسرائيل) بن يونس (عن منصور) يعني ابن المعتمر (بها) أي الحديث المذكور (وعن إسرائيل) أيضًا بالإسناد السابق (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن إبراهيم) النخعي (عن علقمة) بن قيس (عن عبد الله) بن مسعود (مثله) أي مثل الحديث السابق أيضًا والحاصل أنه زاد لإسرائيل شيخًا آخر وهو الأعمش (وتابعه) أي تابع يحيى بن آدم فيما وصله الإمام أحمد (أسود بن عامر) الملقب بشاذان الشامي (عن إسرائيل) بن يونس.
(وقال حفص) هو ابن غياث فيما وصله بعد باب (وأبو معاوية) محمد بن خازم الضرير فيما وصله مسلم (وسليمان بن قرم) بقاف مفتوحة فراء ساكنة فميم الضبي بالضاد المعجمة والموحدة الكوفي وهو ضعيف الحفظ وليس له في الجامع سوى هذا التعليق السابق في بدء الخلق الثلاثة (عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود) شاذان (قال) ولأبي ذر وقال (يحيى بن حماد) الشيباني البصري شيخ المؤلّف فيما وصله الطبراني (أخبرنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري (عن مغيرة) بن مقسم الكوفي (عن إبراهيم) النخعي (عن علقمة) بن قيس (عن عبد الله) بن مسعود ومراده بهذا أن مغيرة وافق إسرائيل في شيخ إبراهيم وأنه علقمة (وقال ابن إسحاق) محمد صاحب المغازي فيما وصله أحمد (عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه) الأسود الملقب بشاذان (عن عبد الله) بن مسعود ومراده أن للحديث أصلًا عن الأسود من غير