ابن المنير بأنه ترجم على شيء وأعقبه بضده قال: وبضدها تتبين الأشياء ثم عاد إلى ما يطابق الترجمة نصًّا، ويحتمل أن يكون مراده بقول الزهري الإشارة بقوله تعالى: ﴿أُحلّ لكم الطيبات﴾ [المائدة: ٤] إلى أن الحلواء والعسل من الطيبات فهما حلال وبقول ابن مسعود الإشارة إلى قوله تعالى: ﴿فيه شفاء للناس﴾ [النحل: ٦٩] فدلّ الامتنان به على حقه فلم يجعل الله الشفاء فيما حرم.
٥٦١٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ
﵂ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُعْجِبُهُ الْحَلْوَاءُ وَالْعَسَلُ.
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة قال: (أخبرني) بالإفراد (هشام عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام (عن عائشة ﵂) أنها (قالت: كان النبي ﷺ يعجبه الحلواء) بالمد ويجوز القصر (والعسل) قال النووي: المراد بالحلواء في هذا الحديث كل شيء حلو وذكر العسل بعدها للتنبيه على شرفه ومزيته، وفي شعب البيهقي عن أبي سليمان الداراني قول عائشة كان يحب الحلواء ليس على معنى كثرة التشهي لها وشدّة نزاع النفس إليها وتأنق الصنعة في اتخاذها كفعل أهل الترف والشره وإنما كان إذا قدمت إليه نال منها نيلًا جيدًا فيعلم بذلك أنها تعجبه قاله في الفتح.
وهذا الحديث قد مرّ في كتاب الأطعمة.
١٦ - باب الشُّرْبِ قَائِمًا
(باب) حكم (الشرب) حال كون الشارب (قائمًا).
٥٦١٥ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ النَّزَّالِ قَالَ أَتَى عَلِيٌّ ﵁ عَلَى بَابِ الرَّحَبَةِ فَشَرِبَ قَائِمًا فَقَالَ: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَشْرَبَ وَهْوَ قَائِمٌ، وَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَعَلَ كَمَا رَأَيْتُمُونِى فَعَلْتُ.
[الحديث ٥٦١٥ - أطرافه في: ٥٦١٦].
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا مسعر) بكسر الميم وسكون السين وفتح العين المهملتين آخره راء ابن كدام الكوفي (عن عبد الملك بن ميسرة) ضد الميمنة الزراد (عن النزال) بالنون والزاي المشددة المفتوحتين أنه (قال: أتى علي ﵁) بفتح الهمزة ولأبي ذر أُتي بضمها وكسر تاليها (على باب الرحبة) بفتح الراء والحاء المهملة والموحدة أي رحبة المسجد والمراد مسجد الكوفة ولأبي ذر زيادة بماء (فشرب) منه حال كونه (قائمًا فقال: إن ناسًا يكره أحدهم أن يشرب) أي بأن وأن مصدرية أي يكره الشرب (وهو قائم) أي في حالة القيام (وإني رأيت النبي ﷺ فعل كما رأيتموني فعلت) من الشرب قائمًا.
وهذا الحديث أخرجه أبو داود في الأشربة والنسائي في الطهارة.
٥٦١٦ - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ سَمِعْتُ النَّزَّالَ بْنَ سَبْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ قَعَدَ فِي حَوَائِجِ النَّاسِ فِي رَحَبَةِ الْكُوفَةِ حَتَّى حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، ثُمَّ أُتِىَ بِمَاءٍ فَشَرِبَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَذَكَرَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهْوَ قَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قَائِمًا، وَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ.
وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (حدّثنا عبد الملك بن ميسرة) قال: (سمعت النزال بن سبرة) بفتح السين المهملة وسكون الموحدة بعدها راء فهاء (يحدّث عن علي ﵁ أنه صلّى الظهر ثم قعد في حوائج الناس) جمع حاجة على غير قياس. قال في القاموس: الجمع حاج وحاجات وحوج وحوائج غير قياسي أو مولدة أو كأنهم جمعوا حائجة (في رحبة الكوفة) قال في القاموس: ورحبة المكان وتسكن ساحته ومتسعه (حتى حضرت صلاة العصر ثم أتي) بضم الهمزة (بماء فشرب وغسل وجهه ويديه وذكر رأسه ورجليه) زاد النسائي من طرق عن شعبة وهذا وضوء من لم يحدّث وهي على شرط الصحيح (ثم قام فشرب فضله) أي فضل الماء الذي توضأ منه (وهو قائم ثم قال: إن ناسًا يكرهون الشرب قائمًا) أي يكرهون أن يشرب كلٌّ منهم قائمًا، ولأبي ذر عن الكشميهني قيامًا وهي واضحة (وإن النبي ﷺ صنع مثل ما صنعت) من شرب فضل الوضوء قائمًا.
٥٦١٧ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: شَرِبَ النَّبِىُّ ﷺ قَائِمًا مِنْ زَمْزَمَ.
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا سفيان) الثوري أو ابن عيينة ورجح الأول في الفتح وجزم به المزي لأنه أشهر بصحبته وأكثر رواية عنه من ابن عيينة (عن عاصم الأحول عن الشعبي) عامر بن شراحيل (عن ابن عباس) ﵄ أنه (قال: شرب النبي ﷺ) حال كونه (قائمًا من زمزم) وقد كان ﷺ طاف على بعيره ثم أناخه بعد طوافه فصلّى ركعتين ثم شرب إذ ذاك من زمزم قبل أن يعود إلى بعيره، واستدلّ بهذه الأحاديث على جواز الشرب قائمًا وهو مذهب الجمهور، وكرهه قوم لحديث أنس عند مسلم أن النبي ﷺ زجر عن الشرب قائمًا، وحديث أبي هريرة في مسلم أيضًا: لا يشربن أحدكم قائمًا فمن نسي فليستقئ. وعند أحمد من حديثه أنه ﷺ رأى رجلاً يشرب