الذهلي ما من مرابط يرابط في سبيل الله فيصوم يومًا في سبيل الله الحديث.
وحينئذ فالأولوية المذكورة محمولة على من يضعفه الصوم عن الجهاد، أما من لم يضعفه فالصوم في حقه أفضل لأنه يجمع بين الفضيلتين.
٢٨٤٠ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ﵁ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا».
وبه قال: (حدّثنا إسحاق بن نصر) هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر فنسبه إلى جده ويعرف بالسعدي لأنه نزل بباب بني سعد قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام قال: (أخبرنا ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (قال: أخبرنا) بالإفراد (يحيى بن سعيد) الأنصاري (وسهيل بن أبي صالح أنهما سمعا النعمان بن أبي عياش) بتشديد التحتية وبعد الألف شين معجمة واسمه زيد بن الصلت وقيل زيد بن النعمان الزرقي الأنصاري (عن أبي سعيد) سعد بن مالك (الخدري) بالدال المهملة (﵁) أنه (قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول):
(من صام يومًا في سبيل الله) ﷿ (بعّد الله) بتشديد العين (وجهه) أي ذاته كلها (عن النار سبعين خريفًا) أي سنة.
وعند أبي يعلى من طريق زياد بن فائد عن معاذ بن أنس: بعّد من النار مائة عام سير المضمر الجواد.
وعند الطبراني في الصغير والأوسط بإسناد حسن عن أبي الدرداء: "جعل الله بينه وبين النار خندقًا كما بين السماء والأرض". وفي كامل ابن عدي عن أنس تباعدت منه جهنم خمسمائة عام قيل ظاهرها التعارض.
وأجيب: بالاعتماد على رواية سبعين للاتفاق عليها في الصحيح أولى أو أن الله أعلم نبيه ﷺ بالأدنى ثم ما بعده على التدريج أو أن ذلك بحسب اختلاف أحوال الصائمين في كمال الصوم ونقصانه.
٣٧ - باب فَضْلِ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
(باب فضل النفقة) أي الإنفاق في الجهاد (في سبيل الله) أو في الجهاد وغيره مما يقصد به وجه الله تعالى.
٢٨٤١ - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دَعَاهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ -كُلُّ خَزَنَةِ بَابٍ-: أَىْ فُلُ، هَلُمَّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَاكَ الَّذِي لَا تَوَى عَلَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ".
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (سعد بن حفص) أبو محمد الطلحي الكوفي قال: (حدّثنا شيبان) بفتح الشين المعجمة وسكون التحتية وفتح الموحدة ابن عبد الرحمن أبو معاوية النحوي (عن يحيى) بن أبي كثير (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (أنه سمع أبا هريرة ﵁ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(من أنفق زوجين) أي صنفين مقترنين شكلين كانا أو نقيضين وكل واحد منهما زوج، ومراده أن يشفع المنفق ما ينفقه من دينار أو درهم أو سلاح أو غيره. وقال الداودي: ويقع الزوج على الواحد والاثنين وهو هنا على الواحد جزمًا. وفي رواية إسماعيل القاضي: من أنفق زوجين من ماله (في سبيل الله) عام في جميع أنواع الخير أو خاص بالجهاد (دعاه خزنة الجنة كل خزنة باب) أي خزنة كل باب فهو من المقلوب (أي فل)، بضم اللام وإسكانها وليس ترخيمًا لأنه لا يقال إلا بسكون اللام ولو كان ترخيمًا لفتحوها أو ضموها. قال سيبويه؛ ليس ترخيمًا إنما هي صيغة ارتجلت في باب النداء، وقد جاء في غير النداء في لجة أمسك فلانًا عن فل.
فكسر اللام للقافية. وقال الأزهري: ليس بترخيم فلان ولكنها كلمة على حدة فبنو أسد يوقعونها على الواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحد وغيرهم يثني ويجمع ويؤنث فيقول: يا فلان ويا فلان ويا فلة ويا فلتان ويا فلات، وفلان وفلانة كناية عن الذكر والأنثى من الناس، فإن كنيت بهما عن غير الناس قلت الفلان والفلانة. وقال قوم: إنه ترخيم فلان فحذف النون للترخيم والألف لسكونها وتفتح اللام وتضم على مذهبي الترخيم قاله ابن الأثير أي فلان. (هلم) بفتح الهاء وضم اللام وتشديد الميم أي تعال.
(قال أبو بكر): الصديق ﵁ (يا رسول الله ذاك الذي) يدعوه خزنة كل باب (لا توى عليه) بفتح المثناة الفوقية والواو مقصورًا أي لا بأس عليه أن يدخل بابًا ويترك آخرًا (فقال النبي ﷺ): (إني لأرجو أن تكون منهم) أي ممن يدعى من تلك الأبواب كلها.
وهذا الحديث سبق في الصيام وأخرجه أيضًا في فضل أبي بكر ومسلم في الزكاة.
٢٨٤٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلَالٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: إِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ. ثُمَّ ذَكَرَ زَهْرَةَ الدُّنْيَا فَبَدَأَ بِإِحْدَاهُمَا وَثَنَّى بِالأُخْرَى. فَقَامَ رَجُلٌ
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ ﷺ، قُلْنَا يُوحَى إِلَيْهِ، وَسَكَتَ النَّاسُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِمِ الطَّيْرَ. ثُمَّ إِنَّهُ مَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ الرُّحَضَاءَ فَقَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ آنِفًا؟ أَوَخَيْرٌ هُوَ- ثَلَاثًا. إِنَّ الْخَيْرَ لَا يَأْتِي إِلاَّ بِالْخَيْرِ. وَإِنَّهُ كُلُّ مَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ، أكلَتْ حَتَّى امْتَلأَتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ ثُمَّ رَتَعَتْ. وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ لِمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ فَجَعَلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ، وَمَنْ لَمْ يَأْخُذْهُ بِحَقِّهِ فَهْوَ كَالآكِلِ الَّذِي لَا يَشْبَعُ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
وبه قال: (حدّثنا محمد بن سنان) بكسر السين المهملة وتخفيف النون العوفي الباهلي الأعمى قال: (حدّثنا فليح) هو ابن سليمان قال: (حدّثنا هلال) هو ابن أبي ميمونة الفهري (عن عطاء بن يسار)